نأسف للإزعاج
بقلم: مينا ملاك عازر
أحبائي وأعزائي القراء الأقباط المسلمين، نأسف لِما سببناه لكم من إزعاج بسبب أعيادنا، نعم نأسف للإزعاج، فنحن لم نكن نقصد يومًا إزعاجكم، ولم نكن يومًا طالبي تهاني أو تعييد، فقط كنا نريد أن نعيش في وطننا في أمان، وهذا أضعف الإيمان، ولا جدال أنكم لا تمانعوا في أن نعيش متساوين معًا على أرضية مشتركة. لم نطلب تهانيكم، وإنما أماننا. لم نطلب تعازيكم وإنما أمننا. لم نطلب مكانًا في قلوبكم كما لكم مكانًا في قلوبنا، وإنما نطلب مكانًا في وطننا.
نعم نأسف للإزعاج الذي سببته فتاوي شيوخكم بجواز أو حرمانية التعييد علينا في أعيادنا، فليس بالتهاني يحيا الإنسان، وإنما بالحب وبالأمن. نعرف أن كل هذه الفتاوى قد أزعجتكم وملأت عقولكم بأفكار لم تكن بها. لم تنظروا لنا على أننا آخرين، وإنما تنظروا لنا على أننا منكم وبكم. مصريون نعيش معكم تلك الفتاوى، وصدقونا نحن لسنا بحاجة لأن يجوزوا لكم أن تهنونا، فقط نحن بحاجة أن يحرِّموا دمائنا وخطف بناتنا، وهدم وحرق كنائسنا وتفجيرها، فنحن لا نطلب تهنئة من اللسان، وإنما نطلب حبًا من القلوب، فإن كانت القلوب مشغولة بفتاوى مجحفة فلا داع للتهنئة.
نأسف للإزعاج الذي سببته الفتاوى من إحراج. ورفعًا للإحراج عنكم، فنحن لن ندقق في من عيَّد ومن هنأ، من الآن فصاعدا. فنحن نعلم أنكم في مأزق بين فتاوى شيوخكم، وحب قد تكتمونه في قلوبكم. وعلى كل الأحوال، نحن نحبكم مهما كان، ومهما حدث، ومهما فتوا. فنحن نعلم أنه لا ذنب لكم.
نأسف للإزعاج يا أحبائي الشيوخ الفاتين بعدم جواز التعييد علينا بهذا السؤال: هل أيضًا تستكثرون علينا أن نعيش في وطننا ما دامت قلوبكم ضاقت بنا؟ هل لا نستحق أن تتركونا نعيش في أمان في بلد طالما بذلنا له كل غال ونفيث من دمائنا؟ هل تستكثرون علينا أن تؤمنونا على مالنا وأعراضنا وحياتنا؟ ونحن الذين لم يخرج مننا جاسوس واحد يتجسس لمصلحة بلد عدو أو صديق، وإن كان هناك فلا أظنكم تشككون في أجهزة المخابرات، ولا أجهزة الأمن القومي ببلادنا، وتعتبرونها غافلة عن جواسيسنا، وهم الذين لم يضنوا يومًا بجهدهم في ضبط الجواسيس وأعداء الوطن.
نأسف للإزعاج، وأخص بالذكر نفسي أنا، فآسف للإزعاج الذي سببته لكم بمقالي هذا، وأتمنى لكم أيامًا هانئة ليس في هذه السنة فقط وإنما إلى الأبد. فالحب الذي تعلمته جعلني أتأسف لإزعاجكم، ولا أغضب من فتاويكم، ولا ممن ينفذها، و يعمل بها، ولا ممن يجد نفسه محرجًا لتنفيذها. فصدقوني أنا وكل المسيحيين نحبكم. وقبل الختام، لكم مني ألف سلام وألف قبلة وألف شكر لكل من عيَّد علينا بمناسبة رأس السنة، وأخص بالذكر أستاذي وأبي الدكتور "محمد مؤنس"، الذي لم يكتف بتهنئتي بل اتصل بوالدتي ليهنئها بمناسبة رأس السنة، وأنا متأكِّد أنني سأتلقى فخورًا تعييده- بمناسبة عيد الميلاد المجيد- هو وكل أصدقائي المسلمين وأصدقاء عمتي وأمي، وغيرهم كثيرين ممن ينظرون للوطن على أنه وطن للجميع. وأعرف أنني أنتظر الكثير من التهاني في هذا العيد بإذن الله، ورغم أنف الجميع.
ملحوظة هامة، إن كل ما ورد بالمقال حتى الآن كنت قد كتبته يوم الخميس، وللعلم فقد فشلت خططتكم، وقد عيَّد علينا الجميع حتى كشاف النور، ورغمًا عنكم بنقول لكم وإنتم طيبين.
المختصر المفيد، كده كده بنحبكم.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :