الأقباط متحدون | "محمد" الفيلم الذى ضيعه التشدد
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:٣٣ | الثلاثاء ١٠ يناير ٢٠١٢ | ١ طوبة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٣٥ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

"محمد" الفيلم الذى ضيعه التشدد

الثلاثاء ١٠ يناير ٢٠١٢ - ٠٨: ٠٣ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: محمود عرفات

تظل العلاقة بين الإبداع والقيود شغلًا شاغلًا لكل إنتاج فكري وعلمي، بحيث تُمثل المحظورات وسيلة أكيدة أو محتملة لإيقاف العقل عن ممارسة دوره الطبيعي في الإبداع. من أهم تلك القيود نجد القيود الدينية، والتي لو تابعنا تأثيراتها على البحث العلمي لوجدنا مشكلات حقيقية، لعل نماذجها على سبيل المثال: مشكلة نقل الأعضاء البشرية، وأبحاث الجينات والخلايا. وبخلاف الجانب العلمي نجد الإبداع الأدبي، والأمثلة لا تُحصى، ولعل أشهرها: أزمة "أولاد حارتنا"، وكتب "فرج فودة"، وأزمة "نصر حامد أبو زيد".

كان الجانب الفني محل الهجوم منذ قبلة "عبد الوهاب" الشهيرة في فيلم "الوردة البيضاء" حتى مشهد "الدراويش" في فيلم "دكان شحاتة"، لكن يتبادر للذهن نموذج منسي، أو بالأصح مُتناسى، وهو فيلم "محمد"، الآتي هو ما حدث:

في بدايات العام 1926 قرّرت الجمهورية التركية عبر وسائل إعلامها الرسمية إنتاج فيلم ديني عن حياة النبي "محمد" صلى الله عليه وسلم، بالاشتراك مع شركة إنتاج فني ألمانية (ماركوس). وتم اختيار الفنان "يوسف وهبي" لأداء دور النبي. فجأة في 26 مايو قامت جريدة "المسرح" بشن هجوم عليه، متهمةً إياه بتشبيه النبي في الفيلم براسبوتين، ثم صدرت فتوى بحرمة الاشتراك في الفيلم (علماء الإسلام الأتراك أجازوه)، وتم التحقيق في وزارة الداخلية معه، لينتهي الأمر بأمر ملكي من الملك "فؤاد" بمنعه من الاشتراك، وإلا تم نزع الجنسية عنه وطرده من "مصر"، ليضطر "يوسف وهبي" وسط صراخه من الكذب بمجلة "المسرح"، والتطرف من شيوخ المعترضين، وتشدد الملك "فؤاد"- اضطر لرفض الدور وسط أسفه، وتم إلغاء المشروع، وسط أنباء عن كون الشركة ستكلف فنان الماني يهودي بالدور.

الآن.. كيف حدث هذا؟ أو بالأصح ما هي خيوط الأمر؟
للأمر أسباب دينية وسياسية، هي الآتي:
أ- دينيًا:

1- كان الفن السينمائي جديدًا غير معروف، وبالتالي شكّل الأمر صعوبة لدى علماء الدين في تفهم الأمر، خصوصًا مع نظرتهم للسينما على أنها شئ غربي غير إسلامي.
2- لم يكن تجسيد الأنبياء والرسل مقبولًا إسلاميًا، باعتباره تجسيدًا لا يجوز، بغض النظر عن كون التجسيد بالرسم عند البعض حرام، فكان التشخيص بالنسبة لهم "حرام" قطعًا.
3- كان التشدد الديني المرافق لانتعاش المسرح واعتبار المسرح فنًا إغريقيًا غير إسلامي سببًا للتعنت، خصوصًا مع كون الشخصية للنبي صلى الله عليه وسلم والممثل هو مسرحي بارع.


ب- أسباب سياسية:
1- كان الملك "فؤاد" يكره "مصطفى كمال" (لاحقًا أتاتورك)- رئيس "تركيا"- ويشعر بالغيرة منه بصورة شخصية، فلم تكن فكرة إنتاج تركي ببطل مصري لتروق له.
2- كان الملك "فؤاد" يُجهز نفسه لمنصب الخليفة، فكان الأمر خير دعاية له شعبيًا في مزايدة ضرورية للخليفة المُقبل.
3- كانت العلاقات المقطوعة بين الجمهورية التركية والمملكة المصرية تلعب دورًا هامًا في رفض إنتاج تركي مصري بأي شكل.
ملحوظة: من العام 1925 كان هناك تمثيلًا دبلوماسيًا تحت مسمّى قائم بالأعمال بين البلدين، ولم يتم تبادل سفراء حتى عام 1948.
4- أخيرًا.. كان الظرف السياسي الداخلي يستدعي فرقعات إعلامية مشابهة لجذب وشد علماء الدين لتأييد الخليفة المُنتظر وإلهاء الشعب عن المطالبات الانتخابية.

* هكذا كان الظرف الديني والآخر السياسي سببين كافيين لتدمير مشروع فني حداثي لإظهار الإسلام بدعاية إيجابية في أوروبا، وكانت عوامل شخصية وسياسية مدمّرة لسمعة "يوسف وهبي"، وهدّدت لدرجة كبيرة مستقبله الفني.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :