بقلم : مارغريت خشويان

مديرة موقع طيباين الصادر عن الرابطة السريانية

كلما تعمقنا فيما يحصل في بلادنا والمنطقة تنكشف أمامنا فصول مأساوية من ذلك التاريخ الدموي المليءبالاحداث المؤلمة بما فيها من قتل وذبح وتفجير مراكز العبادة.
ليس بيننا من يجهل ما أصاب الشعب المسيحي وما حلّ به من ويلات واضطهاد وتدمير وتهجير وحرق كنائس وتعصب وتطرف ديني منذ اواسط القرن التاسع عشر حتى الآن. في كل من العراق والسودان ومصر والجزائر واندونيسيا ونيجيريا والهند وسوريا ولبنان. وذلك كله بهدف الغاء الآخر ودفعه اما للهجرة او القبول بالمصير المعذب وهو الشقاء بثوب الالم.


على الرغم من ان سورية تميزت بالامن والامان والروح الوطنية بين كل الطوائف والمذاهب ولم يكن فيها التعصب الديني وانما في خضم هذه الاحداث تحصل بعض التحركات التي تثير بذورا نأمل ان لا تتطور لان ما حصل قبل ايام في بلدة القحطانية في سورية بالقرب من مدينة القامشلي من قبل اشخاص مجهولين برسم اشارة (x ( باللون الاحمر على ابواب منازل المسيحيين، أعتبرت رسالة تهديد الى المسيحيين لحثهم على الهجرة وترك وطنهم الام سوريا. فهذا العمل هو مؤشر سلبي خطير في سوريا التي تمتعت بروح التسامح الديني والحياة الوطنية المشتركة بين مختلف الديانات والمذاهب والمكونات السورية . يخشى مسيحيو هذا البلد الآمن من أن يؤدي الصراع يوماً ما الى خسارتهم هامش الحريات الدينية والاجتماعية المتاح لهم في ظل الحكم القائم.


الكل يتحدث عن ربيع ثورات والدعوة الى الانتفاضات الشعبية وأنا أوجه سؤالاَ الى المحتجين هل لديهم خطة عمل عما يريدون الحصول عليه او نتاج لهذه الثورات والانتفاضات. فما هو البديل لهذه الثورات ولهذه الفوضى؟ لقد رأينا ما حل في تونس ومصر وليبيا والآن سورية الخوف من ان تمر بمرحلة فوضى تقودها بعد ذلك الى نتائج تؤدي الى تفكك الحالة الوطنية السائدة.


أكثر ما نخشاه هو ان تؤدي هذه الانتفاضات الى قيام دويلات طائفية او ان يصل الى السلطة الجديدة حكم ديني متشدد الغائي. فنظرة مستقبلية الى الواقع العربي نراه مداً اسلامياً يحاول السيطرة على كل شيء. من هنا خوف المسيحيين في الشرق على مصيرهم ووجودهم. كما تثير موجة الربيع العربي القلق مع تزايد قوة الاحزاب الاسلامية المتشددة.


وتتواصل موجة نزوح وهجرة عشرات الالاف من مسيحيي الشرق من بلادهم العام 2011 كما حدث في العراق ومصر. في الوقت نفسه، يشعر مسيحيو سوريا بالخوف من تطور الوضع على الطريقة العراقية اذا ما سقط نظام بشار الاسد.
وقد اظهرت قائمة نشرتها منظمة الاغاثة المسيحية " الابواب المفتوحة" ان احوال المسيحيين في الدول الاسلامية في تدهور مستمر، مبدية مخاوفها من تردي اوضاع المسيحيين في العالم العربي بعد ثورات الربيع العربي.


بالاضافة الى استمرار اعمال العنف وتدمير الكنائس والاضطهاد والقتل في كل من العراق ومصر ونيجيريا التي وصفت بأنها ابادة شعب.
ولا ننسى ان العالم العربي عانى من سلطات مستبدة ادت الى حصول هذه الثورات كان سببها الظلم والقهر والاساءة لحقوق الانسان ولكن اذا كان لا بد من ثورة فلتكن من اجل الحصول على حرية وديمقراطية حقيقية بالطريقة السليمة وان لا نلغي الآخر من اجل مصالحنا.
فالخوف هو من ان يكون البديل لكل هذه الانظمة ما هو أسوء. عندها لا نكون اخترنا ثورة ربيع بل ثورة خريف تتمثل بفوز الحركات الاسلامية وفوز حزب النور الديني الذي يمثل السلفيين الاشد تطرفاً فهذا الامر يفتح علامات استفهام على كل المرحلة القادمة...