كتبت - أماني موسى
قال المخرج خيري بشارة، لم أصب بالغرور أبدًا طيلة مشواري الفني، ولم أشعر يومًا بأنني قامة كبرى، وحين تم عرض فيلم أيس كريم في جليم عام 1996، خرجت من منتصف العرض وأنا أبكي، لكون أعمالي تخرج من قلبي وكياني ووجداني، وليس مجرد أعمال فنية أقوم بإخراجها فقط.
تصفيق حاد جعلني أخجل
وتابع بشارة في لقاءه مع الإعلامية إنجي علي، ببرنامج "أسرار النجوم" المقدم عبر أثير إذاعة نجوم f m، دائمًا أشعر بأن هناك شيئًا ما ناقص، فحياتنا هي رحلة للوصول إلى الكمال الذي لا ندركه أبدًا، فحين كنت في عرض فيلم "يوم حلو يوم مر" بميونيخ أخذ الحضور في التصفيق بشكل كبير ومتواصل حتى أنني شعرت بالخجل، ونفس الأمر في لندن وهولندا أثناء عرض فيلم "الطوق والأسورة"، فكنت كل ما أمشي الناس تصفق وأنا أقول ماذا فعلت للحصول على كل هذا الحب والإشادة، أنا فقط قمت بواجبي.
اتعلمت مبصش ورايا.. الماضي انتهى والنظر إليه طويلا بمثابة سجن
وأشار بشارة إلى أنه يعمل في مجال الفن والسينما منذ أكثر من 50 عامًا، وكما لا أشعر بقيمة اسمي لا أشعر بالزمن ومروره هكذا، وتدربت طيلة حياتي "أني مبصش ورايا"، الماضي هو خلاص ماضي وانتهى، ولا يجب التوقف عنده، فحينها الماضي يصبح كالسجن.
مخرج سينما أم تلفزيون؟
وعن رفض بعض المخرجين العمل بالدراما التلفزيونية وتفضيل السينما، قال بشارة: دة بيبقى حد متعالي على مهنته ومش فاهم مهنته كويس، إيه الفرق أني أخرج سينما أو تلفزيون؟ لافتًا إلى أن الدراما التلفزيونية مجهدة في عملها جدًا عن العمل بالسينما.
خناقة أحمد خان "مش عايز أعرفك تاني"
مضيفًا أن أقرب مخرج لقلبه هو مخرجين جيله وأصدقائه ويحبهم جميعًا بذات القدر، وأن محمد خان من أقرب الشخصيات إلى قلبه، على الرغم من اختلاف وتناقض شخصياتهم، فمحمد شديد الصخب، وذات مرة اختلفنا في لندن، وكنت أنا المخطئ ووجهت له اتهامات باطلة، فرج علي بعنف شديد، فأخبرته أني مش عايز أعرفه تاني، وقبل نزولي من الأتوبيس، قال لي "استنى أنا مش هسمح أبدًا أن علاقتنا تنتهي بالشكل دة، وقام باحتضاني، منذ ذلك الوقت مهما اختلفنا نتصالح في دقائق.
الحب هو أني اتاخد
وقال بشارة أنه يرى الحب أبسط من التعقيدات والأوصاف والأسباب، فحين كان يقوم بإخراج فيلم أمريكا شيكا بيكا، وكان محمد فؤاد سيحب البنت الرومانية التي تبيع على أحد الأرصفة، وحينها تناقش مع مدحت العدل حول معنى الحب، فقال الحب ببساطة هو "أني بتاخد".
مشيرًا إلى أنه ينام في مكان منفصل عن زوجته، حيث لديه طقوس خاصة تزعج زوجته، إذ يحب النوم في إضاءة قوية وصوت موسيقى وهي العكس تمامًا، حيث تنام في الظلام الدامس.
الرجل مخلوق أناني والمرأة مخلوق عظيم جدًا
مضيفًا، أنا شخص صعب شوية، جننت مراتي، ساعات أبقى هادي وساعات أبقى مجنون، أنا أرى أن الرجل مخلوق أناني، والمرأة مخلوق عظيم ذات حب كبير وعطاء أكبر من الرجل بكثير، أعتبرها مخلوق مقدس وأرقى من الرجل بكثير.
الأزمة والحب يصنعوا المعجزات
لافتًا إلى أن زوجته أصيبت في التسعينات بشلل نتيجة الإصابة بفيروس نادر في المخ، وأحيانًا كانت تشعر بالإحراج من الممرضة فكانت تطلب مني أنا أن أقوم بمساعدتها على أداء مهامها اليومية.
وبعد إصابتها بالمرض امتلئ قوامها وهي تعرف أني أحب القوام الرشيق، وحينها بكت قائلة أنت هتبطل تحبني، لكني أكدت لها بالفعل كم أحبها، الأزمة والحب ممكن يصنعوا المعجزات، وأنا قررت محبتها إلى الموت، والأمر لا علاقة له بالدين، لكن إزاي أحب أوي ومنبقاش مع بعض إلى الموت؟!
يذكر أن المخرج خيري بشارة من مواليد مدينة طنطا في 30 يونيو 1947، ويعد أحد أفراد جيل من المخرجين أعاد تعريف الواقعية في السينما المصرية خلال الثمانينيات. وعندما صدر كتاب من مكتبة الإسكندرية حول أهم مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية، ضمت القائمة ثلاثة من أفلامه هي «الطوق والأسورة» و»يوم مر.. يوم حلو» و»آيس كريم في جليم».
أنهى خيري دراسته في القاهرة والتحق بالمعهد العالي للسينما ليتخرج منه عام 1967 وترتيبه الأول على دفعته، ليذهب بعدها إلى بولندا في منحة دراسية مدتها عامين ألتقى خلالها بزوجته مونيكا. عمل مساعدًا لعدد من المخرجين المصريين والبولنديين قبل أن يبدأ في السبعينيات تقديم عدد من الأفلام التسجيلية حققت نجاحات كبيرة في المهرجانات الدولية منها «صائد الدبابات» و»طبيب في الأرياف» و»طائر النورس».
في نهاية السبعينيات قدم خيري بشارة فيلمه الروائي الأول «الأقدار الدامية»، قبل أن يأتي فيلمه الثاني «العوامة رقم 70» ليؤسس لفكرة الواقعية الجديدة في السينما المصرية، والتي استمر كأحد روادها طوال الثمانينيات، قبل أن ينتقل في بداية التسعينيات لعالم سينمائي أكثر رحابة عبر تقديم أفلام أكثر اقترابا من الجمهور مع الاحتفاظ بالقيمة الفنية العالية منها «كابوريا» و»آيس كريم في جليم» و»أمريكا شيكا بيكا». قبل أن يصير أحد أوائل المخرجين المصريين الذين أقدموا على تجربة الديجتال بتصوير فيلميه «ليلة في القمر» و»مون دوج» بكاميرات رقمية.