وسيم السيسي
بدعوة كريمة من أ. د. عبدالراضى عبدالمحسن، عميد كلية دار العلوم، جامعة القاهرة، لإلقاء محاضرة عن: «الفساد عبر العصور» لطلبة كلية دار العلوم، هذا العميد الذى جعل من هذه الكلية داراً للعلوم والفنون والآداب، وكل ما هو جميل فى الحياة.
يتكون مخ الإنسان من Paleo - Brain المخ العتيق، وهو مخ الغرائز كالأمومة، الخوف، الغضب، الجنس، هذا المخ معنا منذ ملايين السنين، زائد المخ الجديد Neo - Brain وهو معنا منذ واحد وأربعين ألف سنة فقط، ونسمى الإنسان صاحب هذا المخ الجديد: إنسان الكروماجنون «وهى منطقة فى جنوب فرنسا، عثرنا على هذا الإنسان فيها». هذا المخ الجديد بما فيه من قيم وفضائل يروض المخ القديم، مخ إنسان الغابة، وبكل أسف يقول علماء وظائف الأعضاء «جانو نج» إن المخ الجديد فارس ضعيف يركب على المخ القديم.. هذا الحصان القوى ولكن دون لجام!! ذلك لأن الخيوط العصبية ما بين الجديد والقديم قليلة جداً.
عرَّفت الفساد بالنفى! مثلاً الظلام هو غياب النور، والدولة المدنية ليست دينية ولا عسكرية. الفساد أنواعه كثيرة، ولكن أهمها: الفساد السياسى، والدينى، والإدارى. فالفساد السياسى هو غياب الديمقراطية، وهى حرية التعبير مع القدرة على التغيير، كذلك غياب النقد، وهى أعظم كلمة فى قاموس أى لغة، كذلك غياب سيادة القانون، وذكرت لهم كيف كان القانون فى مصر القديمة، وفى ولاية أركانسو، وفى إنجلترا أثناء الحرب العالمية الثانية. أما الفساد تحت شعار الدين فهو استخدامه كوسيلة للسلطة، أيضاً غياب التاريخ كوعاء للتجارب الإنسانية، أيضاً غياب الفصل ما بين السياسة، وهى لعبة قذرة، نسبية، كلها متغيرات، وبين الدين وهو مقدس، مطلق، ثوابت، ضربت لهم أمثلة بالحالة الدينية فى العصر الأموى، والعباسى، والعثمانى، وقد لخصها أبوالعلاء المعرى فى قوله:
تستروا بأمور فى ديانتهم
وإنما دينهم دين الزناديق
نكذب العقل فى تصديق كاذبهم
والعقل أولى بإكرام وتصديق!
ثم حدثتهم عن الفساد الإدارى، وعناصره: غياب الكفاءة، وغياب الرقابة، وغياب العقوبة! لماذا أصبحت كليات الطب بالوراثة؟ وقس على هذا كل شىء! كان الملك فى مصر القديمة يحذر كبير الوزراء قائلاً: اعلم أن احترام الناس لك لن يكون إلا بإقامتك للعدل! إياك أن تقرب إنساناً منك لأنه قريب منى، بل ليكن القرب منك أو البعد عنك بسبب الكفاءة وليس بسبب أى شىء آخر! «برستد».
أخيراً، بعد هذه الثلاثية حدثتهم عن دور الشعب فى الفساد! غياب الانتماء، وحين تنتمى مصر للمصريين سوف ينتمى المصريون إليها! غياب روح الفريق، غياب مفهوم المواطنة، والتى هى بحادثة الميلاد وليست بالعِرق أو الدين، أو القرب من الحاكم بالقرابة أو العمل، أو القوة المالية!
أيضاً غياب القدوة.. أين الأب، أين الأم، أين المدرس؟!
هناك قانون فى السويد يعطى الدولة حق تطليق الأبناء من الآباء إذا كان هؤلاء الآباء لا يصلحون للتربية، لأن فاقد الشىء لا يعطيه! لذا قالوا إن تربية الطفل تبدأ منذ 25 سنة قبل ميلاده، كما نقول فى أمثالنا الشعبية الجميلة: إذا كان أبوه البصل، وأمه التوم، كيف ننتظر رائحة حلوة من هذا المشؤوم؟!
نقلا عن المصرى اليوم