بعض التسميات تحمل فى داخلها من المأساة أسوأ ما تحمله الحقيقة رغم قسوتها..
يسمون الكذب «سياسة»، وسوء استخدام السلطة «سيطرة»، والبطش «أمانًا»!
يسمون القتل على أساس الهوية.. «صراع فصائل»!
العدوان التركى على سوريا أطلقت عليه السلطات التركية اسم عملية «نبع السلام»!
هل سبق أن رأيتم تبجحًا بهذا الشكل؟! تشريد الآلاف فى ساعات.. سلام! تحرير الدواعش والإرهابيين.. سلام! القتل على أساس الهوية وقصف المدنيين.. سلام!
«أردوغان» يهدد أوروبا بفتح حدوده للاجئين السوريين ليجتاحوها، وكأنهم جراد يقرر مصيره هذا الديكتاتور المخبول..
كتبوا لنا فى الكتب أن للحرب قواعد وأصولًا.. ولكنها جميعًا انتُهكت، علّمونا أن للخصومة شرفًا، لكننا رأينا كبار الساسة فى العالم يقدمون كل النماذج القبيحة والعهر فى الخصومة..
قرأنا للناس فى نشرات الأخبار عن المواثيق الدولية واحترام حقوق الشعوب فى تقرير مصيرها، وخجلنا عندما رأينا العالم يصمت أمام كل الانتهاكات التى تساندها «القوى العظمى»!
ببساطة، العالم لا يبدو مكانًا آمنًا لأى شىء، والساسة- مثل «أردوغان»، الذين يتحدثون عن السلام وأياديهم ملطخة بدماء الشعوب- هم مجرد مثال لما يحدث حقًا فى كل المستويات!
«أردوغان» يعيد كتابة نفس التاريخ القبيح لمَن يعتقدون أنهم يمتلكون الحق المطلق، ويُلبسون الباطل اسم الدين، تاريخ مكرر، فلماذا نندهش؟!
نندهش فقط لأن الحق نفسه لم يقدر كل هذه السنين على تطوير أدواته ولا على تسليح نفسه بالقوة التى تحميه!
سؤالنا اليوم: لماذا يتعامل المجتمع الدولى مع قضايا العرب بهذا الميزان الخرب؟! كيف لا يجرؤ حتى على تسمية الأمور بأسمائها الحقيقية؟ كيف يصمتون عن الجرائم التى ترقى إلى كونها كوارث إنسانية؟!
أهل سوريا لا يستحقون ذلك.. والوطن العربى لا يستحق ذلك.. لكن ربما! ربما نحن مَن سمحنا بذلك!
حقوق الإنسان لا تُحترم إلا فى الدول القوية! ولنكن أكثر تحديدًا، فحقوق الإنسان لا تُحترم إلا مع الشعوب القوية!
ستبقى قضايانا ضعيفة مادامت شعوبنا بقيت ضعيفة، وحقوقنا الداخلية مُنتهَكة فى أوطاننا العربية..
فى أوقات السلام يصبح الحديث فى مثل تلك الأمور واجبًا، وفى أوقات الحرب يصبح تفعيل «السلام الداخلى» الحقيقى فى الأوطان ضرورة لا غنى عنها..
لم تعد لدينا رفاهية الانتظار طويلًا، فالمنطقة ملتهبة، والشعوب أيضًا.
نقلا عن المصرى اليوم