الأقباط متحدون | بين عيدي الختان والغطاس
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٣:٢٨ | الثلاثاء ١٧ يناير ٢٠١٢ | ٨ طوبة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٤٢ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

بين عيدي الختان والغطاس

الثلاثاء ١٧ يناير ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم : شكري شوقي
تحتفل كنيستنا القبطية الارثوذكسية بعيد ختان السيد المسيح له المجد في 6 طوبه من العام القبطي والذي يوافق عادةً 14 يناير، في حين تحتفل بعيد الغطاس (عيد معمودية السيد المسيح في نهر الاردن من المعمدان) في 11 طوبة والذي يوافق عادةً 19 يناير.


المعروف ان الختان في العهد القديم يرمز للمعمودية في العهد الجديد. وهنا يتبادر للذهن عدة اسئلة:
كيف ان الختان رمز للمعمودية؟ إذا أُعتبر الختان في العهد القديم عهداً مع الله، فهل المعمودية عهد ايضاً؟ وهل تغني عن الختان؟ إذن لماذا اُختتن السيد المسيح وهو يعلم - بعلمه السابق الالهي - انه كان سيعتمد من يوحنا؟

للختان أهمية كبيرة عند اليهود، إذ يميزهم عن الأمم (= غير اليهود) وكان قاصراً علي الذكور. لم يكن الختان وصية عادية، ولكنه عهد بين الله والانسان المختون، فقد قال الله لأبونا ابراهيم: "هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك، يُختن منكم كل ذكر، فتُختنون في لحم غرلتكم فيكون علامة عهد بيني وبينكم.... واما الذكر الاغلف الذي لا يختن في لحم غرلته فتقطع تلك النفس من شعبها. انه قد نكث عهدي." (تكوين 17 : 10 - 14)

لماذا أُعتبر الختان عهداً؟
كان من عادة الشعوب القديمة أن تقطع عهداً بالدم سواء بكتابة وثيقة العهد بدمائهم أو بأن يذبحون ذبيحة (أو أكثر) ويشقونها إلى نصفين أثناء قطع العهد. فكان سفك الدم شرطاً لازماً لصحة أي عهد بين القبائل أو الأفراد، ولم يكن أي ارتباط مبني على علاقة دموية قابلاً للانتهاك، فالخائن الذي يشق العهد يستحق أن يُشَق حتي الموت كالذبيحة (مازالت هذه العادة قائمة لليوم فيما يُسمى مواعيد الصلح، ففيها تذبح الذبائح ليس فقط للاحتفال بل ولأخذ عهد على الطرفين بعدم الاعتداء بحسب نفس القاعدة)


وبنفس القاعدة ايضاً نجد أن الختان كان عهداً مع الله بالدم.. لماذا؟
1. لأنه يتم قطع جزء من لحم عضو بالجسد وهذا الجزء المقطوع يموت إشارة الى قطع الحياة القديمة البعيدة عن الله.
2. في اثناء عملية القطع تسيل الدماء علامة أيضاً على ان النفس التي تخالف العهد تستحق الموت
3. الختان يترك اثراً لا يمحى فهو دليل على أنه عهد بلا رجعة، كما انه دليل الانتماء إلى جماعة الله الداخلة في العهد معه وبالتالي يُعتبر المختونون فقط هم جماعة الله (تكوين 7:17، 10).
4. روحياً يرمز الختان "لقطع" الحياة القديمة في الخطية وتكريس القلب لله البار ولمواعيده والسعي لارضاءه لنوال بره. لذلك يوصي الله قائلاً: "اختنوا غرلة قلوبكم ولا تصلبوا رقابكم بعد." (تثنية 10: 16).


5. هذا العهد يتطلب من جانب الانسان الايمان ببر الله ومحبته لله وبالتالي تصديقه والإخلاص في طاعته في كل شيء، أما من جانب الله، فالله البار نفسه هو واهب الحياة وضامنها بكل خيراتها وبركاتها، فهو يضمن ليس فقط الرعاية والحماية بل أيضاً القداسة والبر. وهو لا يرجع في عهوده أو وعوده، فـ "ليس الله إنسانا فيكذب، ولا ابن إنسان فيندم. هل يقول ولا يفعل؟ أو يتكلم ولا يفي؟" (عدد 23: 19)، لذلك من يرفض او يتمرد على العهد فعقابه الموت، كنتيجة حتمية لمن يرفض الله مصدر الحياة.

لماذا أُختتن السيد المسيح؟
بما ان الختان كان عهداً مع الله، فما حاجة الابن المتجسد لعهد مع الآب.. فهو في الآب والآب فيه (يوحنا 10:14) فهو الكائن في حضن الآب (يوحنا 18:1) إذ هو والآب واحد (يوحنا 10 :30) وهو صورة الله غير المنظور (كورنثوس الثانية 4: 4) وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الاشياء بكلمة قدرته (عبرانيين 1 :3)؟ ايضاً،

طالما ان الختان فيه سفك دم للعهد، فما حاجة المسيح إليه، وهو الذي كان سيسفك دمه على الصليب لاحقاً مكرساً عهداً أخراً جديداً؟


السيد المسيح قبل الختان لأجلنا نحن البشر لعدة اسباب:
1- أطاع الشريعة التي تأمر بالختان (لاويين 12: 3) متمماً كل بر الناموس عنا ولحسابنا. فبكونه الله الظاهر في الجسد شابهنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها، أي صار مثلنا خاضعاً للناموس الذي هو واضعه، لذا كان يلزم أن يطيع الناموس ليكمل كل بر الناموس الذي فشلنا في الحصول عليه وصرنا تحت اللعنة وحكم الموت بسبب عصيانه، "لانه مكتوب ملعون كل من لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس ليعمل به." (غلاطية 3 :10) "هكذا نحن ايضا لما كنا قاصرين كنا مستعبدين تحت اركان العالم. ولكن لما جاء ملء الزمان ارسل الله ابنه مولودا من امراة مولودا تحت الناموس. ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني." (غلاطية 4: 3- 5) فبطاعة السيد المسيح للوصية أطاعت كل البشرية فيه إذ جاء كنائباً عنها. لأنه إذا كان بعصيان آدم عصت البشرية كلها فيه.. كذلك في الرب يسوع قد أطاعت البشرية كلها.. "فاذاً كما بخطية واحدة صار الحكم الى جميع الناس للدينونة هكذا ببر واحد صارت الهبة الى جميع الناس لتبرير الحياة. لانه كما بمعصية الانسان الواحد جعل الكثيرون خطاة هكذا ايضا باطاعة الواحد سيجعل الكثيرون ابرارا." (رومية 18:5، 19)
2- لانه لو لم يُختتن لما سمع اليهود له كمعلم، بل ولا قبلوه كواحد منهم.
3- أطاع الشريعة التي تأمر بالختان (لاويين 12: 3) ليعلمنا درساً عملياً في حفظ الوصايا. فكان ختان الرب يسوع كمعموديته من حيث الهدف: تكميل كل بر. (متى 3 : 15)

ملاحظات:
اشتقاقات ومترادفات كتابية ذات علاقة بكلمة الختان ومعناها:

الغير مختون = أغرل (رومية 2 :26) = أقلف (يشوع 7:5) = أغلف (تكوين 17 :14)

إذن الغير مختون يسمى أغرل (والجمع منها غُرل) وكذلك أقلف (والجمع منها قُلف): وأغلف (والجمع منها غُلف): " اذاً إن كان الاغرل يحفظ احكام الناموس، أفما تحسب غرلته ختانا؟ " (رومية 2 :26) & "وأما بنوهم فاقامهم مكانهم. فاياهم ختن يشوع لانهم كانوا قلفا اذ لم يختنوهم في الطريق." (يشوع 5 :7) & "واما الذكر الاغلف الذي لم يختن في لحم غرلته فتقطع تلك النفس من شعبها انه قد نكث عهدي." (تكوين 17 : 14) & " فقال يوناثان للغلام حامل سلاحه تعال نعبر الى صف هؤلاء الغلف لعل الله يعمل معنا لانه ليس للرب مانع عن ان يخلص بالكثير او بالقليل." (صموئيل الاول 14 :6)

كلمة الختان في الكتاب المقدس تأتي في مقابل كلمة الغرلة أو القُلفة أو الغلفة كما في: "فإن الختان ينفع ان عملت بالناموس و لكن ان كنت متعديا الناموس فقد صار ختانك غرلة." (رومية 2 :25) & " ولما راى احيور القوة التي اجراها اله اسرائيل ترك سنة الامم وامن بالله وختن لحم قلفته وضم الى شعب اسرائيل هو وكل ذريته الى اليوم." (يهوديت 14 :6) & " قائلين انك دخلت الى رجال ذوي غلفة واكلت معهم." (اعمال الرسل 11 :3)

كما أن الختان يتم في لحم الغرلة = لحم القلفة = لحم الغلفة: "وفي اليوم الثامن يختن لحم غرلته." (لاويين 12 :3) & "... وامن بالله و ختن لحم قلفته وضم الى شعب اسرائيل هو وكل ذريته الى اليوم." (يهوديت14 :6) & " وارسل داود رسلا الى ايشبوشث بن شاول يقول اعطني امراتي ميكال التي خطبتها لنفسي بمئة غلفة من الفلسطينيين." (صموئيل الثاني 3 :14)

كلمة ختامية:

يقول العلامة اوريجانوس: "ليتنا إذن نحن الذين قبلنا ختان الروح القدس في مياة المعمودية نجاهد أن نبقي مختونين في كل أعضائنا وحياتنا الداخلية، حتى ننعم بالوعد الإلهي ونكون في عهد ابدي مع الله" فلابد للانسان المسيحي الذي نال نعمة المعمودية (ختان العهد الجديد) ان يعيش بحسب هذا العهد مع الله وذلك بقطع كل رباطات الخطية ونجاسات العالم عن قلبه وكل دنس الخطية عن جسده. هذا لن يأتي إلا بعمل الروح القدس في النفس البشرية لأن الختان الحقيقي هو ختان القلب بالروح. (رومية 2: 28 ، 29)

تدريب:
1. واظب على كل وسائط نعمة الروح القدس القادر على قطع رباطات الخطية من قلبك وعقلك وجسدك وروحك.
2. جاهد ان تقطع عنك كل فكر وكل نظرة وكل صداقة وكل طريق يؤدي بك للهلاك.. "فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ." (متى 5: 29، 30)

وكل عام وانتم بخير.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :