الأقباط متحدون | وحيد حامد يكتب: فى انتظار دولة الجماعة..؟!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢١:٣٨ | الثلاثاء ١٧ يناير ٢٠١٢ | ٨ طوبة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٤٢ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

وحيد حامد يكتب: فى انتظار دولة الجماعة..؟!

بقلم: وحيد حامد | الثلاثاء ١٧ يناير ٢٠١٢ - ٢٤: ٠٨ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بداية.. وقبل الاستطراد فى التفاصيل لابد أن أعلن رأيى فى هذه الانتخابات صراحة ودون خوف من الذين انتصروا فيها، ورأيى أن هذه الانتخابات هى الأسوأ فى تاريخ مصر الانتخابى كله.. لا بسبب الرشاوى الانتخابية لأن كل الأطراف المتنافسة كانت ترشو كل حسب إمكاناته وقدراته.. وليس بسبب فساد العملية الانتخابية والسيطرة على جمهور الناخبين من البسطاء واستخدام البطاقة الدوارة بكثافة.. ولكن لأنها كانت انتخابات دينية وليست انتخابات سياسية، وكان الخيار المطروح هو المرشح المسلم والقائمة المسلمة.. أم المرشح غير المسلم والقائمة غير المسلمة.. أقول غير المسلم لأن قائمة غير المسلمين تضم الأقباط والعلمانيين والليبراليين وحتى الوفديين وغيرهم من الانتماءات الأخرى.. وإذا كان المشهد الانتخابى كما رصدته الكاميرات وكما هو ثابت فى كشوف الانتخابات يوضح بما لا شك فيه أن القوة الضاربة التى توجهت إلى صناديق الانتخابات هى سيدات البيوت والمنازل وجميع البسطاء الذين هم على استعداد تام لنصرة الدين قبل نصرة الوطن بل الموت من أجل الدين..
 

وللأسف الشديد أن التيار الدينى والأحزاب الدينية التى دخلت هذه الانتخابات عملت على تأكيد هذا الفهم الخاطئ للعملية الانتخابية، ونسيت عن عمد أن ذلك الفعل يخالف صراحة تعاليم الإسلام الحنيف وأن تضليل الناخب يعد ذنبا يحاسب عليه من ارتكبه يوم الحساب.. ويظل اللغز العظيم والأكبر قائماً والذى يفسد العملية الانتخابية من أولها لآخرها وهو قيام الأحزاب الدينية بالمخالفة للإعلان الدستورى ودخولها الانتخابات بقوة مالية هائلة، وتحولت الرشوة إلى صدقة، والتحريض إلى موعظة حسنة، والمسلم إلى كافر لمجرد أنه خارج هذا التيار ولا يشاركه الإنشاد والدق على الدفوف..

ولا أجد أى حرج فى القول بأن حزب الحرية والعدالة حزب دينى، وأيضاً حزب النور والجماعة الإسلامية والفضيلة وغيرهم.. وهنا نحن أمام أمرين لا ثالث لهما، إما أن هذه الأحزاب جميعها باطلة وقائمة بالمخالفة للإعلان الدستورى.. وإما أن يكون الإعلان الدستورى ذاته باطلاً، وبالتالى يقع باطلاً كل ما جرى فى مصر المحروسة فى هذا الوقت.. قد يتبرع أحد ترزية القوانين بالفتوى الزائفة التى تقول إن هذه الأحزاب ليست دينية، لأن الأوراق المقدمة منها إلى لجنة شؤون الأحزاب ليس فيها ما يوحى بأنها أحزاب دينية.. وهنا نقول إلى متى الزيف والخداع؟..
 

وهل العبرة بالأوراق أم بالأفعال والتصريحات المعلنة.. ولكن على ما يبدو أن هذا الأمر كان على هوى رجال المجلس العسكرى، الذى كلما أراد الخروج من حفرة يقع فى دحديرة، حتى إنه أغمض كل عيونه عن هذه المخالفة «الدستورية» الفاضحة، أيضاً جميع القوى السياسية الأخرى التزمت الصمت ومازالت، دون سبب واضح أو مفهوم، وهناك أسباب أخرى كثيرة تجعلنى كمواطن مصرى لا أقر بسلامة هذه الانتخابات، وطبعاً هذا رأيى الذى أراه صواباً يقبل الخطأ، ولكنى لا أستطيع القول بأنه الصواب المطلق أو الخطأ المطلق، ولكن حرية الرأى مكفولة إلى أن يأتى اليوم الذى يتم فيه الكشف عن كل ما هو مستور..

وكون أن هذه الانتخابات بحالتها هذه قد جاءت بحزب جماعة الإخوان إلى مقاعد الأغلبية.. وطالما أنها إرادة شعبية فأهلاً وسهلاً بالديمقراطية ومرحباً بها.. ومرحباً بالجماعة وهى تحكم.. الآن جاء وقت تحقيق الأحلام والوعود.. فالذى يعد الناس بالجنة على الأرض عليه أن يستعد لدخول النار إذا لم يحقق ما وعد الناس به.. وجنة أهل مصر على الأرض تبدأ برغيف العيش وتوفير القوت اليومى للبشر وحقهم فى التعليم المحترم والرعاية الصحية، التى تدفع الأذى وجميع الأمراض عنهم.. وتوفير فرص العمل الحقيقى الذى يفرز محصولاً وإنتاجاً.. ورعاية العلوم والفنون والآداب والحفاظ على قوة الجيش الرادعة لأى عدوان وتوفير الأمن الحقيقى للمواطن وفرض النظام والاستقرار، وكل هذا قليل من كثير تتطلبه الدولة المستقرة والآمنة اقتصادياً واجتماعياً، فأين الجماعة من هذا كله؟..
 

الأمر هذه المرة مختلف تماماً، ليس خدعة زجاجة الزيت وكيلو السكر وباكو الشاى وكيلو اللحم.. نحن هذه المرة أمام مشاكل حقيقية ومطالب قومية وأزمة اقتصادية تقصم ظهر الوطن.. ولأن الجماعة طوال تاريخها، وهى جماعة ضغط وابتزاز سياسى.. فإنها تريد أن تلعب دون أن تنزل إلى أرض الملعب.. لا تعرف القتال ولكنها تعرف التحريض عليه دون تقاتل معركة بناء أو تنمية.. مثلاً.. الجماعة تبيع الوهم للناس فى مصر بأنها القادرة ولا أحد غيرها يمكنه إنقاذ مصر.. وتدفع بالمهندس خيرت الشاطر على اعتبار أنه طلعت حرب الجديد وأنه الخبير الاقتصادى المحنك والرجل، مع احترامنا لشخصه، رجل أعمال متخصص فى استيراد الأثاث من تركيا، بالاشتراك مع السيد حسن مالك.. وأيضاً محال الملابس الخاصة بالمحجبات.. وشركة أخرى فى محال البقالة بالإضافة إلى تجارة الأراضى وتسقيعها.. ولو أردنا التحامل عليه لقلنا إن نشاطه التجارى هذا يدمر صناعة الأثاث فى مصر.. ورجال الاقتصاد يفضلون المصدر ولا يرحبون بالمستورد.. لأن اقتصاد الدول يقوم على إنتاج المصانع الكبيرة والصغيرة والمزارع واستغلال الموارد الطبيعية بأفضل الوسائل.. أما اقتصاد الجماعة فقائم على السلع الاستهلاكية والتجارة فيها.. ورجال الاقتصاد الحقيقيون فى مصر هم الذين أخبرونا بأن الاقتصاد الطفيلى يدمر أى دولة..
 

صحيح أن المهندس خيرت الشاطر هو الذى يتولى التخطيط والتمويل داخل الجماعة، وهو يقوم بدوره على أكمل وجه، أما عندما يتم بث الشائعات بأنه رئيس وزراء مصر القادم فنحن نقول له أهلاً وسهلاً.. أهلاً وسهلاً إذ ربما.. ولكن هذا لن يكون بإرادة الجماعة نفسها، لأنها لا تقدر على تحمل هذه المسؤولية الثقيلة، وستحاول الجماعة تبرير هذا الانسحاب المخزى بما شاء لها من تبريرات، خاصة أن لديها عباقرة فى فن المراوغة وإتقان الحيل، والجماعة لن تقامر بهذه الأغلبية وتكشف عجزها أمام الجماهير التى منحتها الأصوات حتى تجد نفسها محل سخط، بعد أن كانت محل استحسان.. وسنأخذ معها شعار «الإسلام هو الحل» الذى تنادى به إلى موقف لا نرضاه للإسلام لأن الفشل فى حالة حدوثه عائد إلى البشر وليس دين البشر.. الجماعة تريد أن تحكم وهى تجلس فى مدرجات الأولى.. تتفرج على اللاعبين وتوزع عليهم اللعنات وأيضاً البركات.. وفى حالة النجاح يكون الفضل للإدارة الحكيمة والشريفة والمؤمنة وفى حالة الفشل يكون اللوم كله على الذين فى أرض الملعب.. وعليه نحن نقول للجماعة بكل القبول والترحاب..
 

تعالوا واحكمونا لا أخابكم الله.. ونقول للمجلس العسكرى يكفى أنهم خدعوك أكثر من مرة فلا تدعهم يخدوعوك هذه المرة.. اتركها لهم حتى نراهم عن قرب.. وعد إلى دولتك دولة القوات المسلحة التى لا يستهان بها والمنوط بها حماية هذا الشعب من كل عدوان.. اتركها لهم كما تركت لهم مصر كلها بكامل إرادتك وصرت تابعاً لهم ومنفذاً لأوامرهم وكأن على رأسك بطحة كانوا يتحسسونها كل برهة.. كنت على هواهم طوال الوقت وفعلت لهم كل ما كانوا يحلمون به وتجاهلت كل القوى السياسية الأخرى إرضاء لهم وقلبت الهرم من أجلهم وجعلت الدستور بعد الانتخابات وجعلتنا أضحوكة، ناقص إيه..؟ الحكومة..؟ ياخدوها يا سيادة المجلس.. لأنك لن تقدر عليهم.. ولكن الشعب يقدر عليهم لأنهم الآن أصحاب شرعية.. وأنت تملك شرعية مؤقتة ومطعوناً عليها.. ولكن الشعب يقدر عليهم وعليك ونحن فى النهاية لا نود أن يهزم الجيش شعبه، ولا نود أن يهزم الشعب جيشه.. ولا نود أن تهزم الجماعة الشعب والجيش معاً..
 

نحن لا نريد دولة الخلافة.. ولا نعتقد أن الجيش يريد دولة الخلافة.. أقول الجيش ولا أقول المجلس العسكرى الغامض والمحير والذى يعمل ضد نفسه.. لقد عاشت جماعة الإخوان عمرها كله وهى مطاردة ومنبوذة من كل الحكومات ماعدا الحكومات المستبدة والمرفوضة شعبياً مثل حكومة صدقى باشا وعلى ماهر وظلت تتباكى على نفسها وهى تعانى القهر وفى الوقت ذاته لا تتراجع قيد أنملة عن تنفيذ مخططاتها وتدريب كوادرها وتوسيع قاعدتها.. وكانت تحظى بتعاطف إنسانى على اعتبار أنها الجماعة الدينية المظلومة والمطاردة بالقمع والتخويف، أما وقد جاءت المرحلة الثالثة وهى مرحلة جنى الثمار حسب خطة المرحوم حسن البنا وبعد أن تم الاستيلاء على ثورة الشباب وخنقها وتشويه عذريتها بمشاركة أكثر من طرف حيث كان الجيش والإخوان والتيار الدينى بكامله «إيد واحدة» وليس الشعب والجيش «إيد واحدة» كما كان ينطلق الشعار..
 

ولأن جماعة الإخوان لا ترى إلا نفسها ولم تر إلا نفسها فقد تلاعبت بكل القوى السياسية حتى تمكنت من فرض إرادتها على الجميع وأولهم المجلس العسكرى الذى فرض عليه السمع والطاعة فسمع وأطاع فكان التخبط والفشل وانعدام الرؤية حتى إن غطرسة الإخوان انتقلت بالعدوى إلى المجلس العسكرى الذى يعانى الآن من رفض الشباب الثائر له ويحارب معركته الإعلامية بأسلحة «قديمة» وذخائر فاسدة فى الوقت الذى ابتعدت عنه الجماعة بعد أن استقوت وتحصنت بأغلبية برلمانية.. ابتعدت ولكنها مازالت تغازله بطريقة إرسال القبلات عبر الهواء.. وبدون شك أن المجلس العسكرى خسر الكثير من شعبيته وعملت الجماعة على تأكيد هذه الخسارة، خلعت المجلس العسكرى وليس هو الذى خلعها لأنها لم تعد فى حاجة إليه، تركته يواجه اتهامات قتل الثوار وتعذيب الثوار وهتك عرض الثوار وقلع العيون وأصبحت الشتائم تطلق وتوجه علناً للمجلس بكامل أعضائه..
 

لأن هناك آلة إعلامية تعمل بكفاءة وقدرات هائلة ضد المجلس العسكرى، وفى ظنى واعتقادى أن القوات المسلحة لو تركت الساحة المصرية الآن وفى هذا الوقت رغم كل الأخطاء والخطايا التى ارتكبها المجلس العسكرى على مدار العام فإن مصر لن تصل إلى بر الأمان فى وقت قريب أو حتى محدد المدة، والصواب أن نعمد حتى بلوغ الموعد الذى فرضه المجلس على نفسه لتسليم السلطة إلى رئيس منتخب.. وحتى لو تخيلنا أن الجيش أراد تسليم السلطة الآن وفوراً فإلى من يسلمها؟.. ومن ذا الذى سيقبل بها.. من سيقبل بهذه «الخرابة» فى هذا الوقت.. كل الذين عملوا على خرابها يتفرجون عليها فى شماتة.. وكل الذين ذبحوها من كلاب السياسة يلتفون حولها وهم فى حالة شر وكل واحد منهم جهز أنيابه لينهش نهشة.. وجميعهم لا يعلم أن مصر وإن هانت وضعفت يصعب بلعها لأنها تخنق كل من يحاول ذلك.
 

ونعود إلى الجماعة التى تعيش أفراح مرحلة «جنى الثمار» وهى مخدرة بالنشوة والزهو وتطاوس قادتها بعد أن حققت قوافل التكاتك وعربات نصف النقل المحملة بالبسطاء إلى مقار اللجان من حصد الأغلبية البرلمانية.. نقول إنها محاطة بأغلبية طيبة وبريئة حسنة النية أوصلتها إلى ما وصلت إليه الآن.. ولكنها فى نفس الوقت كشفت وجهها الحقيقى وأخرجت أنيابها وأصبحت تواجه معارضة واعية ومدركة ورفضاً من قبل شرائح اجتماعية وسياسية وأيضاً دينية، لم يعد صراع الجماعة مع الحكومات المتعاقبة والنظم السياسية.. صراع الجماعة الآن مع قطاعات شعبية مؤثرة يصعب خداعها لأنهم بطبيعتهم ضد مبدأ السمع والطاعة، وجميعهم عرفوا طريق الخروج والثورة حتى لو كانت الثورة على خليفة المسلمين ذاته.. كل عقلاء مصر يعرفون أن أهم إنجازات الثورة.. أن شعب مصر عرف طريق الثورة.. ولا أظن أنه سيعود إلى الرقاد من جديد ويخضع لأى حكم لا يرضى به.

نقلا عن المصري اليوم




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :