د/ عايدة نصيف
خطر داعش يعود من جديد مع العدوان التركي على شمال سوريا، ويجلب معه المزيد والمزيد من التهديدات للأمن القومي العربي، فالضربات التي أصابت معاقل قوات سوريا في الشمال السوري تهدد بفتح الباب لعودة التنظيم الإرهابي "داعش"، حيث تحتجز القوات الكردية ما يقرب من 15 ألف عنصر من عناصر التنظيم، مما أدى إلى ترك أعداد كبيرة من المُكلفين بحراسة هؤلاء الإرهابيين لأماكنهم لصد الهجوم التركي؛ ونتج عن ذلك هروب عناصر التنظيم الإرهابي.
فالعثماني الإرهابي "أردوغان" يناضل بقوة من أجل نشر داعش والإرهاب في المنطقة العربية، فمنذ ما أطلق عليه بثورات الربيع العربي انبرت المحاولات لمساندة جماعات الإرهاب -وفى الصدارة جماعة الإخوان- للانتشار، محاولة منها لتفتيت سوريا والعراق ومصر، ورأينا ما رأيناه في السنوات السابقة من فعل عثمانلى إرهابي ذات صفات دموية.
فالهجوم التركي الحالي على شمال سوريا يؤكد للجميع يد النظام التركي بقيادة "أردوغان" في دعم الجماعات الإرهابية والتنظيمات لتأجيج النزاعات المسلحة الداخلية، ومن ثم أصبحت هذه الجماعات طرفا في معادلة هذه النزاعات، ويأتي النزاع في سوريا في مقدمتها.
وأتذكر في ذروة تصاعد وهم الخلافة الذي أعلن عنه تنظيم داعش في العراق وسوريا، كيف كان مطار "كمال أتاتورك" في إسطنبول يستقبل الآلاف من الإرهابيين القادمين من مختلف أنحاء العالم، ومن ثم عبروا الحدود التركية السورية للالتحاق بالتنظيم الإرهابي؛ فقد شكلت تركيا معبرًا هامًا ورئيسيًّا لتصدير الإرهابيين إلى المنطقة، فمنهج "أردوغان" اللاإنساني هو إيواء من هم ضد الإنسانية وضد الدين.
وأخيرا أطلق عدوانا وحشيا يستهدف شمال سوريا ضاربا بعرض الحائط أي انتقادات عربية ودولية، فهو يريد إضعاف نفوذ أكراد سوريا الذين اكتسبوا اعترافا دوليا بعد نجاحهم في القضاء على تنظيم داعش، وفرض أنفسهم كلاعب أساسي على طاولة الأزمة في سوريا، وبالتالي كانت الخطوة المقبلة لهم ستصبح حصولهم على حق الإدارة الذاتية، ومن ثم فضربة "أردوغان" الوحشية تمثل القضاء على حلم دولة كردية تضم أكراد سوريا والعراق وإيران وتركيا.
وسمى تصرفُه اللا إنساني "بنبع السلام" وفى الحقيقة السلام لم يعرفه قط، فهى إن جاز التعبير الدقيق هي "نبع الإرهاب"، والتطرف والدموية.
وقد رفضت مصر بصورة قوية هذا العدوان ودعت لاجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية لبلورة خطوات وآليات للتصدي لهذه الهجمة الإرهابية، ليس على سوريا فقط، ولكن على مستوى الأمن القومي العربي في المنطقة.
وفى اعتقادي أنه يجب أن تؤخذ عدة خطوات إجرائية على أرض الواقع بجانب هذه المجهودات، أولها إعادة النظر في العلاقات الاقتصادية العربية التركية والتي شهدت نموًا متصاعدًا لصالح الاقتصاد التركي في السنوات السابقة، مع ضرورة تقليص العلاقات الدبلوماسية مع انقرة..
بالإضافة إلى أنه يجب تشكيل قوة عربية مشتركة، والتي سبق وتم طرحها ووافق عليها قادة العرب في القمة العربية التي عقدت بشرم الشيخ في نهاية مارس 2015، لأن تشكيل هذه القوة هي بمثابة أمن قومي عربي للمنطقة، فلا تكفى الانتقادات الدولية والنعرات الفارغة يجب التحرك على الأرض لصد الإرهاب الذي ينتشر في دول كثيرة.