الأقباط متحدون | الإخوان‏..‏ والتحكم في سياسات التعليم
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٢:٠٢ | الاربعاء ١٨ يناير ٢٠١٢ | ٩ طوبة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٤٣ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الإخوان‏..‏ والتحكم في سياسات التعليم

بقلم: محمد ابوالفضل | الاربعاء ١٨ يناير ٢٠١٢ - ٣١: ٠٨ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

من حق كل تيار سياسي أن يعمل بالطريقة التي تحقق أهدافه‏,‏ طالما أنه يلتزم بالمعايير الوطنية‏,‏  لكن ليس من حقه أن يستفيد من الفراغ الحاصل في بعص القطاعات للوصول إلي أغراض معينة, لا تخصه وحده, بل تتعلق بمصير بلد, نقطة ابداعه الحقيقية في تنوعه. وما يحدث في مجال التعليم الآن يفتح الباب لتساؤلات كثيرة حول ما تقوم به جماعة الإخوان المسلمين من تدخلات مباشرة لهندسة هذا القطاع علي طريقتها.
عندما صبغ عدد من المدرسين أسئلة امتحانات بعض المراحل التعليمية بصبغة سياسية معينة, كنت أتصور أنها اجتهادات شخصية. وبعد أن بحثت في هذا الملف وجدت أن المسألة تتعدي الاجتهاد وتتجاوز الصدفة. واكتشفت أن وراء أسئلة التعبير التي طالبت الإشادة بالمجلس العسكري وتهنئة حزب الحرية والعدالة ونعت الثوار بالمفسدين, قصص مثيرة وخطط وإجراءات يتم تنفيذها في هدوء في مجال التعليم, باعتباره أحد أهم المجالات حيوية وأشدها تأثيرا في وعي الناس. ومن يمسك مفاتيحه المعنوية حاليا يتحكم في زمام كثير من الأمور السياسية مستقبلا.

 
الظاهر أن من وضعوا بعض الأسئلة أرادوا نفاقا اجتماعيا, وفي الباطن عبروا عن موقف سياسي محسوب باقتدار وله جذور وخلفيات تدعمه. بدليل أن الأسئلة, سواء في اللغة العربية أو الإنجليزية, لم تكن قاصرة علي مرحلة أو إدارة تعليمية واحدة, حيث شملت عدة إدارات وفي محافظات مختلفة (القاهرة والجيزة والشرقية والغربية والبحيرة وقنا). ومع أن وزارة التربية والتعليم تعهدت بمعاقبة من شارك في وضع امتحان من هذا النوع, إلا أن الموقف تكرر بعد ذلك وفي نصوص ومدارس متعددة. وهناك مدرسون أكدوا عدم تعرضهم لأي تحقيق أو لوم. وانقسم المسئولون إلي قسمين. أحدهما, قال إن تعليمات الوزارة تطالب بعدم التطرق لملفات سياسية ودينية في الامتحانات. والآخر, أوضح أن هناك توجيهات من وزارة التربية والتعليم تطالب أن تواكب الأسئلة الأحداث السياسية. وبصرف النظر عن التناقض في التبريرات, فالموضوع أخطر من ذلك, لأنه يحتوي علي معاني تصب في صالح تيار محدد وتحرض علي تيارات أخري. ويمكن الوقوف عند نقطتين تفسران من وجهة نظري بعض الغموض الذي صاحب موضوع الأسئلة السياسية.

 
النقطة الأولي, أن وزارة التربية والتعليم بعد الثورة فتحت خطوطا ساخنة مع جماعة الإخوان المسلمين. وقد ظهرت ملامحها مع وزارة الدكتور أحمد جمال الدين موسي, عندما اتسع نطاق المظاهرات في عدد كبير من المدارس وشملت معظم أنحاء الجمهورية. ونجح المعلمون الذين ينتمون للإخوان في القيام بدور مهم في وقف الإضرابات. وفتحت قنوات الاتصال بينهم وبين الوزارة. وبرز فيها دور شعبة التعليم في الجماعة, من خلال رئيسها الدكتور أحمد الحلواني والأستاذ حسن العيسوي نقيب معلمي الإسكندرية وصاحب إحدي المدارس الإسلامية. بعدها حدثت لقاءات مستمرة بين الجانبين, أدت إلي تفاهم حول ضرورة الحوار بشأن قضايا تعليمية كثيرة, وقتها كان جمال العربي (الوزير الحالي) وكيلا للوزارة وملما بتفاصيل وتعقيدات جميع الحوارات والزيارات. وعندما تولي العربي حقيبة التربية والتعليم في وزارة الجنزوري, كان تأثير الإخوان أصبح قويا واتسع بصورة كبيرة. وجاءت نتائج انتخابات مجلس الشعب لتعزز الثقة والتفاهم المتبادل, حتي يمكن تمرير القوانين المطلوبة في البرلمان بأقل قدر من المشاكل والتعقيدات.

 
الواقع أن تأثير الإخوان في التعليم لم يعد خافيا علي كثيرين ممن لهم علاقة وثيقة بالعملية التعليمية. بالتالي عندما يقوم مدرس بوضع أسئلة امتحانات تشيد بالمجلس العسكري وتهنيء الحرية والعدالة وتلعن الثورة, هو يريد أن يؤكد ولاءه للمجلس الذي سمح له بممارسة هذا الدور, مقارنة بوقت سابق كان يتم فيه استبعاد كل من له علاقة بالإخوان من المشاركة في وضع الامتحانات, ويريد أيضا التفاخر بفوزحزب الحرية والعدالة, والتقليل من شأن الحركات الأخري. وهو يدرك أن لديه ما يكفي من وسائل الحماية داخل الوزارة, التي جعلته يملك شجاعة نادرة في تكرار مآسي التعليم في عهد النظام السابق. حيث كانت غالبية الامتحانات تتضمن سؤالا عن رئيس هذا النظام وفضائل زوجته. وكلنا يتذكر حكاية التلميذة آية قبل عامين والتي كتبت في موضوع تعبير أن مبارك عميل للأمريكان وجري تحويلها إلي التحقيق حتي عفا عنها مبارك شخصيا. والآن يقوم مدرسون بوصف الثوار أنهم مفسدون, مع أنهم ساهموا في فك أسر الإخوان من قبضة النظام السابق, والمظاهرات تعطل الانتاج وحركتا6 إبريل وكفاية يقومان بالوقيعة بين الجيش والشعب, دون أن يتم اتخاذ إجراء حقيقي مع هؤلاء المعلمين. الأمر الذي يشير بالرضا ومباركة أفعالهم.

 
أما النقطة الثانية, فهي تتعلق بسيطرة جماعة الإخوان المسلمين علي عدد كبير من النقابات التعليمية الفرعية. وهو ما يعني أن هناك قطاعا مؤثرا من المنتمين إليها والمحسوبين عليها والمتعاطفين معها يقوم بدور معتبر في العملية التعليمية. مثل وضع أسئلة الامتحانات وتوجيهها نحو تيار سياسي معين. والتأثير في خطر سير المظاهرات والاعتصامات وصولا إلي الدور المهم في تشكيل وعي ووجدان التلاميذ, بالسلب تجاه تيار سياسي والإيجاب نحو تيار آخر. من هنا أشعر بخطورة الدور السياسي الذي يقوم به الإخوان في مجال التعليم. فإذا كان من حقهم أن يمارسوا دورهم الرقابي والتشريعي داخل البرلمان, فليس من حقهم أن يقوموا بهذا الدور خارجه. وحتي داخل البرلمان نفسه, أعتقد أنهم من الذكاء لأن يكونوا أكثر حرصا علي ادراك قيمة التنوع الثقافي الذي تتسم به مصر. فالتحكم في مفاصل العملية التعليمية تخطيطا وتنفيذا يضر بأهم مكتسبات الثقافة المصرية, وهي القدرة العالية علي التعايش والاحترام بين جميع التيارات. ولنلاحظ ردود الفعل التي حدثت بسبب بعض أسئلة التعبير لدي أولياء الأمور, والتي كشفت في محتواها عن رفض لهذا الاتجاه, فما بالنا إذا حوت بعض المناهج قصصا من سيرة الإخوان المسلمين؟

 
لا أقصد بهذا الحديث التقليل من نجاح الإخوان في الانتخابات أو حقهم في ممارسة دورهم التشريعي, لكن هذا جرس إنذار يفرض عليهم الرشادة وعدم حرمان القوي الأخري من المشاركة في هندسة العملية التعليمية, فهي ملك للجميع. ورغم أن ما يجري في وزارة التعليم العالي لا يقل خطورة عن التربية والتعليم, لكن ثقتي في حكمة الإخوان كبيرة, حتي يخرج قانون تنظيم الجامعات بصورة متوازنة, لأن كواليس الحوارات التي جرت حوله وغيره من قوانين إصلاح التعليم حتي الآن, تشير إلي حرص الجماعة علي أن تكون لها اليد الطولي في كل كبيرة وصغيرة, من خلال شخصيات تنتمي إليها. وإذا كانت التقديرات الحزبية تعطي للإخوان الحق في ذلك, فإن الحسابات السياسية تفرض عليهم مراعاة ميراث الثقافة الوطنية.

نقلا عن الاهرام




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :