بقلم سامح سليمان
للأسف صحوت من نومي كما هي العادة بسبب صوت أمي المزعج ،خرجت من حجرتي لأذهب إلى الحمام، هممت بالدخول ولكن أجبرت على الانتظار، فقد أستطاع أن يسبقني إليه ويحتله أحد من اختارت لهم الصدفة الكثير من صفاتهم وفرضت عليهم الاشتراك في مأساة القذف للحياة والوعي بالوجود.
كم تمنيت الاختفاء لكل من يقاسمني الحياة حتى
لا أجبر على انتظار خروج أحدهم من الحمام.
تم الجلاء بعد فتره ليست بالقصيرة، أسرعت بالدخول، بدأت بغسل أهم نافذة من نوافذي على العالم،ثم أسناني التي أعتدت على تنظيفها للحفاظ على جودتها نظراً لكثره الاحتياج لاستخدامها.
بصقت على أسرتي من نافذة غرفتي دون أن يشعروا كالعادة أو يحترقوا كما أتمنى، تناولت بعض الطعام في عجالة ثم ارتديت ملابسي وهممت بترك المنزل والذهاب إلى العمل للدخول إلى حلبة التصارع من أجل المال الذي يمكنني من حيازة بعض الكرامة والتقدير، واقتناص قدر من السعادة وراحة البال يتغير بتغير مقدار ما لدى من هذا الوقود الغير مستحق إلا بأن يدعى أكسير الحياة .
لقد تذكرت شيء هام، يجب أولاً أن أتأكد من سلامة أظفاري، نعم هي سليمة ومازالت بنفس حدتها وقوتها المعتادة، ها هي المرأة سأذهب أليها لأتأكد من جودة هندامي، ولكن لا لن أفعل فربما لا أرى شيئاً .
ما هذا الصوت ؟ إنه نفس الارتباك المعوي اليومي،لا أعرف ماذا أفعل الآن لأحصل على الراحة والاسترخاء، هل أتقيأ أم أتغوط ؟
التغوط أفضل ، فهو يريحني ولا يسبب ألاماً في المعدة كما يسببها التقيؤ، كما إنني لا أريد أن أخسر ما تناولته من طعام مجاني لم أدفع شيئاً من ثمنه، فإذا قمت بالتقيؤ الآن سأضطر إلى شراء غيره للتغلب على الشعور بالجوع، وللأسف لم يتبقى أي شيء من طعام الفطور، فأنا على يقين تام بأن الحيوانات الشرهة الجالسة على المائدة قد ألتهمته عن أخره،ليس جوعاً أو لجودته أو تلذذاً بطعمه الشهي ولكن عن طمع وأنانيه، سأشرب كوب من الماء لتسهيل عملية الإخراج، ثم أذهب إلى الحمام،سآخذ معي هذا الشيء الورقي الملقى على الأرض، إنه منشور البلاهة والأكاذيب الموجهة الخاص بالأمس، أو ربما اليوم، لا فارق ، سآخذه معي إلى غرفة التنظيف الجسدي لأتسلى به وأنا أخرج فضلاتي وأيضاً لأعرف ما يحدث اليوم وسيحدث غداً.
ها هو الحمام،اللعنة، ما هذه الرائحة العفنة ؟ لن أغلق الباب سأبقيه مواربًا للتخفيف من تلك الرائحة النتنة وأيضًا حتى يشاركوني معاناتي، ها قد تخلصت من البنطال وما أسفله وجلست على المرحاض بعدما قمت بتنظيفه أكثر من مره وبدأت بقراءة المنشور ، كما توقعت أكاذيب تفاهات، تفاهات أكاذيب ، أكاذيب أكاذيب ، تفاهات تفاهات، لكن ياله من حدث جلل يحدث الآن فضلات تدخل إلى العقل وأخرى تخرج إلى المرحاض وأنا لست إلا مجرد معبر، الفارق الوحيد أن الفضلات التي يحتويها المنشور متناثرة في أكثر من مكان ويحصل صاحبها على المال بينما للأسف الفضلات التي أخرجها أنا لا أتقاضي عنها أي مقابل، رغماً عن صلاحيتها للاستخدام في عدة أمور كالرسم وصناعة التماثيل ، فكم رغبت أن أصنع بها تماثيل توضع في أهم وأشهر الميادين العامة وأن أرسم بها على حوائط المنازل والمؤسسات التعليمية لوحات فنيه جميله، أجمل كثيرًاً من وجوه العديد من البشر.
يا له من ألم ويا لها من معاناة، يبدوا أنني قد أصبت بالبواسير،فأنا مدمن للشطة والفلفل الحار لعدة أسباب منها فتح الشهية وتغيير طعم (طبيخ) والدتي البشع المقرف، المرغم على تناوله بسبب عدم امتلاكي لما يكفى من المال لاستبداله بطعام أخر .
ما هذا ً؟ صباح القرف ، إنه نفس الحدث اليومي المتكرر ، لقد انقطعت المياه كما هي العادة، غير مهم ، لقد احتطت للأمر وأحضرت معي الصحيفة، الحالة الوحيدة التي تتجلي بها أهمية الصحف هي استخدامها في تنظيف ما يجب تنظيفه، انتهيت من تلك العملية الشاقة ولكن للأسف الأوراق لم تكفي، فاستخدمت ستارة الحمام والفوطة الخاصة بوالدي.
وبالطبع لم أستخدم طارد المياه حتى يتمكن شخص أخر من المشاهدة..
ارتديت البنطال ثم ما أسفله،اللعنة ليس هذا هو النمط السائد مع أنه جميل وجذاب ويشبه رداء سوبرمان،ارتديت ما أسفل البنطال ثم البنطال خرجت من المنزل،مشيت لفترة وشاهدت مشهد معتاد لبعض الكائنات البشرية القذرة تعذب كلب صغير غير قادر على الدفاع عن نفسه وتأديبهم ، شعرت بالتعاطف معه وأشفقت عليه وسعيت إلى تخليصه من قبضتهم ، تعاركت معهم لفظياً وتبادلنا مختلف أنواع السباب والأصوات الخارجة من الأنف والإشارات البذيئة بالأصابع والتهديد بالقتل وانتهاك العرض الخاص لكل طرف ولأبيه وأمه _ بالطبع مع التركيز على الأم كما هي العادة،ولقد أبتسم البعض بتلذذ عند قيامي بالتهديد بذلك يبدو أن هذا الأمر كان على هواهم وكانت لديهم رغبه فى أن أفعلها بهم _ ولكنهم للأسف لم يتركوه إلا بعدما ألقيت أليهم بورقه ماليه من فئة الخمسة جنيهات ، فتركوا الكلب وتعاركوا سوياً عليها كذئاب مسعورة _ كم أتمنى أن تدهسهم أي سيارة مسرعه وتفر هاربة وتتركهم جثثاً أبصق عليها ثم أسترد ورقتي المالية الحبيبة _ طالت المعركة واستمتعت كثيراً بمشاهدتها حتى تمكن أكثرهم مكراً وقوه كالمعتاد من الانتصار وحصاد الغنيمة.
أخذت ذلك الكلب الضعيف الأجرب وقمت بتنظيفه بقدر ما استطعت واشتريت له قليلاً من الطعام وأطعمته ثم بدأت في تحريره من طوقه المقيد له وما أن تخلص من الطوق حتى قام بعض يدي وجرى مسرعاً بخسة وحقارة، حقاً صدق من قال أن في الشفقة تكمن أعظم مخاطركم، كم شعرت بالحنق والغضب من ضعفي وغبائي اللذين قد تجسدا في شفقتي، ولكن بعد قليل جداً من الوقت انمحى غضبى وشعرت بالسعادة وبلذة ناتجة عن نعمة التشفي، ما هذا الشعور الممتع ؟! لم أكن أعلم أن التشفي والشماتة بتلك اللذة والروعة الهائلة ! لا أستطيع أن أتمالك نفسي من كثرة الضحك،لقد صدمت أحدى السيارات ذلك الكلب الأبله ودهسته بقوه حتى مات وتهشمت رأسه وانفجرت عيناه وخرجت أحشائه القذرة العفنة من مكانها وتناثرت أشلائه، يا له من مشهد جميل و رائع حتماً سأحتفظ به،لا بد أن أقوم بتصويره بكاميرا الهاتف المحمول ثم تكبيره وطباعته لوضعه داخل أطار غالى الثمن يليق بجاذبيته.
للأسف صحوت من نومي كما هي العادة بسبب صوت أمي المزعج ،خرجت من حجرتي لأذهب إلى الحمام، هممت بالدخول
كم تمنيت أن تكون سيارتي أنا التي قتلته، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.
تابعت سيرى،ولكن شعرت بالملل والقلق،ركبت أول وسيلة مواصلات تصادف أن تمر في تلك اللحظة، آه كم هي مزدحمة وخانقه، إنني اشعر بالقرف والغثيان، لقد اقتربت من التقيؤ، لا بل أنا أرغب في التقيؤ على من حولي، ولكن كعادتي لن أفعل ذلك، ليس عن ارتياح وقناعة، ولكن عن خوف وإيثار للسلامة ،لقد وصلت أخيراً إلى مقر عملي ، كم أنا سعيد وحزين في ذات الوقت، سعيد لخروجي من ذلك الكيان الحديدي المليء بالبعوض وأكياس القمامة وحزين لبداية يوم أخر وحاشا لي أن أقول جديد، في تكرار ممارسة هذا العمل الممل السخيف، مجرد أمين مكتبه ، نعم هي مكتبة ضخمة تضم مئات الكتب المهمة ولكن العمل ممل، أعتقد أن المشكلة ليست في مهنتي بالذات ولكن في العمل بشكل عام، العمل ممل كالحياة، صراع وتعب بلا جدوى، ولكن لابد أن أتحمل فبخلاف سهولة الحصول على الكتب التي تساعدني على إشباع نهمي للبحث عن الحقيقة _ هذا إن كان لها وجود _ فقد تجاوزت العقد الثالث من العمر ولا أملك أهم مقومات اختيار العمل المتناسب مع طموحي وقناعاتي ومهاراتي، وهى الواسطة أو بالبلدي (الكوسة) ذلك النبات الشبيه بالخيار في الشكل وكذلك في الطعم ولكنه أقل اخضراراً بعض الشيء _ هذا بالنسبة للرجل لكن بالنسبة للمرأة فلديها مؤهلات أخرى يهتم بها أصحاب العمل _ إن ذلك النبات بمثابة المفتاح السحري لكافة الأبواب المغلقة، فهو هام جداً لأصحاب العمل، فالخيار أسف أقصد الكوسة، أعتقد لا فارق، هي التي تفتح وتدخل إلى رأس لدى صاحب العمل وتقنعه بقبولي _ أغلب أصحاب العمل هم من الجهلاء والسوائم ذوى القرون _ في وظيفة محترمه ذات مكانه وراتب ذي قيمة حقيقية.
كم كنت غبيًا حين اعتقدت أن الكفاح والاجتهاد وتنمية المهارات هو مفتاح النجاح، فلم أحصد نتيجة ذلك الاعتقاد إلا على خازوق كبير خرج من قمة رأسي، فبعد كل هذا التعب و الأنفاق لكافة ما ادخرته من مال على الدورات التدريبية، كان رئيسي في العمل مجرد قذر في أوائل العشرينات لم يحصل سوى على الشهادة الابتدائية ولا يمتلك أي خبره بمجال العمل المنوط به ولكن لديه ما هو أهم و أفضل من أي كفائه أو موهبة وهو صلة قرابة بالأسياد، أقصد الأرباب، أرباب العمل.بدأت العمل كالعادة بأداء أحد أهم طقوسه الجبرية المقدسة ، وهو ألقاء التحية على أكبر عدد ممكن من الكائنات المتواجدة بالمكان، للتأكيد على حضوري في الميعاد المحدد، وليعرف رب العمل عن طريق عيونه المأجورة والمتطوعة المنتشرة في كل مكان - بخلاف كاميرا المراقبة المتصلة بمكتبة التي يرى من خلالها كل ما يحدث في المكان، ولتلك الكاميرا عدة منافع منها التأكيد على رؤيته لنا في كل وقت بخلاف رغبته في إرهابنا لنحرص على طاعته ونخشى غضبه ونترجى رضاه وغفرانه- كم أنا مطيع ومنضبط، بدأت عملي كما هي العادة ـ تحت المراقبة ـ بجديه وإتقان .نفس أكياس القمامة المعتادة بأحجامها وأعمارها المختلفة ورائحتها النتنة المميزة ، لم يتغير إلا كيس واحد تم استبداله بأخر، كم أود أن أركلهم بعنف حتى تنكسر ظهورهم. لقد كنت أكرههم جميعاً ما عدا كائن بشرى جميل يدعى مارجوا ، تعمل كسكرتيره لدى بعوضه كبيره ثرية تسمى رب العمل. كان لها عينان زرقاوان وشعر أشقر وشفتان حمراوين دائماً حتى بدون أحمر شفاه وبشره بيضاء وساقان طويلتان وخصر نحيف،كم استمتعت برؤيتها خلسة من ثقب قد صنعته في الحائط وهى تنتهز فرصة عدم الوجود المادي لرب العمل، ثقيل الظل أجوف العقل ممتلئ الجيوب ، لتشرب سجائرها المستوردة بعد انتهائها من تناول وجبة الفطور المكونة من الجبن والعسل الأبيض ، كانت تستمتع بأكل العسل الأبيض بأصابعها ببطء وتلذذ خاصة بالسبابة والإبهام، كل أصبع على حده، وأحياناً بالاثنين معاً، وفى مره تعرقت ففتحت أزرار قميصها العلوية فتساقطت بضع قطرات من العسل على صدرها بدايةً من أسفل رقبتها وصولاً إلى حافة نهديها،كم رغبت في تذوق كل قطرة عرق لؤلؤية مسكره كاعذب الخمور المعتقة تنساب من جسدها المخملي الأبيض المشوب بحمره خفيفة، كم اشتهيت الاغتسال بتلك القطرات للتطهر من كل لحظة خوف وضعف وتعفف.
لك العظمة والديمومة أيتها اللذة، والمجد لك أيها التلصص كم أنت ماتع ورائع ومفيد !
كانت ذكيه عاشقه للتلذذ والمتعة، ساخنة مثيره وهى تشرب السجائر،كانت سيدتي تبدأ رحلتها بتأمل جسدها الشهي وقوامها الفارع المسيل للعاب، تعتصر أردافها بقسوة حتى تخاصم الواحدة الأخرى برهةً قليله ثم يلتقيا سريعاً بشوق ولهفة، ولكن ما أن يتلقيا حتى يشتبكا سوياً في عراك وحشي ثم يتخاصما وتتكرر رحلة تصالح العشاق، تتركهم متصالحين فى حالة احتضان وعشق، تضع منحنيات أسفل ظهرها الشهية المنحوتة بروح فنان عاشق على مقدمة المكتب، يتقوس ظهرها ثم يعتدل مع شهقة خفيفة وابتسامه مع زفره ولمعان عيناها الزرقاوين، تجلس لتضع يديها أسفل نهاية بطنها كمثلث مقلوب ثم تباعد ما بين أفخاذها المستديرة المشدودة كأعمدة المعابد اليونانية، تتحرر بعنف من ما يعقد شعرها فتنسدل جدائل الذهب على كتفيها، تخلع حذائها ذو الكعب العالي المدبب ثم ترفع تنورتها إلى ما فوق ركبتيها بسنتيمترات فتظهر سيقان ملساء نظيفة مغطاة بجوارب شفافة،تنزع عنها تلك الجوارب وتلقيها بعيداً، ثم ترفع ساقيها لتضع ساقها اليسرى الجميلة أعلى اليمنى ألأقل جمالاً فوق سطح المكتب،تحرر ثدييها وتخرجهم خارج المشد وتعتصرهم متلاصقين ببطء و رقه ثم بقسوة وسرعه.
للأسف في تلك اللحظة علا صوت عامل البوفيه مبلغًا بقدوم البعوضة الثرية، أقصد رب العمل، ارتبكت مارجو ولكن في دقائق معدودة تمكنت من إعادة كل شيء كما كان واستقبلته كعادتها بابتسامة جذابة.
أنهيت العمل مبكرًا وطلبت الإذن بالانصراف، كم أنا سعيد، لا يوجد أحد بالمنزل، سأعود بأقصى سرعه لأستمتع بنعمة الجلوس بمفردي، ركبت أول سيارة أجرة ، كان سائقها غبيًا و ثرثارًا لدرجة جعلتني أشعر بالغثيان و الرغبة في التقيؤ، ألصقت على وجهي ابتسامة بلاستيكية وأخذت أطأطأ رأسي صعودًا وهبوطًا مصدقًا على صحة كلامه الذي لم أفهم منه شيئًا لشدة ضحالته ، ولكن كان لدى شيءٌ من الأمل في كون تأييدي لكلماته عاملًا مساعدًا في تخفيض الأجرة ، للأسف لم تنفع تلك الحيلة، نزلت من السيارة بعد أن دفعت له الأجرة المبالغ فيها مودعًا إيَّاه بابتسامة متمنيًا له السلامة، ثم بعدما ابتعد كثيرًا بصقت عليه ولعنت والديه.
ها قد تمت رحلة عودتي إلى ملجأي بنجاح غير مبهرٍ كالعادة، يا لسعادتي، لا يوجد أحد، كم أنا سعيد، ما أعذب الهدوء وما ألذ الوحدة، وما أشهى الصمت، ولكن ما هذا، طرقات عنيفة و صوت يصرخ بكلمات غير مفهومة، لقد ابتدأت تتضح ملامح الصوت، أنه صوت أمي تصرخ بذات الكلمات المعتادة ، استيقظ أيها الحمار لقد تأخرت عن العمل كعادتك.