د.ماجد عزت إسرائيل
العبرانيون هم من الشعوب السامية التى تنتسب إلى سام ابن نوح وسكنوا المنطقة الشمالية القديمة من بلاد النهرين – دجلة والفرات- ويرجع تسميتهم بهذا الاسم إلى كلمة "عابر"، وقد ورد ذكرهم بالكتاب المقدس حيث ذكر قائلاً:" وَسَامٌ أَبُو كُلِّ بَنِي عَابِرَ، أَخُو يَافَثَ الْكَبِيرُ، وُلِدَ لَهُ أَيْضًا بَنُونَ" (تك10: 21)، وإليه ينتسب أحد أجداد إبراهيم الذي هاجر بهم إلى فلسطين.
ومن الجدير بالذكر أن الكنعانيون أطلقوا عليهم لقب "العبرانيون" حيث سموا أب الآباء إبراهيم ابرام العبراني(تك 10:24 و11: 14 و14: 13) بعد أن عبر نهر الفرات إلى فلسطين.
وخلال القرنين الخامس عشر والرابع عشر(ق.م). ذكرت بعض النقوش التى عثر في ما بين النهرين وسورية وفلسطين ومصر اسم "الخابرو" وهولاء هم الذين كانوا نزلا من الجنود والعبيد.
وظن بعضهم أن العبرانيين جزء من "الخابرو"،وذاع اسم "عبرانيون" بين الأمم،حتى أن العبرانيون أنفسهم استخدموه ،ولكنهم كانوا يفضلون لفظة "إسرائيليين" (تك 39: 14 و40: 15 و41: 12 و1 صم 4: 6 وخر 2: 7). ولا يزال الاسم مستعملًا حتى يومنا هذا، مع أنهم يحملون اسم اليهود الذي نشأ من السبي.
وكان العبرانيون يعتبرون ملوكهم مرتبطين بالله يختارهم ويتبناهم يوم يمسحون بالزيت، فصار الملك بالنسبة إليهم حامل وساطة بين الله والبشر. فالملك يؤمّن العدالة والنصر والسلام، وبواسطته تأتي كل البركات السماوية بما فيها خصب الأرض وتكاثر الحيوان والبشر.
فلا نتعجب حينذاك إن وجدنا الملوك يمارسون في اسرائيل وظائف كهنوتية على مثال ما يحصل في الشعوب المجاورة لاسرائيل. فالملك يقدّم الذبائح للرب ويبارك الشعب باسم الرب ويعطيه، وقد ورد بالكتاب المقدس لقب الحبر والكاهن على رتبة ملكيصادق،حيث ذكر قائلاً:" قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: «اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ».
يُرْسِلُ الرَّبُّ قَضِيبَ عِزِّكَ مِنْ صِهْيَوْنَ. تَسَلَّطْ فِي وَسَطِ أَعْدَائِكَ.شَعْبُكَ مُنْتَدَبٌ فِي يَوْمِ قُوَّتِكَ، فِي زِينَةٍ مُقَدَّسَةٍ مِنْ رَحِمِ الْفَجْرِ، لَكَ طَلُّ حَدَاثَتِكَ. أَقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ: «أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ».
الرَّبُّ عَنْ يَمِينِكَ يُحَطِّمُ فِي يَوْمِ رِجْزِهِ مُلُوكًا. (سفر المزامير 110)، ولكن الملوك سيبدأون بتنظيم الكهنوت في عاصمتهم على غرار ما يجري في الأمم المجاورة. فكان لهيكل أورشليم كهنة مع رئيس عليهم. وبقي لكل معبد كهنته.
ومن الجدير بالذكر عند انفصال المملكة الشمالية (إسرائيل) عن المملكة الجنوبية (يهوذا)، أقام يربعام بن ناباط "كهنة من أطراف الشعب، لم يكونوا من بني لاوي"(1 مل 12: 31، 13: 33)، بل إن يربعام نفسه صعد على المذبح لكي يوقد" (1مل 12: 33)، أي أنه جعل من نفسه كاهناً.
ونقرأ في سفر الملوك الثاني(16: 10-16) كيف أن أوريا الكاهن بنى مذبحاً حسب كل ما أرسل به الملك آحاز من دمشق.. فتقدم الملك إلى المذبح وأصعد عليه، وأوقد محرقته وتقدمته وسكب سكيبه ورش دم ذبيحة السلامة التي له على المذبح.
ومذبح النحاس الذي أمام الرب قدمه من أمام البيت.. وجعله على جانب المذبح الشمالي"، وهو ما عاقب الرب لأجله آحاز ويهوذا (إش 7: 17-25) كما حاول عزيا الملك أن يوقد على مذبح البخور فضربه الرب بالبرص (2أخ 26: 16-20). وفي أيام حزقيا الملك ساعد اللاويون إخوتهم الكهنة في ذبح وسلخ المحرقات (2أخ 29: 34).
على أية حال،عندما جاء إصلاح يوشيا ابن آمون بن منسى بن حزقيا(640-609 ق.م) فقام بالعديد من الاصلاحات في عام (622 ق.م) فحصر تقدمة الذبائح في الهيكل وجمع أبناء لاوي من كل أنحاء البلاد بانتظار أن يحدّد عملاً خاصًا بالكهنة المتفرّعين من صادوق تاركًا للباقين أمر الخدم الوضيعة في بيت الله وجواره (2أخ 35: 11-14، انظر أيضاً عز 6: 19 و20).
وهكذا يصبح هيكل أورشليم المعبد الرسمي الوحيد ليهود مملكة يهوذا في الجنوب وسيبقى كذلك إلى أيام المسيح.