تستمر احتجاجات عشرات اللبنانيين أمام مصرف لبنان في العاصمة بيروت، اليوم الثلاثاء، مرددين هتافات منددة بالسياسة المالية، فيما استقدمت قوى الأمن تعزيزات إلى المكان.
واعتبر المحتجون أن تلك السياسات، التي اعتمدها حاكم مصرف لبنان، ساهمت في تفاقم الدين العام، مطالبين باستعادة الأموال، التي تقدر بأكثر من 100 مليار دولار دفعت كفوائد إلى المصارف بحسب المتظاهرين.
هذا وأعلنت جمعية المصارف عن إغلاق كافة البنوك، وذلك خشية تعرض الموظفين لأي اعتداء عليهم وعلى المصارف وفروعها حسب قولها.
وأقام المحتجون اللبنانيون، اليوم، متاريس في الشوارع حول نقطة التجمع المركزية في بيروت، في اليوم السادس من الاحتجاجات المناهضة للحكومة، رافضين الإصلاحات الاقتصادية المقترحة ومصرين على تنحي الحكومة.
وانتقد وليد جنبلاط، زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، الإصلاحات باعتبارها "مخدرات واهية" تهدف إلى شراء الوقت.
وفي وقت سابق، قدم سعد الحريري، حزمة إصلاح ليلة يوم أمس الاثنين، لكن المظاهرات على مستوى البلاد استمرت في الازدياد، وهي الآن أكبر احتجاجات يشهدها لبنان منذ 15 عاما، وقد وحدت أفراد الشعب من جميع الطوائف في رفضهم المشترك للحكومة.
ويواجه لبنان أزمة اقتصادية حادة، وتشمل الإصلاحات، التي اقترحها الحريري تخفيض رواتب كبار المسؤولين إلى النصف وإصلاح قطاع الكهرباء وتقليص المؤسسات الحكومية.
وطالب أكرم شهيب، وزير التربية والتعليم العالي، كل المدارس والثانويات والمعاهد الرسمية والخاصة والجامعات إلى استئناف التدريس، صباح غدا الأربعاء، والعمل بكل الوسائل للتعويض عن أيام التعطيل، التي فرضتها الظروف الراهنة.
وفي قرار مفاجئ، أصدر وزير الإعلام اللبناني، جمال جراح، التابع لتيار المستقبل مرسوما أقال فيه مديرة الوكالة الوطنية الرسمية للأنباء، لور سليمان، وعين مكانها شخص آخر تابع للتيار الوطني الحر يدعى زياد حرفوش.
وقالت لور سليمان، إن "القرار مفاجئ وسياسي"، مضيفة: "أتفاجئ كيف يقال شخص كفؤ في منصبه يعمل على مدار الساعة".
وأوضحت ردا على احتمال إقالتها إلى تغطية الوكالة الرسمية للتحركات الشعبية: "لا أعرف ربما، لكن القرار غير مقبول ومؤسف".
أزمة لبنان الأخيرة
وبدأت التجمعات الاحتجاجية، مساء الخميس الماضي، في وسط بيروت عقب اقتراح تداولت فيه الحكومة لفرض ضريبة على تطبيق "واتساب".
وسرعان ما انتقلت التظاهرات لتعم المناطق اللبنانية، وأقدم المتظاهرون على إغلاق الطرق بالإطارات المشتعلة في بيروت، وجبل لبنان، والشمال والجنوب والبقاع شرقاً.
وفي مدينة النبطية جنوباً، أضرم متظاهرون النار قرب منازل ومكاتب عدد من نواب "حزب الله" وحركة "أمل" التابعة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، في مؤشر على حجم النقمة الشعبية.
ويعاني لبنان، ذو الموارد المحدودة، من نقص في تأمين الخدمات الرئيسية، وترهل بنيته التحتية، حيث يقدر الدين العام اليوم بأكثر من 86 مليار دولار، أي أكثر من 150 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي ثالث أعلى نسبة في العالم بعد اليابان واليونان، وتبلغ نسبة البطالة أكثر من 20 في المائة.
وتعهدت لبنان العام الماضي بإجراء إصلاحات هيكلية، وخفض العجز في الموازنة العامة، مقابل حصوله على هبات وقروض بقيمة 11.6 مليار دولار أقرّها مؤتمر "سيدر" الدولي، الذي عقد في باريس، ومع تأخر الحكومة في الإيفاء بتعهداتها، أصدرت الوكالات العالمية للتصنيف الائتماني مراجعات سلبية لديون لبنان السيادية.
وأقرّ البرلمان في يوليو الماضي، ميزانية تقشفية للعام 2019 سعياً للحد من العجز العام، بينما تناقش الحكومة حالياً مشروع موازنة العام 2020، وتسعى إلى توفير إيرادات جديدة لخزينة الدولة