طارق الشناوي
فى كل أجهزة الإعلام يحرص الموسيقار الكبير حلمى بكر على أن يصف مطربى المهرجانات باعتبارهم معادلًا موضوعيا للنفايات، ورغم ذلك عندما أرادت نقابة الموسيقيين تقنين أوضاعهم جاءت بحلمى رئيسًا للجنة الفرز، والتى صارت لجنة القتل والانتقام.. حلمى لا يتوقف عن الهجوم الضارى، ناعتًا هؤلاء بكل الموبقات التى تجد صدى إيجابيًّا عند قطاع عريض من الناس، مستندًا إلى أن المجتمع يرتدى قناعًا يصدر دائمًا وجهًا محافظًا عند الإدلاء برأيه، فهو يميل لإعلان تأييده المطلق لحلمى، وكل برامج (التوك شو) حرصت على المباركة.. هذا لا ينفى عمليًا أن هذه الأصوات لها حضورها فى الشارع، إنهم إفراز طبيعى لحالة المجتمع، وفى كل الدنيا تجد ظلالًا لتلك النوعيات من الأغانى، ولها دوائرها الشعبية، تتسع أو تضيق بفعل مؤثرات اجتماعية واقتصادية وسياسية متعددة.
لا أحد يشكك قطعًا فى ذائقة موسيقار بحجم وتاريخ حلمى بكر، له أغانيه التى سكنت الذاكرة العربية (ع اللى جرى) و(فاكرة) و(عرباوى) و(حبايب مصر).. وغيرها، إلا أن بكر لديه (باترون) محدد للغناء، يحكم من خلاله على الأصوات، (ترمومتر) بكر مبرمج بمواصفات خاصة.. الدنيا ليست نمطًا واحدًا، هناك قطعًا قُبح نراه على الشاشات ونسمعه على الأشرطة، إلا أن الطريق الوحيد والصحيح للمواجهة يبدأ بتهيئة المناخ المساعد على الإبداع، وعندما ينتعش الفن الذى نصفه بالجيد سيطرد الناس العملة الرديئة مباشرة، ولن نجد نقابة الموسيقيين فى هذه الحالة مضطرة لأن تلعب دور الشرطى الذى يرفع عصاه الغليظة فى وجه من يراه «نشاز»، كانت وستظل المطاردة سلاحًا قاصرًا.. ما الجدوى من أن تمنع صوتًا مهما كانت المبررات نظريًّا صحيحة، بينما هناك من يبحث عن أغانيه وسوف يعثر عليها قطعًا، فلا يمكن فى هذا الزمن مصادرة أى شىء؟!.
أى تطاول أو تهديد ارتكبه حمو أو غيره فى حق نقابة الموسيقيين أو النقيب مدان، وأى تشكيك فى ذمة نقابة الموسيقيين يستحق المساءلة الجنائية.. ولكن دعونا نتجاوز واقعة حمو لنسأل عن نوع من الغناء صار منتشرًا فى مصر بكل أطيافها، من القرية للمدينة، من فرح يقام فى الشارع إلى فرح فى فندق 7 نجوم.. الإسفاف اللفظى يعاقب عليه القانون، عندما تجد كلمة مسفة أو لفظا نابيا لا يمكن السماح به، ويبقى النغمة: هم يقدمون حالة واحدة تتشابه، ويعتمدون على الارتجال لتوصيل معنى لا يملكون عمقا ولا إضافة مثل 90% من أغانينا الاستهلاكية، فهذه الأغنيات بطبعها تسلى الناس، ثم بعدها بمرحلة زمنية يبحثون عن أخرى، لدينا نوع من الأغانى لا تريد له النقابة الانتشار، وهو المهرجانات، كما أعلن من قبل النقيب، إلا أن هناك من نبهه، فبدأ يخفف من إدانة النوع ليتحدث عن الأصوات.
ما التوصيف الصحيح لهم؟ (المؤدى)، فهم ليسوا مطربين، ولكن حتى المؤدى من حقه أن يتواجد فى إطار قانونى.. قدموا حالة خاصة، وتناولتهم أفلام تسجيلية تسعى للبحث عن حقيقة الظاهرة بكل أبعادها، وعلينا أن ندرس ونحلل، لا نطالب مثلا الإذاعات التى تشرف عليها الدولة بتقديم أغانيهم، هم لديهم وسائلهم فى التواصل.. أكرر التطاول مرفوض ومجرّم، ومن يرتكب جريمة يعاقب عليها، ولكن يجب ألا ننسى فى صخب الهجوم على (المهرجانات) أن هناك من اعتبرهم فى البداية (صفيحة زبالة)!!.
نقلا عن المصرى اليوم