د/ عايدة نصيف
من الأمور المؤسفة والتي تثير الانتباه أن يتراجع الإعلام عن دوره الإيجابي، حيث إنه يساهم بشكل كبير في تشكيل الصورة الذهنية للمواطن، وحينما نتحدث عن معظم البرامج التي تبث من خلال القنوات نجدها فقيرة في جانبها الثقافى، بل فقيرة في قدرتها على تكوين وعي إيجابي للجيل؛ فلا توجد علاقة بين ما نراه في القنوات الفضائية وبين أي نوع من أنواع الثقافة..
فهذه القنوات التي يستمر إرسالها ساعات النهار والليل والتي يمكن أن تؤدى دورًا في بناء الوعى وفى تكوين جيل يُدرك اللحظة الآنية وتحدياتها ومواجهاتها، ومع ذلك تقف عاجزة عن تقديم دور ملموس وإيجابي بقصد أو بغير قصد. إن وظيفة هذه القنوات بأنواعها الرئيسية هي المساهمة في تقديم جرعة ثقافية وفكرية تساهم في بناء الإنسان المصرى، وفى بناء عقول الشباب بصورة خاصة بدلًا من أن يستقوا ثقافة سلبية من منصات إلكترونية وإعلامية غريبة.
فهناك علاقة وثيقة بين هذه القنوات وبين ثقافة الجيل؛ فهذه القنوات في كل بيوتنا سواء في المدن أو القرى. وإذا كانت الثقافة هي جوهر الوعى في كل زمان ومكان على مدار تاريخ البشرية فهل يمكن أن يصبح ولو جزءا من هذه القنوات أداة إيجابية وفاعلة ومؤثرة في إعادة إحياء الثقافة والقيم الأخلاقية؟ أم تظل أداة للتسلية والترفيه ومناقشة موضوعات بعيدة كل البعد عن تكوين صورة ذهنية ثقافية تساهم في بناء وعى إيجابي.
فالإعلام قادر أن يساهم بصورة كبيرة في تكوين الرأي العام وتحريكه نحو بناء الأوطان ونحو بناء قيم ثقافية خلاقة مبدعة؛ فمصر عامرة بالمفكرين والأدباء والشخصيات الوطنية القادرة على إيقاظ الوعى الثقافى والوعى الوطنى والإعلام بصورة عامة والقنوات بصورة خاصة قادرة أن تُصدّر هذه النماذج كقدوة للأجيال القادمة..
بل يجب الاستعانة في تخطيط برامج التليفزيون والقنوات الخاصة بالمختصين في الثقافة، بحيث يكون هناك مشرف أو منسق ثقافى مسئول عن المادة العلمية التي تقدم، فالوظيفة الإدارية مختلفة تماما عن الدور الثقافى؛ فليس من المعقول أن يكون معد البرنامج في قناة متخصصًا في كل المجالات، فهناك ما يسمى بالتخصص، حتى لا تقدم هذه البرامج معلومات مغلوطة.
فالخريطة الثقافية للإعلام يجب أن يضعها المثقفون والعلماء والمفكرون حتى تساهم هذه القنوات في تكوين الوعى الإيجابي للجيل القادم، ومواجهة الإشاعات المغرضة التي تُصدّر لمصر للنيل منها.