بركة مياه يتجاوز ارتفاعها الرصيف، فقد جاءت الأمطار مباغتة، ولم يكن لأحد فرصة الاستعداد لمواجهتها، الكل يحاول تفادي البركة العميقة واختيار الأقل عمقا، وفي إحدى القفزات اضطرت الطفلة للإستناد إلي عامود كهرباء لينقذها من الارتطام بالمياه، لكنه لم يفعل، إذ ألقاها جثة هامدة في بركة مياه الأمطار، بعد أن صعقتها الكهرباء.
وسط المتشحات بالسواد، جلست والدة مروة، تبكي صغيرتها التي راحت ضحية الأمطار، مروة ابنة التاسعة الطالبة بالصف الخامس الابتدائي، التي لقيت مصرعها أمس صعقا بالكهرباء من أحد أعمدة الإنارة بمنطقة سكنها ابني بيتك بالعاشر من رمضان، أصبحت لدي كل من تابع الفيديو المأساوي لانتشال جثتها أيقونة وشهيدة للأمطار.
لا يبدو عليها التصديق، تتحدث والصدمة لازالت بادية علي وجهها، الدموع تنسال دون تحكم، وعبارات المواساة تمر من أمامها دون أن تخترق مسامعها، تروي الأم، باكية حين منهارة أحيانا قصة وفاة صغيرتها، أثناء عودتها من المدرسة إلي منزلها بالمجاورة ٤٦ في العاشر من رمضان "صاحبتها حكت لي، كانوا راجعين من المدرسة، حاولت تنط بعيد عن المياه عشان متقعش في البقعة الكبيرة، سندت علي عمود الكهرباء اتكهربت ووقعت في المياه ومحدش قد يلحقها"
داخل المنزل، ووسط الصريخ تعاود والدة مروة الحديث لـ"الوطن"، وفي كل مرة يزداد الألم، وهي تتخيل كيف راحت صغيرتها ضحية لبضعة أمطار، تنهار الأم قائلة: "مروة قعدت تلت ساعة في المياه متكهربة، لحد ما تم إنتشال جثتها بالجرار"، الأم التي هرولت الي المستشفي علي أمل محاولة إنقاذ صغيرتها، وقفت أمام تأكيد الأطباء وفاتها صعقا بالكهرباء، تصرخ من آن لآخر "بنتي راحت" فيتعالي صراخ من حولها مطالبين بمحاسبة كل مسؤول تسبب بشكل غير مباشر في وفاة مروة.