في مثل هذا اليوم 28 اكتوبر 1924م..
سعد زغلول يشكل أول وزارة شعبية في مصر بعد انتخابات فاز فيها مناصروه بمعظم مقاعد البرلمان.

وزارة سعد زغلول باشا هي الوزارة الثانية والثلاثون في مصر، صدر المرسوم الملكي بتشكيلها في 28 يناير 1924..

رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية سعد زغلول باشا.
وزير الخارجية واصف بطرس غالي أفندي.
وزير الحقانية محمد نجيب الغرابلي أفندي.
وزير المالية محمد توفيق نسيم باشا.
وزير الأشغال العمومية مرقص حنا بك.
وزير الحربية والبحرية حسن حسيب باشا.
وزير المعارف العمومية محمد سعيد باشا.
وزير الأوقاف أحمد مظلوم باشا.
وزير الزراعة محمد فتح الله بركات باشا.
وزير المواصلات مصطفى النحاس بك.

تعديلات:
في 10 مارس 1924 تولى محمد توفيق نسيم باشا وزارة الداخلية بجانب وزارة المالية.
في 31 مارس 1924 أسندت وزارة الأوقاف إلى محمد نجيب الغرابلي أفندي وتولى محمد سعيد باشا وزارة الحقانية واحتفظ بوزارة المعارف مؤقتاً.
في 24 يوليو 1924 عين أحمد مظلوم باشا وأحمد زيور باشا وزيرين بلا وزارة.
في 25 أكتوبر 1924 أسندت وزارة الداخلية إلى محمد فتح الله بركات باشا وعين أحمد ماهر أفندي وزيراً للمعارف العمومية وأسندت وزارة الزراعة إلى محمد سعيد باشا مؤقتاً بجانب منصبه.
في 19 نوفمبر 1924 عين علي الشمسي أفندي وزيراً للمالية بدلاً من محمد توفيق نسيم باشا.

جاءت الوزارة بعد الانتخابات النيابية التي جرت في 1924 تتويجاً لكفاح الشعب المصري، وصدور دستور 1923، الذي وضعته لجنة من 30 عضواً تمثل الأحزاب السياسية والزعامات الشعبية، فقد تحدد 12 يناير 1924 لإجراء انتخابات مجلس النواب، وتقدمت الأحزاب التي كانت متواجدة في الساحة في هذه الفترة، وهى الوفد والأحرار الدستوريين والحزب الوطني، أسفرت عن مفاجأتين سقوط رئيس الوزراء يحيى إبراهيم باشا، وحصول الوفد على الأغلبية من مقاعد مجلس النواب 195 مقعد..

جرت الانتخابات في أجواء تاريخية بعد ثورة 1919م حيث أصدرت بريطانيا تصريح 28 فبراير الذي يعطي استقلالا نسبيا لمصر، و كذلك صدر دستور 1923م ، و هو أول دستور يتم تفعيله في تاريخ مصر الحديث، و ينص علي إقامة حياة نيابية في مصر يشارك فيها الشعب حكم البلاد من خلال مجلس نيابي يختار الشعب أعضاءه، و يقوم الحزب الذي يحظي بأغلبية الأعضاء بتشكيل الحكومة.

الحقيقة أن هذا الدستور كان جيداً كخطوة مهمة للحياة الديموقراطية، و لكنه لم يخل من أوجه النقد مثل أنه أعطي الملك الحق في حل البرلمان و إقالة الوزارة، فمكن الملك و هو صاحب السلطة التنفيذية من التحكم في السلطة التشريعية و هي البرلمان.

و في 23 يوليو 1923 ألغيت الأحكام العرفية،و خاض الوفد بزعامة سعد زغلول الانتخابات في يناير 1924م .

تكوين البرلمان:
كان البرلمان يتكون من مجلس النواب 264 عضواً بطريق الانتخاب العام. أما مجلس الشيوخ فكان يتكون من 147 عضواً منهم 28 عضواً بالتعيين، والباقي بالانتخاب. تم افتتاح البرلمان في 15 مارس 1924، وألقى سعد زغلول خطاب العرش نيابة عن الملك .

الأحداث المترتبة على نتيجة الانتخابات:
شكل سعد زغلول وزارة برئاسته فكان أول مصري من أصول ريفية يتولى هذا المنصب و سميت وزارته بوزارة الشعب.

عرض سعد باشا برنامج وزارته و كان يهدف إلي التخلص من التحفظات الأربعة في تصريح 28 فبراير التي كانت تعوق الاستقلال التام لمصر، فطرح سعد زغلول مطالب وزارته و هي:

الاستقلال التام بجلاء القوات الإنجليزية عن البلاد .
قيام مصر بمسؤلياتها في حماية قناة السويس .
حرية الحكومة المصرية في وضع سياستها الخارجية .
الحكومة المصرية هي التي تتولي شئون الأقليات و الأجانب .
و لكن الحكومة البريطانية رفضت هذه المطالب و ناصبت وزارة سعد العداء.

و جاءتها الفرصة عندما قام أحد المصريين بدافع الوطنية باغتيال سردار الجيش المصري في السودان سير لي ستاك وهو في القاهرة ، فاستغلت الحكومة البريطانية هذا الحادث و وجه لورد اللنبي إنذاراً لوزارة سعد زغلول يطالب فيه:

أن تقدم الحكومة المصرية اعتذاراً عن هذه الجريمة
أن تقدم مرتكبي هذه الجريمة و المحرضين عليها للمحاكمة و العقاب
أن تقدم تعويضاً مقداره نصف مليون جنيه استرليني للحكومة البريطانية
أن تسحب القوات المصرية من السودان
أن تقوم بزيادة مساحة الأراضي المزروعة قطناً في السودان
كان الإنجليز يهدفون من هذا الإنذار إبعاد مصر عن السودان لتنفرد به بريطانيا ووضع السودان و مصر في تنافس اقتصادي حول محصول القطن و ظهور إنجلترا بمظهر المدافع عن مصالح السودان إزاء مصر.

وافق سعد زغلول علي النقاط الثلاثة الأولي و رفض الرابعة. فقامت القوات الإنجليزية بإجلاء وحدات الجيش المصري بالقوة من السودان، فتقدم سعد زغلول باستقالته.

بعد استقالة سعد زغلول، قام الملك فؤاد بتكليف أحمد زيور باشا برئاسة الوزارة كما قام بحل البرلمان. و لكن نواب البرلمان اجتمعوا خارج البرلمان و قرروا التمسك بسعد زغلول في رئاسة الوزراء. فقامت الحكومة البريطانية بإرسال قطع بحرية عسكرية قبالة شواطئ الإسكندرية في مظاهرة تهديدية، لذلك قرر سعد زغلول التخلي عن فكرة رئاسة الوزراء حتي لا يعرض مصر لنكبة أخرى مثل ما حدث عام 1882م.

و للأسف لجأ الملك إلي تزوير الانتخابات المتتالية ليمنع وصول الوفد إلي السلطة، فنجح في كثير من الأحيان و قليلا ما فشل. كما ضغط المندوب السامي البريطاني في انتخابات كثيرة لإسقاط مرشحي الإخوان المسلمين في دائرة الإسماعيلية و غيرها.!!