حمدي رزق
«لرئيس الجمهورية، ولمجلس الوزراء، ولكل عضو فى مجلس النواب، اقتراح القوانين. ويُحال كل مشروع قانون مقدم، من الحكومة أو من عُشر أعضاء المجلس، إلى اللجان النوعية المختصة بمجلس النواب، لفحصه وتقديم تقرير عنه إلى المجلس، ويجوز للجنة أن تستمع إلى ذوى الخبرة فى الموضوع.. ». نصًا (المادة 122 من دستور 2014).
«الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ويتولى مسؤولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم..». نصًا (مادة 7 من دستور 2014).
فى ضوء هاتين المادتين، هل يحق للأزهر دستوريًا اقتراح قوانين؟، قطعيًا لا يجوز وخارج الاختصاص، وإحالة بعض القوانين التى بها مس شرعى للاستئناس بمرجعية الأزهر مستوجبة، لكنها أبدًا لا تعطى الأزهر رخصة لإعداد قوانين أو اقتراحها.
من هنا يخالف الأزهر الشريف وشيخه الطيب، الدكتور أحمد الطيب، قاعدة دستورية قطعية باضطلاعه بإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، وصدور مثل هذا المشروع من المشيخة يشكل مخالفة دستورية صريحة، ويصم هذا المشروع ابتداء بالعوار الدستورى، فلم يدخل الأزهر بالدولة المصرية مدخلًا دستوريًا ضيقًا؟
بحسب بيان المشيخة الأزهرية الأخير، فإن الأزهر استقبل بالفعل مجموعة من مشروعات قوانين للأحوال الشخصية من بعض أعضاء مجلس النواب والمجلس القومى للمرأة وجهات أخرى، وقد راجعها جميعها ونظر إليها بعين الاعتبار والتقدير، وبناء عليه، عمل الأزهر على صياغة مشروع متكامل لقانون الأحوال الشخصية، عكفت هيئة كبار العلماء على إعداده ومراجعته مراجعة دقيقة لأكثر من عام، واستعانت فيه بذوى الاختصاص والمهتمين بقضايا المرأة والطفل والأسرة.
مشروع متكامل، هل هذه مهمة الأزهر وكبار علمائه أم تجاوز الأزهر وشيخه وكبار علمائه مهمته المقررة سلفًا فى الدستور، من المراجعة الشرعية إلى صياغة واقتراح القوانين، وإذا كان البعض يستعذب حضور الأزهر بقانونه فى الأحوال الشخصية لارتباطها الوثيق بالنصوص الشرعية، فهل يرخص هذا للأزهر اقتراح قوانين أخرى فى مجالات أخرى تأسيسًا على ارتباطها بالشرع كقوانين المعاملات المالية بنوك ومكوس (ضرائب) وخلافه؟
أخشى إن دخل الأزهر من هذا الباب التشريعى الضيق فى سماحة مجتمعية إلى مساحة اقتراح القوانين بالمخالفة للدستور أن نستعد مستقبلًا لتلبيس العمامة لكافة القوانين، وتصبح مرجعية الأزهر تأسيسًا لتديين التشريعات والقوانين وتأسيس الدولة الدينية، التى نخشى نوائبها لأنها من نوائب الدهر التى تستوجب عزائم الصبر!
نقلا عن المصرى اليوم