رائد للتيار العلمي.. ومزج بين الأدب والفلسفة.. كتب عشرات الكتب
كتب - نعيم يوسف
لقبوه بـ"أديب الفلاسفة"، و"فيلسوف الأدباء"، نظرًا لكونه استطاع تحقيق معادلة قد تكون صعبة على الكثيرين من الفلاسفة، وهي الكتابة بأسلوب أدبي رقيق يصل إلى القارئ بسهولة حاملا معه الأفكار الفلسفية العميقة.. إنه "زكي نجيب محمود"، المفكر والفيلسوف المصري المعروف، والذي يعتبر رائدا للتيار العلمي في القرن العشرين.
رحلته من "ميت الخولي".. إلى لندن
في قرية ميت الخولي، بمركز الزرقا، بمحافظة دمياط، بدأت فصول حياة زكي نجيب محمود في 1 فبراير عام 1905، دخل الكتاب وحفظ شيئا من القرآن، وبعدها التحق بمدرسة السلطان مصطفى الأولية بميدان السيدة زينب بالقاهرة بعد انتقال أسرته إلى القاهرة، ولكن هذا لم يدم طويلا، حيث انتقلت الأسرة إلى السودان وهناك أمضر فترة تعليمه حتى الثانوية، ثم عاد لمصر وأكمل بها الثانوية، واستكمل تعليمه حتى حصل على شهادة جامعية من جامعة القاهرة، ثم عمل بالتدريس، وبعدها واصل شغفه بالدراسة والعلم حتى حصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة لندن.
مناصب رفيعة المستوى
دراساته وتعلميه أهلته لكي يتولى العديد من المناصب، حيث عمل بالتدريس في جامعة القاهرة، كما عمل أستاذا متفرغا للفلسفة في الكويت، وعمل في وزارة الإرشاد القومي (الثقافة حاليا)، و عمل أستاذا زائرا في جامعة كولومبيا بولاية كارولينا الجنوبية، وعمل ملحقا ثقافيا بالسفارة المصرية بواشنطن، إلا أنه رغم كل هذه المناصب كانت هناك الكتابة والصحافة التي التصق بها التصاقا وثيقا منذ بداياته.
الفلسفة.. والأدب.. والتراث
كان يضخ مقالات ذات طابع فلسفي في مجلة الرسالة، كما كتب لصحيفة الأهرام، وترأس مجلة "الفكر المعاصر"، كما ألف وترجم نحو 40 كتاب في الفكر والفلسفة والأدب، ومنها: حياة الفكر في العالم الجديد، برتراند راسل، ، وقشور ولباب، وتجديد الفكر العربي، المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري، ورؤية إسلامية، وجنة العبيط، وتجلت إبداعاته في كتابته لسيرته الذاتية في ثلاثة كتب، هي: قصة نفس، وقصة عقل، وحصاد السنين.
مراحل تطور فكره
التنقلات الكثيرة في حياته، والانتقال من مكان إلى أخر ساهم في تشكيل فكره ووعيه، حيث عاش "محمود" رحلة فكرية ثرية ومتنوعة قسمها البعض إلى ثلاثة مراحل، حسب التغييرات التي عاشها، الأولى كانت تنويرية اعتمد فيها على النقد للحياة الاجتماعية، وقدم خلالها نماذج من الفلسفة التي تعبر عن وجهة نظره، وقد استمرت هذه المرحلة حتى انتقل إلى أوروبا، وهنا دخل في المرحلة الثانية والتي دعا فيها إلى التمثل بأوروبا وسيادة منطق العقل، وإلى رفض التراث العربي وعدم الاعتداد به، أما المرحلة الثالثة فقد تمثلت في عودته مرة أخرى إلى التراث ومحاولة التوفيق بينه وبين العلم.
سر تخلف العالم الإسلامي
اعتبر "محمود" أن سر تخلف العالم الإسلامي هو الاكتفاء بحفظ القرآن الكريم وترديده دون البحث في الكون، وقدم نظرية تقول إنه يجب العودة لما كان عليه الأسلاف، حيث كان الشخص مسلما، وفي نفس الوقت عالما، يهتم بفروع العلم المختلفة.
جوائز.. وأوسمة
نال العديد من الجوائز والأوسمة، مثل: جائزة الدولة التشجيعية وجائزة الدولة التقديرية في الآداب ومنحته جامعة الدول العربية جائزة الثقافة العربية، ومنحته الجامعة الأمريكية بالقاهرة الدكتوراه، وتوفي في 8 سبتمبر عام 1993.