بقلم أسامة نصحي
نجح مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات " كايسيد " أن يوصل صوته قويا للعالم وأن يؤكد للمجتمع الدولي عمق رسالته ونبل مقاصده ويرد على المشككين ليس بالقول بل بالعمل الدؤوب من خلال فريق عمل متميز يديره معالى الاستاذ فيصل بن معمر المثقف العربي الكبير وصاحب الرؤى النافذة فى الكثير من القضايا الدولية الراهنة .
المركز واصل نجاحاته من خلال مؤتمر دولي مميز هذا الاسبوع جمع 190 قيادة دينية بارزة لمناقشة تحديات مكافحة خطاب الكراهية ..وللحق فان القضية حيوية للغاية وتجىء فى توقيت دقيق يجتاز فيه المجتمع الدولي فى العديد من البقاع صراعات ذات صبغة دينية وانقسامات وحروب مريرة تتخذ من الاديان السماوية السمحاء غطاء لها .
المناقشات والتى استمرت يومين – والتى تشرفت بالمشاركة فيها – كشفت لي شخصيا حجم الدور الانساني والتنويري الواسع الذي يلعبه المركز والذي يتطلب مساندة دولية واسعة أولها من حكومة النمسا والتى تحاول بعض الاحزاب ذات التوجهات العنصرية النيل من هذا المركز والذي رغم حداثة تأسيسه الا انه اكتسب سريعا مكانة مميزة على خريطة المنظمات الدولية واثار حالة من الحراك الثقافي والتنويري علاوة على الوساطات المؤثرة والناجحة والتى قام بها فى عدد من الصراعات وبخاصة فى أفريقيا .
اختيار موضوع خطاب الكراهية هو اختيار موفق للغاية لأن هذه القضية هي شرارة الانطلاق لكثير من الصراعات والحروب التى تقوم على أسس عرقية ودينية ..كما أن القدرة على جمع هذا العدد الهائل من القادة الدينيين على طاولة واحدة هو انجاز دون شك ..واعتقد أن المؤتمر نقل رسالة سامية للغاية حول التعايش وقبول الاخر والاعتزاز بفكرة التنوع وليس محاربتها وهو ما سيكون مثالا يحتذى به لعامة الشعوب فى المنطقة العربية وكل دول العالم .
وقد لمست عن قرب اخلاص شديد من القائمين على المؤتمر برئاسة الامين العام ورغبة فى انجاح الرسالة ولم يتم ذلك الا عن طريق الاعداد الجيد للمؤتمر والعمل الدؤوب وهذا الاعداد استمر عدة أشهر سابقة بمشاركة فريق ضخم مؤمن بالقضية ومحب لمكان عمله ولذا أحييهم من كل قلبي وأشعر بالافتخار معهم بوجود هذا الكيان العملاق فى دول النمسا التى هي رمز الحرية والتسامح الديني .
إن الاعلان عن تخصيص المركز 5ر1 مليون يورو فى العام المقبل لمحاربة خطاب الكراهية هي خطوة شجاعة يتم فيها توظيف المال لأغراض انسانية واجتماعية سامية وأنا واثق من نجاح هذا التمويل الضخم فى الوصول الى تحقيق الغايات والاهداف النبيلة ونتطلع الى لقاء ديسمبر المقبل والذي يتم فيه تخريج عدد هائل من دعاة السلام من عشرات الدول فى اطار العمل التعليمي والتثقيفي الواسع للمركز لاعداد شباب رجال الدين والمفكرين ونشطاء المجتمع المدني المعنيين بالحوار .
وأثق فى قدرة هذا الكيان المحترم فى الصمود والانتصار على حروب الحاقدين وأعداء النجاح ومروجي العنصرية والذين لا يرغبون فى سلام العالم من خلال محاولة إفشال أي تقارب وتعاون بين الاديان .