حمدي رزق
إذ فجأة، قررت شركة الوجبات الجاهزة العالمية «ماكدونالدز» إقالة رئيسها التنفيذى، «ستيف إيستبروك»، لعلاقة غرامية جرت مع موظفة مغمورة، ورغم أن العلاقة تمت بالتراضى، إلا أنها أخلّت بسياسة الشركة التى تحظر مثل هذه العلاقات، تحسبًا لإساءة استخدام السلطة المخولة لكبار الموظفين لإخضاع صغار الموظفين لرغبات غير مشروعة.
اللافت أن هناك اتفاقًا عامًا أن «ستيف» جاوز المدى، اتفاق بين الشركاء على الإدانة عبّر عنه بيان مجلس الإدارة، الذى اجتمع ليقرر الإقالة المسببة، وإقرار من «ستيف» بالأمر، وتأسفه، لم يكابر ولم يماطل، ولم يتشك أو يقاوم أو يعاند، ولم يتحجج بأن الموظفة راضية، لم يجبرها على العلاقة، ولم يهددها أو بذل لها جعلًا إضافيًا أو أتاح لها ميزة نسبية. فى رسالة حزينة إلى العاملين أقر ستيف بالعلاقة، وقال: «إنها أمر خاطئ، مع أخذ قيم الشركة فى الاعتبار، أتفق مع الشركة أن الوقت قد حان لى أن أذهب».
ذهب «ستيف» غير مأسوف عليه، كم مسؤولا يملك شجاعة الاعتراف بالخطأ، ويقرر «حان لى أن أذهب»، كم شركة تخاطر بإقالة رئيسها التنفيذى الناجح لتجاوزه تقاليدها، إذا كانت تملك تقاليد مرعية بالأساس، رغم نجاحاته، وبلوغه الأهداف المستهدفة، وزيادة، متى كانت الأخلاق تحكم البيزنس إلى حد التخلص من كبير الموظفين لعلاقة خاصة تمت بالتراضى مع موظفة تحت إدارته، لم تشك أو ترفض بل رحبت تمامًا.
كم مسؤولا متجاوزا حان أن يذهب إلى غير رجعة، فى الحجرات المكيفة والصالونات الملحقة تجرى أقذر أنواع العلاقات، بالغصب والاقتدار، بالتهديد والوعيد، يتفشى هتك العرض، والتحرش، والاغتصاب، وكل الرذائل الجنسية إرغامًا، بسلطة الموظف الكبير، الذى يمنح ويمنع، ويرقى ويخسف، ويمارس الفجور بسلطته الوظيفية.
وكم من ضحايا وقعن فى براثن ذئاب بشرية ترتدى بدلا محتشمة ورابطات عنق غامقة، وتصلى الفروض على أوقاتها، وسجادة الصلاة فى موقع تحت النظر، والزبيبة ثلاثية الأبعاد فى الجبهة العريضة، والسبحة فى الأيدى، وكتاب الله فوق المكتب، وآية قرآنية فوق رأسه الشايب، ولكنه ذئب بشرى شايب وعايب، وأراه يهرش رأسه وهو يقرأ قصة مستر ستيف «فلانتينو ماكدونالدز»، ويضحك فى سره، ساخرًا من القصة برمتها.
اللافت تسييد مبادئ الشركة وسياساتها الأخلاقية المنصوص عليها فى العقود، وكيف تتحسب الشركات لوقع العلاقات الغرامية على علاقات العمل، الشركات المعتبرة تتحوط من استغلال النفوذ والسلطة فى حوزة المديرين على من تحت إدارتهم.
دنيا الأعمال «مش سداح مداح»، والموظفات لسن محظيات، ولا هن إماء، ملك اليمين، هناك احترام ينم عن احتراف، عن سياسات وقواعد تحكم الأعمال والعلاقات، مكاتب المديرين والكبراء ليست غرف نوم، بل خلايا أعمال تحت المراقبة وذات زجاج شفاف، تخلو من الستائر واللمبات الحمراء.
نقلا عن المصرى اليوم