خالد منتصر
جمعتنى عدة جلسات فى دولة الإمارات مع مواطنين إماراتيين وأيضاً مهاجرين من جنسيات مختلفة مقيمين هناك للعمل. وبالطبع تطرّق الحديث إلى الطب وشجونه، ولاحظت أن معظم من ذهب للعلاج خارج الإمارات اتجه للأردن الشقيقة، وهى بالطبع بلد تقدَّم فى كافة فروع الطب واكتسب سمعة كبيرة فى مجال السياحة العلاجية، ماذا تقول الأرقام عن الأردن؟ تصنيف الأردن وصل إلى «المرتبة الأولى» فى منطقة الشرق الأوسط، والخامسة على مستوى العالم، كمركز جاذب للسياحة العلاجية، ونجحت فى أن تكون وجهة لأكثر من 80 جنسية عربية وأجنبية للعلاج، ارتفعت العائدات إلى ما يقرب من مليار ونصف مليار دينار أردنى، وتُشكّل عائدات السياحة العلاجية فى الأردن ما يقارب ثلثى عائدات قطاع السياحة كاملاً، حيث ساهمت بما يزيد على 14.2% من الناتج المحلى الإجمالى لعام 2011، ووفرت ما يزيد على 42500 وظيفة مباشرة فى القطاع الصحى من نفس العام. ووفق إحصاءات لمديرية السياحة العلاجية، التابعة لوزارة الصحة، بلغ عدد غير الأردنيين الذين اختاروا الأردن للعلاج العام الماضى زهاء مائة ألف مريض، وهناك تفوق كبير فى مجال زراعة الأعضاء التى للأسف ما زال قانون زراعتها فى مصر من الموتى إكلينيكياً غير مفعّل. السياحة العلاجية صارت نفط الأردن، هذه هى بعض الأرقام التى تعبّر عن النهضة التى حدثت فى مجال تقديم الرعاية الصحية لمواطنى الدول العربية، خاصة دول الخليج، وهناك طفرة أخرى فى صناعة الأدوية تحتاج إلى مقال مستقل.
وعندما سألتهم بصراحة عن سبب عدم إقدامهم على السفر إلى مصر للعلاج، كانت الإجابة الصادمة هى أنكم تقدمون دعاية بشكل فج ومنفر فى صورة برامج طبية للأسف فقدت مصداقيتها، قالوا نحن نعرف مهارة الأطباء المصريين جيداً ومستواهم الذى لا يقل عن أطباء الأردن، لكن لماذا تسوقون بهذا الشكل التجارى للطب من خلال البرامج الطبية التى نشاهدها على شاشاتكم؟!! كلام موجع، لكنه للأسف حقيقى، الطب المصرى على أرض الواقع مشرّف، الطب المصرى من خلال الشاشة وما تعرضه البرامج الطبية الإعلانية شىء غير مشرف ومؤلم، رائحة البيزنس تفوح منه، أى طبيب بأى شهادة بأى تخصص من الممكن أن يظهر فى الفضائيات بفلوسه، قنوات يقوم رأسمالها على تلك البرامج ومرتبات العاملين فيها وأكل عيشهم منها، وإلغاء تلك البرامج هو شطب لأكل عيشهم، مطلوب طوق نجاة لإنقاذ صورة الطب المصرى وليس إنقاذ الطب المصرى، هناك فرق، الأطباء يبذلون الجهد والعرق هنا فى الداخل، لكن ماذا عن صورتهم الخارجية؟ بالطبع أتمنى التوفيق للأردن الشقيق وإلى المزيد، لكن من حقى أن أتساءل: لماذا السياحة العلاجية عندنا بالرغم من تميزنا لا ترقى إلى ربع هذا العدد الذى يذهب إلى هناك؟ وفى انتظار آراء أساتذتى وزملائى عن كيفية النهوض بتلك السياحة المهمة التى ستصبح قاطرة التنمية فى مصر.
نقلا عن الوطن