منى أبوسنة
فى مارس من عام ٢٠٠٦ عقد منتدى ابن رشد ندوة بعنوان «لا ديمقراطية بلا علمانية»، وكانت هذه هى الندوة الأولى فى سلسلة ندوات عقدها المنتدى تحت مظلة مؤتمر «تأسيس العلمانية فى مصر» كانت الندوة الأولى هى حجر الأساس فى تحديد الرؤية المستقبلية التى يتبناها منتدى ابن رشد الذى أسسه أ.د/ مراد وهبة فى مارس من عام ٢٠٠١، تلك الرؤية المستقبلية تنطوى على مشروع مستقبلى يؤسس لوضع قادم بديل للوضع القائم المأزوم. سبب الأزمة مردود إلى غلبة التيار الأصولى الإسلامى بزعامة جماعة الإخوان المسلمين وسيطرته على جميع مفاصل الدولة المصرية فى غياب أى تيار فكرى بديل يواجهها، وتستند الرؤية المستقبلية التى طرحها مؤسس منتدى ابن رشد إلى رؤيته للديمقراطية كمفهوم وكمسار حضارى، كما طرحها فى كتابة المعروف رباعية الديمقراطية وتتأسس الرباعية أول ما تتأسس على العلمانية. ومن هنا جاء عنوان الندوة الأولى «لا ديمقراطية بلا علمانية»، والجدير بالتنويه أن الجريدة الوحيدة التى نشرت خبر انعقاد الندوة كانت جريدة الأهرام حيث نشرت خبرًا فى اسفل الصفحة الأولى يعلن عن انعقاد الندوة، مضيفة أنها ندوة غير مسبوقة حيث تتناول موضوعًا مهمًا يُطرح لأول مرة فى مصر وهو العلمانية وهى قضية جديرة بالاهتمام. وتلت الندوة الأولى عدة ندوات كان آخرها فى عام ٢٠١٢ ثم توقف مشروع مؤتمرالعلمانية فى مصر'> تأسيس العلمانية فى مصر بعد قيام ثورة الشباب فى ٢٠١١ التى أحدثت واقعا جديدا وانتهى الامر عند هذا الحد. واللافت للانتباه أن الندوة الأولى والندوات التى تلتها لم تحظ بأى اهتمام لا من جانب الإعلام المقروء ولا المرئى وكأنهم قد اتفقوا سرًا على اتخاذ موقف التجاهل والصمت فيما عدا الخبر الذى نشرته جريدة الأهرام المذكور سلفًا،
.. حتى فوجئت بالدكتور خالد منتصر ينشر مقالًا بجريدة الأهرام بعنوان «الديمقراطية بدون علمانية وهم وسراب» بتاريخ ١٦ أكتوبر ٢٠١٩ يطرح فيه مقولة حتمية لزوم العلمانية للديمقراطية، ولكنه يطرحها بالسلب كما جاء فى عنوان المقال، ثم يدلل بعد ذلك بلغة أدبية جميلة ورصينة على صحة مقولته مما يوحى للقارئ أن صاحب المقال هو صاحب مقولة «لا ديمقراطية بلا علمانية» والتى طرحت تاريخها فى بداية المقال لمجرد العلم والإحاطة. مع ملاحظة أن الدكتور منتصر قد أشار فى عبارة فى مقاله إلى تعريف دكتور مراد وهبه للعلمانية. وختاما فليسمح لى الأخ العزيز د.خالد منتصر أن يراجع مقاله فى ضوء المعلومات التى طرحتها وذلك من أجل تحقيق هدف هام جدا من أهداف تغيير الوضع القائم وتأسيس وضع قادم، وهذا الهدف هو إحداث تراكمات فكرية ومعرفية من شأنها أن تؤدى إلى النقلة الكيفية المنشودة، حيث بدون هذه التراكمات سيظل الوضع القائم ثابتا وجامدا ومحبطا، وفى تقديرى أن تجاهل هذا الهدف من قبل المثقفين المصريين والعرب هو فى مقدمة الأسباب التى أدت إلى بقاء الوضع كما هو عليه.