الأب رفيق جريش
نحن في الشرق عمومًا وفي مصر خصوصًا مصابون بداء التقليد الأعمى، خصوصًا ما هو وارد من الولايات المتحدة الأمريكية، ويكفى أن نرى بعض الشباب في ملبسهم وكلامهم ورقصهم واحتفالاتهم كيف يقلدون تقليدًا أعمى كل ما هو وافد، وأحدث تقليد هو الاحتفال بالهالوين الذي تسرب رويدًا رويدًا إلى مجتمعنا بفضل بعض المتأمركين وبالأحرى المدارس الأجنبية ذات المصاريف العالية التي أصبحت منتشرة في مصر وبرقابة سيئة من الحكومة المصرية، والتى أصبح فيها الطالب المصرى «زبون» وليس طالب تربية أو تعليم، ومتغربا عن مجتمعه فلا يتعلم اللغة العربية إلا قليلًا ولو تكلمها فبلكنة خوجاتى ولا دين (مسيحى أو إسلامى) ولا تاريخ وجغرافية بلاده، وهذه فرصة لكى نطالب بتصحيح هذا الوضع الأعوج بينما الأمريكان العاملون في شركات أو سفارات أو ما شابه يتعلمون اللغة العربية والأديان والتاريخ والجغرافيا ربما أحسن من المصريين. فلا ننسى أن الاستعمار الحديث هو ثقافى من الدرجة الأولى فهم يتعلمون لغتنا وتاريخنا وجغرافيتنا بينما يعلمون أبناءنا لغتهم وتاريخهم وجغرافيتهم.
في مساء 31 أكتوبر تحتفل الكنيسة الكاثوليكية في الغرب بعيد جميع القديسين، لتحيى في اليوم التالى تذكار الموتى من أهل أو اقارب المؤمنين وكل من توفى عمومًا، فترفع الصلوات فيما يضىء المؤمنون الشموع ويذهبون لزيارة المقابر. إلا أن روح الشر في عالمنا الحالى حور هذا العيد، ونقل إلينا تقاليد غربية لا علاقة لها بتكريم القديسين ولا بالصلاة والدعاء من أجل الموتى لا من قريب ولا من بعيد، وجعل من هذا اليوم «عيد هالوين» جارًا معه إلى الهاوية العديد ممن انغمسوا في طقوسه بدون أن يدركوا ماهيتها. فالهالوين هو أعظم أعياد كنائس الشيطان، وهو احتفاء بالموت وإجلال لإله الموت واحتفال بانتصار الظلمة على النور، كما أنه يجلب شرورا كثيرة ولعنات على المحتفلين به، والذين عن جهل منهم يتنكرون لما خلقهم الله عليه.
في كل الأديان هناك زيارة القبور لتذكر الموتى وتكريمهم لذا نقول إنه من المهم أن يتذكر الناس أصول هذا «العيد» بهدف الاحتفال به كما يلزم، بدلا من اللجوء إلى ما «يمجد» الشر والشيطان والشرير. ليس هناك مشكلة ما بارتداء الأولاد زيًا تنكريًا كرعاة البقر أو الأميرات أو القادة أوالزعماء، ولكن الخطر يكمن في تحوير معنى العيد وفى ارتداء الأزياء التي تمجد عمدًا الشر وتبث الخوف والرعب في نفوس الناس، حتى بالنسبة إلى من يعتقدون أنهم يفعلون هذا للتسلية فحسب. وقد ضاع في هذا كله الدلالة الدينية مع تمجيد الناس للشر. وواجب الأهل أن يجعلوا من هذا النهار يومًا تعليميًا حول هويتنا ويومًا يشرحون فيه لأولادهم معنى الأعياد الدينية.
ويبقى الأهم أن ندرك جميعًا أن تلك التقاليد لا تشبهنا البتة نحن الشرقيين، وعلى وزارة التربية والتعليم والحكومة بشكل عام التنبيه للثقافات الرديئة الواردة إلينا وتحصين أطفالنا وشبابنا منها.
نقلا عن المصرى اليوم