يوحنا21 :1 -14
الاب اثناسيوس حنين
الاحد 10 نوفمبر 2019
جأت مبادرة هذه الاطلالة ’والى نرجوها اسبوعية ’بعد حوار مع صديق "فيسبوكى" قديم وعليم أبدى حزنا شديدا وعتابا على قلة حضور الكلمة الالهية على وسائل التواصل ما خلا بعض ايات متناثرة ’ هنا وهناك ’ خارج سياقها أو موضوعات كتابية عراكية أو دفاعية أو نظام "الكلام لك يا جارة " ! سنخصص تأملنا فى انجيل السحر "باكر" والذى تخصصت فى قرائته كل صباح احد محاطا بالرهبان الاثوسيين وأبيهم الروحى فى كنيسة دير القديس نيكتاريوس باثينا . لاشك أن احداث الصليب وقتل معلمهم بسبب من التعصب الدينى والمساومات السياسية والصفقات المالية والرشوة قد أصابت التلاميذ بالاحباط والضجر ’ الذى يسميه اباء البرية "شيطان الظهيرة" والذى يمكن أن يؤدى اذا ما امسك بتلابيب النفس الغير محصنة بالنعمة والفهم وفنون الحرب الروحية والنفسية ’الى ترك المعلم والرسالة ونقض العهود وخلع الانسان الجديد ولبس العتيق !. لقد أدى هذا "القرف" الى أن قام بطرس بمبادرة شخصية وفردية " أنا أذهب للصيد" ربما شعر بطرس بانهم مراقبون من السلطات التى قتلت معلمهم ’ ولم يريد أن يورط اخوته فى خروجه للصيد ليلا والبلد فى حالة طوارئ بسبب من قتل الناصرى ! .
"أنا" بدون أن يدعو رفاقه كعادة الصيادين المحترفين ! الخيبة الشخصية تؤدى الى شق الجماعة وتشتيت الجهود !قرر باقى التلاميذ أن يذهبوا معه ’ مع بعض ع الخير والشر زى ما بيقول المصريون . ."وفى تلك الليلة لم يمسكوا شيئا". قضوا الليل جله فى بحيرة طبرية فى فلسطين وهم الصيادون الحاذقون. المبادرات الفردية مهما كان صاحبها موهوبا أو خاريسما ’ مرشحة أن تؤؤل بالفشل . القائد العظيم ليس هو الذى يقود بل هو الذى يصنع قادة .. الحياة تعمل مع الحماعة المتحابة ولا يروقها الواحد الملهم !لهذا اساس ثالوثى وليس وحدانية مغلقة ومصمته تدهس الناس دهسا زى عجلة العربية الصب بلا حياة ولا هواء !. ولما كان الصبح "وقف يسوع على الشاطئ ".
الاحباط الشديد والشطارة الزايدة وغياب روح الفريق والانغلاق ع الذات ’ تحجب عنا وجه المعلم .يقول الحبيب يوحنا أن "التلاميذ لم يكونوا يعلمون أنه يسوع " ’ ربما بسبب من لاهوته بعد القيامة ’ ولهذا قرر المعلم أن يظهر لهم بشريته أى ناسوته وبشكل عملى وطلب شيئا من السمك "أداما"’ الأمر الذى ستقيم عليه المجامع المسكونية ’ لاحقا ’ لاهوتها وعقائد الكنيسة الخرستولوجية -المسيحيانية وخاصة المجمع المسكونى الرابع 451 م .
المجامع واللاهوتيون لم يأتوا بشئ من عندياتهم ولم يتفذلكوا بل تبعو الكلام الالهى وعاينوا السيد عند البحيرة وأكلوا وشربوا معه وهناك من يرى أن الأكل مع التلاميذ بعد القيامة يشير الى الافخارستيا ’ حتى ولو لم تكن بشكلها الذى تطور خلال التاريخ ’ لأن كل لقمة حلوة مع يسوع هى افخارستية !. لم ينتظر السيد اجابة لأنه أدرك حزنهم المهنى وخيبتهم الروحية الكبيرة ويأسهم ’ لا اعتقد بأننى وحدى الذى يصيبه الغثيان من الوعظ المعاصر الذى يحمل الناس اثقالا من الواجبات وعرة الحمل ’ سيبك بأنهم ما بيعملوش باللى بيوعظوا بيه من فوق المنابر ! ولكن المأساة أنهم لا يكلموهم عن مبادرات السيد الكثيرة والخيرة والتى تشهد لها الكلمة الالهية من التكوين للرؤيا وسط هموهم وفى عز اشغالهم ومكاتبهم ومدارسهم ومخادعهم وخروجهم ودخولهم ! ويتعجبون لماذ يذهب شبابنا وبناتنا وستاتنا حيث الترنيمة الحلوة وكلمة ربنا !!!’ فأمر يسوع أمرا يبدوا شكليا متناقض "الباراذوكسا الابائية" بأن القوا الشبكة الى جانب السفينة الايمن !ما نراه عند الصيادين أنهم يمسكون الشبكة باليمين ويلقوها على يسار المركب لتأخذ قوة اليد اليمين ! هنا الاشارة واضحة الى يمين الرب التى تصنع قوة حسب داود والى طاعة الايمان التى طالما ما كلمنا عنها بولس رفيق بطرس ’ هامتا الرسل ’ حسب التراث .فى معية المعلم نحن ننفذ ولا نتظلم بل نربح دوما. النتيجة " الصيد الوفير" .
هنا من احب كثيرا يفهم كثيرا .’ يوحنا ’ لم يقل التلميذ الذى يحب الرب ’ بل التلميذ الذى كان يسوع يحبه ! ما تقوليش "حب ربنا" وتسيبنى ’ قل لى "ربنا بيحبك " وسيبنى بين ايديه . ! قال لهم التلميذ المحبوب "هو الرب " ربوبية يسوع ليست محصلة عراك فكرى وردح بلدى وتراشق بالايات والنصوص الابائية المقطوعة من شجرة الحياة والكنيسة ’ بل ’ بل كشف "ابو غلامسيس" كما يسميها المصريون .الموضوع مش نظريات دى لمسات واعلانات " كما يرتل شعبنا الطيب واللاهوتى بالسليقة. اللاهوت العلم يبدأ من لاهوت القلب . لا يمكن للنجسى القلوب والمظلمى العقول وعابدى المال واساتذة الكسب الغير المشروع ’ حتى لو باسم ربنا ’ وأكلى خبز الارامل والايتام وذوى القربى والحظوة ’أن يصيروا لاهوتيين . ازاى يعنى ’ مش فاهم ’ يبقى اللى سهروا الليالى وتركوا كل شئ واحبوا حتى المنتهى ودرسوا امهات الكتب وبكوا بكاء مرا على ذنوب لم يرتكبوها وسامحوا حتى المنتهى ’"ياخذو بومبة " !.اللاهوت ليس هو ردح بلدى بل رؤية كيانية وسهر كثير وحب كبير وتجرد كامل ودرس وتفتيش دائم للكتب -جميع الكتب- متواصل وتلمذة لا تكل والأهم مراقبة علامات الزمان الأنى والأتى .
هنا ينكشف حب يسوع .ان اكتشاف بطرس لعريه لهو درس كبير أنه لا يوجد أول وأخر بين تلاميذ المسيح ’ والفكر الكنسى يرى البطريرك المتقدم "بين اخوة متساويين"’ بل أن كل تلميذ اكليريكيا أكان أم علمانيا ’ هو امتداد لكل تلاميذ المعلم حسب العظيم اوريجينوس . التلاميذ لم يسألوا يسوع " من أنت : لانهم يعلمون أنه الرب .
حينما ينكشف الرب للنفس والعقل لا حاجة الى سؤال !.نختم تأملنا بوقفة مع عدد السمك ’ اذ يقول يوحنا بأنه "مئة وثلاثا وخمسين" فقد ورد عند القديس ايرونيموس أن علماء الطبيعة الأقدمين كانوا يدعون السمك 153 صنفا ’ فعلى شبكة الرسل أن تجمع جميع الاسر البشرية فى شبكة الكنيسة الواحدة مهما كانت احجامها او مستواها أو ألوانها (راجع الترجمة اليسوعية ).الى اللقاء الاحد القادم فى اطلالة انجيلية جديدة . يسوع فى وسطنا.