سليمان شفيق
رشا ارنست، مدونة وكاتبة وباحثة في مجال الإعاقة، مسئولة إدارة الثقافة والفنون بالمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة. ومُحاضر مُعتمد في دبلوم التنمية الثقافية، بجامعة القاهرة، وباحثة ماجستير التخطيط للتنمية المستدامة. وأحد الذين اعدوا المسودة الأولى لقانون 10 للأشخاص ذوي الإعاقة الذي صدر في 2018، وأحد الذين اعدوا تقرير مصر الأول حول مدى تطبيق بنود الإتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة في 2016 ضمن عملها بالمجلس.
هذة البطلة التي فقدت ساقيها من خمسة عشر عاما واستطاعت ان تحقق كل الانجازات السابقة تعرضت الي حالة "مهانة" ، من مصر للطيران في رحلتها من القاهرة الي جوانسبرج والعودة مما جعلني استضيف كتابتها الي وزير الطيران ومن يهمهم الامر .
نص ما كتبتة رشا:
ماذا حدث معي بشركة مصر للطيران؟!!
اولا: رحلة السفر
مبدئيا المنظمة الإفريقية التي دعتني للمشاركة في منتدى حوار المرأة الإفريقية حرصت على دفع رسوم زيادة لخدمات خاصة بصفتي باستخدم كرسي متحرك.
وصلت مطار القاهرة وانهاء الإجراءات مساء الجمعة ٢ نوفمبر وحين وصلت للطائرة أخذوا الكرسي المتحرك بتاعي بعد أن سجلته ضمن اغراضي، واوصيتهم أن الكرسي قابل للكسر في أجزاء متعددة واخبرت العامل بكيفية سيره وطيه واوصيته كالعادة. وكان مكاني بالطائرة مناسب جدا وطاقم الطائرة محترمين فيما عدا شخص واحد سياتي ذكره لاحقا.
وصلت جوهانسبرج صباح السبت ٣ نوفمبر واحضروا لي الكرسي عند باب الطيارة وصدمت حين وجدته مكسور (جزء هام من إغلاق الزراع الأيسر للكرسي فلا يجعله يغلق وظل معلقا) ولولا إصرار أحد المشاركات معي على تحرير شكوى ما كنت فعلتها لانى عارفة مصر للطيران للاسف ولأن المسافات داخل مطار جوهانسبرج مرهقة جدا لو كنت وحدي، ومع اصرار هالة اللي باشكرها جدا ساعدتني وعملنا لفة طويلة عريضة لتحرير شكوى في محاولات لاحباطنا والتهرب من تحريرها. وحتى هذه اللحظة لم يصلني اي رد على الشكوى من شركة مصر للطيران
ثانيا: رحلة العودة
وصلنا مطار جوهانسبرج مساء الجمعة، قبل موعد الطائرة بخمس ساعات، ورفضوا كل محاولاتي في ضمان عدم كسر الكرسي المتحرك مرة اخرى، وبالنهاية وافقوا بوضع ملصقات قابل للكسر على أرجاء متفرقة من الكرسي المتحرك، على أن أصل به حتى الطائرة
وصلت الطائرة ووجدت مع الأسف لامبالاة من نفس الشخص الذي استهتر بما حدث عند الوصول وكان يردد ان هذا وارد الحدوث جدا ولم يساعدنا على تحرير شكوى رغم أنه ضمن طقم الطائرة وحين طلبت منه أن يوصي العمال بالتعامل المهنى مع الكرسي قال لي( انا مقدرش اضمن لك حاجة) وكان في منتهى البرود، وانتقلت على الكرسي الخاص بدخول الطائرة ورتبت الكرسي المتحرك ووضعت علامات قابل للكسر بعناية وقمت بطيه بنفسي وتسليمه للعمال وينتابني شعور محبط جدا. دخلت الطائرة وتفاجئت بأن الكرسي الذي اختاره الموظف لي ولم أكن منتبهة أن اعرف مكانه لانشغالي بالكرسي المتحرك موجود في نهاية الطائرة، وهذا معاكس للحجز والرسوم المدفوعة، بالاضافة الى طاقم طائرة غير مهني بالمرة، بدون ادنى احساس بالمسئولية ومش فارق معاهم رغم اللي شافوه من صعوبة وانا أمر بين كل كراسي الطائرة.
حين وصلت الطائرة إلى القاهرة، غادر جميع الركاب بلا استثناء الا انا وبدأ الطاقم في المغادرة فاخبرتهم أننى مازلت بالطائرة وانتظر الخروج، بكل برود ردت عليا المضيفة (هايجيلك العامل ماتقلقيش) وتركتني بعد أن رفضت انزال أغراضي من المكان المخصص وقالت لي مش تخصصي.
وعندما وصلوا لباب الطائرة رفعت صوتي وزعقت والحقيقة لم يخيبوا ظني بصوا لي ولا كاني باتكلم وفي اللحظة دي دخل عامل محترم قالي هافضل معاكي لباب العربية، وحين سألته عن الكرسي الخاص قالي موصلش حاجة وهنا بدأت انهار فعليا لكنى تماسكت، وبعد معاناة المرور بكل كراسي الطائرة مرة أخرى وصلت لباب الطائرة وإذ بي اجد سيارة نقل مستخدمي الكراسي المتحركة لان الطائرة وقفت على سلم وليس ممر. وتحركت السيارة وبها رجل أجنبي مسن منتظر كل هذا الوقت في منظر لا حول له ولا قوة، انتقلت على كرسي غير مؤمن بالمرة بالسيارة والعامل لا يعلم اي شيء عن الامان لشخص بدون اقدام، سلمت امري لله، ومع حركة السيارة تعرضت للسقوط أكثر من مرة ولكني كنت اتمسك بمقبض بجواري وانا في ذهول مما يحدث، تحركت السيارة وبعد عشر دقائق لم نصل لصالة المطار سألته احنا رايحين فين؟ أجابني العامل رايحين نجيب ناس من طيارة تانية!! وهنا وقد وصلوا إلى قمة الاستهتار، اخبرتهم ان لم تتحرك السيارة فورا لصالة الوصول سانشر كل شيء مباشر على الفيسبوك، فخافوا وتحركوا على صالة الوصول.. وبالفعل سجلت فيديو لكني لم انشره.
حين وصلنا كان لازم انزل على كرسي متحرك وإذ بهم يقدمون لي كرسي قديم جدا تسبب في جزع معصمي عند الانتقال له (تفاصيل لا يمكن شرحها بالكلام)، وذهبنا لاستلام الكرسي والحمدلله لم يكن به أي كسر هذه المرة ( ده الشيء الوحيد الكويس في هذه الرحلة المشؤومة)
ما عانيته من عدم الاتاحة واللامبالاة وانعدام الاحساس لا يمكن وصفه، شركة مصر للطيران تعاملنا وكأن لا كرامة لنا. لا يقدرون قيمة استقلالية الحركة أو الوقت ويهدرون كرامتنا بكل لامبالاة.. تعاملهم مع المصريين بشكل عام ومع المختلفين جسديا بشكل خاص لا يرتقي لأدنى مرتبات الاحترافية المهنية
لقد بدأت اليوم إجراءات قضية للمطالبة بتطبيق كود الاتاحة المنصوص عليه في الدستور المصري وقانون رقم ١٠ لسنة ٢٠١٨ والاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة الموقعة عليها مصر ، مع رد اعتبار فيما تعرضت له من سوء معاملة له آثار نفسية وسأقوم بتصعيد الأمر لوزارة الطيران المدني وجهات أخرى.. كفاية استهتار بمعاملتنا، من حقنا استخدام آمن ومستقل دون المساس بكرامتنا أسوة بكافة المواطنين.
انتهت رسالة رشا ارنست وتري ما رد الوزير والمسئولين ؟