الأقباط متحدون | من القمــامة ...الي الكــــرامة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٢:٠١ | الثلاثاء ٣١ يناير ٢٠١٢ | ٢٢ طوبة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٥٦ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

من القمــامة ...الي الكــــرامة

الثلاثاء ٣١ يناير ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

 بقلم :هـانــي شــهـدي
 

منذ عدة أيام ، اتصل بي أحد أصدقائي المقربين صباحاً وعلى غير العادة وسألني الحضور سريعاً الى المستشفي حيث زوجة أحد اصدقائنا في حالة "وضع" المولود الأول للأسرة ، والطبيعي أن نكون بجواره في هذه الظروف، لكن صوته لم يكن مطمئناً بالقدر الكافي المناسب للحدث، شعرت أنه يخبئي وراء سؤاله علامة استفهام تسللت الى رأسي لكنه لم يفصح عنها ، لكنها أرقتني طوال الطريق لكني دائما أسلم الأمر لله.

في المستشفى، استقبلني صديقي المتصل ، ثم وجدت الأسرة والأقارب كلهم في حالة من الفرحة والحيرة ، الإيمان والحذر مما زاد علامات الإستفهام بداخلي التي اعفاني هو منها بأن بادرني " الأم بخير الحمد لله لكن الطفل ولد لظروف استثنائية بعد ٦ أشهر من الحمل ، مما يعني أن جسمه مكتمل ظاهرياً لكن اعضائه الداخلية كالمخ والأحشاء بحسب كلام الأطباء غير مكتملة وهو الأن في الحضانة " ، سألته : وماذا يعني يعني هذا ، قال:الحضانة في هذه المرحلة غير قادرة على استكمال نمو الجنين بصورة طبيعية مثل رحم الأم ، مما يهدده أما بالوفاة أو أن يستمر ويستكمل حياته لكن مع احتمالية وجود تشوهات خلقية أو إعاقة ذهنية لا تقل عن 90%.. سألته وما الحل، أخبرني بأن الأطباء تركوا للأسرة القرار الصعب أما بفصله عن الحضانة فيرجع من حيث جاء، أو يستمر داخل الحضّـانة و" هو ونصيبه" لكن يبقي السؤال هل ستتحمل الأسرة العبء الثقيل له ولهم من رعاية طفل معوق ووجوده بينهم؟! وهذا أفضل ما يمكن أن تقدمه المستشفي ذات المستوي الطبي المتقدم من حلول.زاد من صعوبة القرار حينما رأينا هذا الكأئن الحي ، الإنسان الضيف الصغير المنتظر الذي خلقه الله بداخل الحضانة يمارس أسرار الحياة .. كان حقاً هو القرار الصعب ، هل نرحمه فنقتله الأن ، أم نرحب به لنتركه يعذب مستقبلاً؟ سألت صديقي " رأيك أيه!" قال لي سإجاوبك بهذه القصةالحقيقية ( التي للأمانة هي نقلاً عنه في خطوطها الرئيسية):-

في محيط العائلة زوجة حامل في توأم " ولد وبنت" فجأتها الآم الولادة ، في المستشفى الريفية ذات الإمكانيات الطبية المتواضعة ، أخبره الطبيب بعد فحص اشاعات ما قبل الولادة ، بأنه للأسف الطفل الولد (حيث الولد هو غالبا محل الإهتمام في الريف) حدث له اختناق ومات في بطن أمه ، وكنتيجة طبيعية غالباً في الطب اختناق أحد التوأمين يعني موت الأخر أيضاً ، فما كان من الجنين الولد الى أنه خرج من رحم أمه الى الدنيا الى عفواً " صندوق الزبالة" وبالتبعية تبعه لنفس الصندوق الجنين "البنت" بعد دقائق قليلة وقبل أن تعتزم الأسرة مغادرة حجرة الولادة ، سمع الجميع صوت أنين كما "زقزقة الفيران" يأتي من صندوق الزبالة ، فكانت المفاجأة بأن الجنين "البنت" ما زال حياً، فبعد أن اتخذ البشر قرارهم بتحدد مصيرها ودفنها المبكر ، أعلن الله عن نفسه وأن له في حياتها خطة أخري ، وأعطاها قرار الحياة الأول.

أفاق الجميع من المفاجأة بأن أخذو الجنين ونظفوه ، وعمل اللازم طبياً معه ، لكن كانت هناك ضرورة لنقله سريعاً للحضّانة لضعف حالته الصحية ، لكن للأسف لا توجد حضّانة متاحة في مستشفي القرية ولا مستشفي المدينة ولا حتى مستشفيات المدن المجاورة، وبسرعة استغرب الجميع لماذا أعطاها الله الأمل في الحياة وبسرعة سحب هذا الأمل ، لكن عزيزي القارئ تذكر دائما " الله الذي يعطيك الطريق لا يتركك في منتصف الطريق"، لكن قصد الله ان يشركهم فى عمل يديه فيعطوها اهتمام و رعاية بإيديهم اخفقوا فيها فى قرارهم الاول بدفنها ، فبذلوا كل ما فى وسعهم من تنظيف للحجرة الريفية و تعقيم للادوات و الاهتمام بالرضاعة و الاعشاب الى ان اعلن الله عن خطته و اعطاها قرار الحياة الثانى .

بعد مرور شهر اصيبت المولودة بنزلة رئوية حادة ، بعد فحصها من اكثر من طبيب بالقرية آخرهم حاصل على ماجستير فى طب الاطفال و الجهاز التنفسي اخبر والدها " خذها و روَّح مافيش امل مش هتعيش "رجع تملكه خيبة الامل و لم يتعلم الدرس السابق ، قابله احد الاطباء البيطريين بالقرية حديثى التخرج و كان يملئه التحدى و اثبات الذات و الثقة فى معونه الله ، بادر والدها بالسؤال غير المتوقع " ايه رأيك تسيبنى اجرب فيها و هى و نصيبها ؟!" لم يكن للأب امل أفضل من هذا يعلق عليه امله المكسور قاله " ماشى جرب " بذل الطبيب البيطري افضل ما عنده،استلف جهاز تنفس صناعى من شخص اخر بالقرية مصاب بضيق تنفس و علقه لها ، اعطاها مضادات حيوية بجرعات زائدة تصعب على طفل عمره شهر تحملها ، و كورتيزون و عندما بذل الجميع افضل ما ليهم " و رفعوا الحجر " اعلن الله عن خطته و اعطاها قرار الحياة الثالث ..

" مارينا " الآن ليست طفلة إنما طالبة بالمرحلة الثانوية " عروسة بحسب قوله" .

عزيزى القارئ .. احمل اليك رسالة امل و تعزية ، اينما كنت سواء فى مصر تعانى الضيق و اليأس فى هذه الظروف السياسية لكنك محل اهتمام الله، او فى اى مكان آخر لكنك مهزوم من نفسك و من ظروفك ، اياً كان مذهبك او معتقدك الدينى مسيحى او مسلم او حتى بعيد عن الله ، اعتقد انك لن تكون اسوء حالاً من مارينا الطفلة ذات الايام القليلة من العمر ، كل الظروف ضدها اول تكريم لها كان صندوق القمامة لا تملك ما تعبر به عن المها ، لكن انقذها الله بأقل ما عندها لكن هو كل ما تملك و هو نهيز الفئران ( صوت الفأر: نهيز) ، فافعل ما عليك.

لا تتوقع منى ان اطلب منك أن تضع نفسك دقيقة مكان الاب فقد يكون الله رفعك من عناء التجربة أو تضع نفسك مكان مارينا لانك بالتأكيد كبرت و "قرأت كلماتى" او حتى الطبيب المجتهد ، لكنى اطلب من نفسى و منك ان تثق دقيقة واحدة فى خطة الله لحياتنا التى ابدا لم يقصد الله نهايتها بصندوق القمامة ، انما هو كان بداية اكتشاف خطة الهية عظيمة تحمل لى و لك كل رفعة و كرامة، فعلينا ان ننهض انا و انت من وسط القمامة بارادتنا و نكشف خطة الله البديعة لنا .

- بعد أنا انهيت تلك الكلمات لا أدري لماذا -على الفور- تذكرت على المستوي المصري الأديب طه حسين من وفاة اخوته بالكوليرا، الى اصابته بالعمي، الى الكتاب، الى الأزهر، الى السربون بفرنسا ، الى عميد الأدب العربي ووزير الثقافة. وعلى المستوى العالمي " وبمناسبة الفئران والقمامة" تذكرت امبراطور المال اليوناني "اوناسيس" في القرن الماضي من مجرد عامل فقير على ظهر سفينة " ينافس الفئران على أكل القمامة" -بحسب تعبير كتاب يسرد قصة حياته- في أول سفر له، الى صاحب أكبر أسطول لسفن الشحن، وشركات النفط ،وصفقات السلاح ، وثروة ينافس بها اقتصاد دول بأكملها ، الى زواجه من جاكي كندي زوجة الرئيس الأمريكي الراحل جون إف كندي.

و عودة سريعة الى صديقنا الاول، اعفاه الله من عناء الاختيار و الم الاختبار الصعب و القرار المؤلم و قرر ان يسترد وديعته بسلام . "امين هو الله الذى لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون...١ كو ١٣"

-عزيزي القارء:اذا كنت مررت بظروف معينة اختبرت فيها عمل الله في حياتك ، تشرفنا مشاركتك الإيجابية عبر تعليقك، فقد تكون كلماتك البسيطة سبب تقوية وراحة لكثيرين ، فلا تتردد.
 

و قد انهي بصديقى بالترنيمة القائلة " الله لقوة لنا "
الله قوه لنا وحمانا الوطيد فى الضيق عون قادر ونصير شديد
فلذا لسنا نجزع والقلب لا يفزع ولماذا نزعزع والرب معين
الارض ان تزعزعت ودهمتها المخاطر او قلبت جبالها فلنا الرب ناصر
 

للإستماع الى الترنيمة كاملة ، اليكم الرابط:-


http://www.arabchurch.com/tranem/6-262-8591-الله-قوة-لنا




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :