بقلم / عزت بولس
تابعت كغيري أزمة قناة " ctv" والتي يُطلق عليها البعض قناة الكنيسة القبطية لأسباب لا أعرفها. وفي إطار تلك الأزمة والتفاعل معها كتبت عبر موقعي بالتواصل الاجتماعي رأيي بالأزمة، وأوضحت أن مطالب إزاحة مذيع مسلم من برنامج رئيسي بالقناة إنما هو انتصار للطائفية. وإذ أفاجأ بالتعليقات التي تهاجمني وتتهمني بالعمالة والتخوين عبر سلسلة من الشتائم التي هي ليست ذات مجال في نقاش عقلي واعي راشد.
بداية أتفق تمامًا في أن تغيير شعار القناة خطأ كبير بل " تفكير ساذج"، وذلك لأن الشعار بغض النظر عن كونه يحمل ما يُشبه شارة الصليب إلا أنه يعد كماركة مسجلة للقناة وتغييره خطأ كبير. ومع تقديري الكامل لقداسة البابا تواضروس الثاني إلا أن مداخلته لدعم التغييرات الإدارية بالقناة لم تكن موفقة وجاءت بنتيجة عكسية كانت متوقعة.
لنأتي للنقطة الأهم وأساس الخلاف والجدل بل والأزمة، ألا وهى وجود مذيع مسلم لبرنامج رئيسي بقناة مسيحية، ليصرخ المعارضين هل يُسمح لمذيع مسيحي أن يكون رئيسي بقناة إسلامية؟ وللإجابة على هذا السؤال لابد من طرح سؤال استباقي له وهو هل يرضي أو يرغب مسيحي من المشاركة كمذيع في قناة إسلامية؟ الإجابة لا. والأسباب نفهمها جميعًا ولا مجال لطرحها.
في مجال تجربتي مع " الأقباط متحدون" أتذكر المؤتمرات التي قام بها الراحل الكريم المهندس عدلى أبادير ، والذي كان دومًا حريص على مشاركة الصحفيين المسلمين للمشاركة بكل مؤتمراته عن القضية القبطية، وذلك كان لأنه يُريد أن تصل رسالته للجميع مسلم ومسيحي، وليوضح للمسلم حقيقة الإجحاف الذي يعاني منه المسيحي بالمجتمع، فيكسب سندًا شعبيًا لقضية عادلة. والعكس لذلك هو مخاطبة أنفسنا في غرف مغلقة لا أحد يسمعنا أو يفهمنا، وذلك ما حدث بأزمة ctv"" حيث أنتصر الخوف والرفض للأخر على التسامح والانفتاح على الأخر عبر توسيع دائرة المتابعين للقناة وما تطرحه من قضايا.
يقول شكسبير "نحن مع مرور الوقت نكره ما نخاف" ونحن هنا كمسلمين ومسيحيين في حال استمرار خوفنا من الاحتكاك ببعضنا البعض، والانغلاق على أنفسنا وقنواتنا الإعلامية والفكرية والثقافية والاجتماعية وغيرها، سنعمق دون أن ندري لمزيد من الكراهية التي تتخذ الأن شكل غير معلن إلا أنها ستبقي معلنة ومبررة بل ومباركة مع الأسف.
أعود لتجربتي مع "الأقباط متحدون" وأقول أنها امتداد لفكر مؤسسها الراحل الكريم عدلى أبادير، حيث لا يشغل عقلي دين المتقدم لأى وظيفة متاحة لدينا بقدر ما يشغلني كفاءته وما سيقدمه للصحيفة والعمل، ولا يوجد لدينا متاجرة بالمشاعر الدينية للمتلقي بل نحاول أن نأخذ بيديه ليندمج بالمجتمع المصري ككل لا لينعزل عنه عبر صفحتنا.
هنا يحضرني الرجل المحترم المهندس يوسف سيدهم ودعمه من خلال جريدته للمسلم والمسيحي ولعل في تجربة برلمان" شباب وطني" النموذج للقيمة المسيحية التي تدعو للتعايش بعيدًا عن المتاجرة والدروشة باسم الدين، حيث كان يستقبل- برلمان وطني - على قدم المساواة شباب مسيحي ومسلم لنقاش قضايا مصرية تحت مظلة الوطن والهوية الوطنية وليست الهوية الدينية لمؤسس الجريدة. وبالطبع لا ننسي أن مدير تحرير جريدة وطني كان مسلمًا لسنوات طويلة وهو الراحل صفوت عبد الحليم، ولم يتجرأ أحد على زحزحته من مكانه حتى وفاته. فالإدارة كانت لها هيبة ورؤية بعكس ما هو حادث بأزمة ctv""
كلمة أخيرة أوجهها لأصحاب " الترندات" عبر السوشيال ميديا والذين ساهموا في إزاحة المذيع المسلم من قناة "ctv" أين أصواتكم من المادة الثانية من الدستور؟ أين أصواتكم من مدنية الدولة؟ أين أصواتكم من انتشار الثقوب بالضمير المصري وتهالك البناء القيمي للفرد؟ أين أنتم من قضايا الوطن الحقيقية ؟ كفوا عن استهداف أفراد وتوجهوا لما يستحق بذل المجهود لمواجهته.
