الأقباط متحدون | مجلس "السَلاملِك" ممنوع على "الحَرَملِك"
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٣٣ | الاربعاء ١ فبراير ٢٠١٢ | ٢٣ طوبة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٥٧ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

مجلس "السَلاملِك" ممنوع على "الحَرَملِك"

الاربعاء ١ فبراير ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

 بقلم: حنان بديع ساويرس


قديمًا كان العُثمانيون يُقسمون منازلهم من الداخل، قسم أو "طابق" يطلقون عليه "الحَرملِك" وهو القسم المُخصص للنساء ويكون فى الغالب بالطابق الثاني للمنزل، وقسم آخر يطلقون عليه "السلاملك" وهو مُخصص للرجال واستقبال الضيوف منهم، أو بأكثر دِقة "مجلس الرجال". والسلاملك والحَرملِك هما جُزءان أساسيان فى عمارة العصر العُثماني، فيبدو أن الأغلبية المُكتسِحة للبرلمان من الإخوان المُسلمين والسلفيين، والذين حصلوا على نصيب الأسد به، يُريدون أن ينتهجوا هذا المنهج "العُثملي" ويقتدون به، لذا فقد جعلوا من مجلس الشعب قسم "سلاملك" أي "للرجال فقط"، وقسم "حرملك" أي لا يعلو صوت المرأة فيه حتى يصل صوتها الذي هو في الأساس "عورة"، أقول حتى لا يصل إلى محفل الرجال في "السلاملك".

فصحيح أن مجلس الشعب الجديد يوجد بين أعضائه "سيدات"، وصحيح هن مازالن يجلسن في نفس القاعة التي يوجد بها الرجال بالمجلس، بمعنى أننا نشكر الله أنهم إلى الآن لم يُفصل بينهم في المجلس مُخصصين قاعة للرجال وقاعة للسيدات، لكن ليس ببعيد أن نراهم في الأيام المُقبلة يطلبون من العضوات الجلوس "بالحرملك"، أقصد في الدور الثاني- أي "البلكون"- وأن لا يعلو صوت إحداهن، ولا سيما أنه قد صرَّح أحد الفُصحاء من قبل أن وجود المرأة بالبرلمان "مفسدة"، فلا أدرى من أين أتى هذا الفصيح بهذا الرأي العجيب؟ فهل هذا على أساس أن نساء شارع الهرم قد رشحن أنفسهن بالبرلمان؟!!! أم أن قائل هذا الرأي سوف لا يُركز فيما يُقال بالبرلمان لكنه سيركِّز في مفاتن عُضواته؟!

فغريب أمر هؤلاء، فلا يُضيعون لحظة واحدة هباءً بل يَصِلون لمآربهم بأقصر الطرق، فلم يُمهلونا وقتًا كافيًا كي نتأقلم على وجودهم المُفاجئ بعد الثورة، أي رويدًا رويدًا علينا، كلا.. بل مُنذ أول جلسة لهم بدأوا بالكشف عن نواياهم تجاه المرأة والأقباط، فقد استضافت الإعلامية "هالة سرحان" ببرنامجها "ناس بوك" النائبة القبطية المُعينة بالبرلمان من قِبل المجلس العسكرى "ماريان ملاك"، وقد صرَّحت "ماريان" أنه قد تم إقصاؤها كامرأة من لجنة "تقصي الحقائق"، وأكَّدت أنه تم إقصاء جميع النساء من هذه اللجنة رغم أنه لابد أن تكون هناك امرأة على الأقل في هذه اللجنة، كما أقر أحد الحاضرين بنفس الحلقة أنه إحقاقًا للحق أن "صبحي صالح"- العضو عن حزب "الحرية والعدالة"- طلب ضم الدكتورة "سوزي" في ذات اللجنة، لكن التصويت لها كان أقلية، وبعد ذلك قاموا بترشيح "ماريان" بدلاً منها وكان التصويت أيضًا لها أقلية!!

وهذه ليست بمُفاجأة لنا، بل لو كان حدث غير ذلك لكان هذا هو الحدث الأغرب، فهذا ما كنا نضعه في الحسبان ونتوقعه، وهو طالما أن البرلمان مُعظم أعضائه من الإخوان والسلفيين فلا ننتظر إلا ذلك، وهو استبعاد المرأة من أي دور فعال بالمجلس، ولا سيما إن كانت امرأة ومسيحية في نفس الوقت، فوجود المرأة بالبرلمان مفروض عليهم، لذا ستكون المرأة بالبرلمان في ظل سطوتهم عليه ديكورًا أو "كِمالة عدد".

أما عن طلب "صبحي صالح" بأن تضم اللجنة امرأة قبطية، فأعتقد أن هذا من باب "سد الخانة" كما يُقال، وهذا على أساس أن يظهروا لنا بمظهر الديمُقراطيين وأنهم لا يُميزون بين فصيل وآخر، فينتهى الأمر لناظره وكأنه في منتهى التحضر، وأن الديمُقراطية- الله يجازيها- هي السبب، فهي من استبعدتهن بعد تأييد وتعضيد الإسلاميين لهن، وأن استبعادهن ما هو إلا احترامًا لرأي الأغلبية، وبالتالي وبهذه الطريقة المُقنعة لا ننتظر من المجلس الموقر أن يسمح للمرأة والأقباط بالتدخل في الأمور الحيوية أوالشئون المصيرية حتى لو كانت في صُلب اختصاصاتهم؛ لأنه من المُستحيل أن يصوت لهم أغلبية في هذا المجلس. لذلك أقول، إن الديمُقراطية منهم براء "كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب".

والجدير بالذكر، أن "الكتاتني"- عضو حزب "الحرية والعدالة" ورئيس مجلس الشعب- قام باستبعاد الدكتور "إيهاب رمزي" من لجنة تقصي الحقائق، والتي تخص أحداث القديسين وماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، وبالمناسبة هذه اللجنة يرأسها وكيل المجلس "أشرف ثابت"، وهو الوكيل السلفي، فقد تم استبعاد الأقباط والمرأة من هذه اللجنة التي من مهامها التقصي عن حادث القديسين وماسبيرو، فلا أدري كيف ستكون النتيجة مُحايدة ورئيس لجنة تقصي الحقائق نائب سلفي، بالإضافة إلى أنه لا يوجد بها قبطي واحد!! فلا تعليق!!!.

فقد قالت النائبة "ماريان" لـ"هالة سرحان" إن المجلس أقصى المرأة بصفة عامة، وأنا أريد أن أسأل: هل كان إقصاء "ماريان" لأنها امرأة فقط أم لأنها مسيحية؟ وهل يختلف الأمر لو كانت المُرشحة مكانها نائبة مُسلمة؟ أم نعتبر أن ما حدث أيضاً مع د. "إيهاب" هو إقصاء للأقباط بوجه عام؟؟ فنستطيع أن نقول بلا تردد وبكل ثقة إن أول القصيدة كُفر، وأول الغيث قطرة، وبعد ذلك ستهطل على رؤوسنا السيول.

الجدير بالذكر أيضًا أن الفنانة "هند عاكف" قامت بتقديم بلاغ ضد الدكتور "محمد بديع"- المُرشد العام لجماعة الإخوان المُسلمين- تتهمهم فيه بإزالة جميع دعايتها الانتخابية من منطقة "المقطم" كلما قام مُساعدوها بإلصاقها، كما قاموا بترويع وتهديد الشباب المسئول عن حملتها الدعائية لخوضها انتخابات مجلس الشورى، فبالطبع "هند" لها شعبيتها كفنانة ويخشون مُنافستها لهم، ولأنها امرأة فالمفروض عليها أن لا تتجرأ وتُنافس "معشر الرجال"، فلم يكتفوا باستحواذهم على غالبية مقاعد "مجلس الشعب" بل يُريدون الاستحواذ أيضًا على "مجلس الشورى"، وبعد الشورى سيتفرغون للوصول لكرسي الرئاسة، وستكون خطتهم القادمة هي "كيف تصبح رئيسًا لمصر وأنت إخوانجي أو سلفي؟". فلا تعليق سوى أن أقول لهم: "يا جماعة، الطمع يقل ما جمع"، "ارحموا بقى وسيبوا حاجة لغيركم"، فلم تُلاحظوا أنكم مُنذ البداية أصبحتم منبوذين- ولا سيما من القاعدة الرئيسية "بميدان التحرير" الذي لولا ثواره ما كُنتم تتربعون الآن على مقاعد المجلس وما كنتم تنعمون بالنوم الهادئ العميق الذي رأيناكم عليه من أول جلسة بعد أن فضحتكم عدسات الكاميرات.. فأنا لا ألوم عليكم نومكم بالمجلس من أول جلسة؛ لأنه من الواضح أن هذا من جراء تعبكم الشهور الماضية في الحرب الانتخابية، ولا سيما إرهاقكم في شراء السلع التموينية وتوزيعها على الفقراء المُصوتين لكم، فشئ طبيعي بعد كل هذا العناء أن تخلدوا للراحة بعد هذا الشقاء، فهذه الثمرة الطبيعية التي يجب أن تحظوا بها بعد رحلة الكفاح هذه، بجد بجد بتتعبوا كان الله فى العون..

وعلى نفس نهج المجلس في حَجب المرأة "بالحَرَملِك"، وربما بعد ذلك تجميدها كما سبق وأن قاموا بتجميد مُحافظ "قنا" القبطي، وطبعًا نحن في فصل الشتاء وحل التجميد صعب جدًا، لذا فعلينا في هذه الحالة أن ننتظر لحين إشعار آخر، وفي الغالب سننتظر إلى ما لا نهاية؛ لأنه لن يأتى هذا الإشعار إلا بكارثة جديدة.. أقول قد نشرت جريدة "الدستور" مُنذ أيام قلائل خبر تحت عنوان "قرار بمنع دخول السيدات بمبنى مجلس الدولة بالمنوفية"، ويقول الخبر:
"قرار غريب أصدره المستشار محمد شفيق مفتش فرع مجلس الدولة بالمنوفية بمنع دخول السيدات المبنى الإداري الجديد لمجلس الدولة بالمنوفية، حيث نظمت ظهر اليوم الأحد أكثر من 60 سيدة من موظفات مجلس الدولة بالمنوفية وقفة إحتجاجية أمام مبنى المجلس القديم بالمنوفية إعتراضًا على عدم نقلهن للمبنى الجديد مع زملائهم في العمل وجعل العمل للرجل فقط حسب قرار المفتش الذي زعم بعض السيدات أنه سلفي ولا يريد الاختلاط.
وبدون الخوض فى التفاصيل، أكَّد الخبر أن هذا القرار العنصري أدى لتكدس العمل بحسب كلام المعتصمات، الموظفات أكَّدن أن من بينهن سيدات على الدرجات الوظيفية الثانية وأكفأ من الرجال، ورغم ذلك تم منعهن بحجة أن المبنى الجديد للرجال فقط، وأن السيدات سيبقين في المبنى القديم ولو بدون شغل، علمًا بأنه لا يوجد قرار رسمي بمنعهن. وتعجبن كيف يأتي رجل ليس لديه أي مؤهلات وظيفية ويقتنص وظيفة سيدة أكفأ منه بحجة أنها سيدة ولا يجوز أن تتواجد مع الرجال بحسب كلام الأمين العام؟..

لاحظوا معي جملة أن المبنى الجديد "للرجال فقط"، وأن السيدات سيبقين في المبنى القديم ولو بدون شغل، فلا أعلم هل المبنى الجديد لمجلس الدولة بـ"المنوفية" الذي سيخلو من المرأة؟ أم أن الدولة الجديدة أي "مصر مع الإخوان والسلفيين" هي التي ستخلو من المرأة وستصبح "للرجال فقط"؟ ولن أتطرَّق في حديثي عن إهدار حقوق المرأة وقهرها بجعل من هم أقل منها كفاءة من الرجال يحتلون مناصبها ويستحلون حقوقها، ولن أتحدث عن تبعات ذلك على "مصر" عامة بخسارتها لكفاءة المرأة في شتى المجالات، لكن أريد أن أقول إن المرأة وقفت كتفًا بكتف بجوار الرجل في ثورة يناير وما بعدها من مسيرات واعتصامات، والمرأة قدَّمت شهيدات كما كان هناك شهداء، والمرأة سُحلت وتعرت وتحملت ما لا يتحمله الرجال من ضرب وإهانة وسب بأبشع الألفاظ، والمرأة هي منْ كانت تقف في طوابير طويلة للتصويت لمن يُريدون الآن إقصاءها بالبلدي كدة "ركنها على الرف"، فقد أدت الغرض المرجو منها "وسعيكم مشكور"!! فكم رأينا من مُنتقبات ومُحجبات يقفون في طوابير الانتخابات بالساعات الطويلة بلا كلل أو ضجر من أجل عيون نصرة "حزبي الحرية والعدالة الإخواني والنور السلفي"، وحينها أصبح صوتها "العورة" ليس بعورة وذو قيمة في التصويت لكم، وبعد أن وصلتم لما وصلتم إليه بفضل المرأة كان هذا هو جزاؤها ولم يعد لصوتها قيمة أوحق في أن يعلو في لجنة لتقصي الحقائق، ولا سيما في حضرة "سي السيد ". فلا أعرف أيضًا إلى متى سنحتمل هذه المُهاترات من بعض المسئولين؟ فكل ذي منصب يفعل الآن ما يشاء وكأنها أصبحت "تكية"، فما حدث من المسئول "بمجلس الدولة" ما هو إلا مشهد مُصغر لما يحدث وسيحدث بـ"مجلس الشعب".

عمومًا، قرائي الأعزاء، حتى لا تُصابوا بالهلع، قد قيل أنه تم إلغاء هذا القرار غير المسئول بعد اعتصامات الموظفات والضغوط الإعلامية على من أصدر القرار، لكن في النهاية هو مؤشر خطير لما قد تحمله الأيام لنا من عجائب آخر الزمان.

فمن سَبَقونا قالوا إن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، وقد سار الإخوان والسلفيين في دربهم المنشود للوصول لطريق الألف ميل، لكنهم لم يقتنعوا بموضوع الخطوة فبدأوا بقفزة، فبعد الثورة أصبحت القوى السياسية بكل أطيافها- سواء الحديث منهم أو المُخضرم، المُبتدئ أو ذو الحِنكة- أقول، قد بدأوا جميعهم بالسير بل لم أخطئ إن قلت بالحبو أول خطوة تجاه بداية جديدة يأمل الجميع فيها بزوغ أول شعاع لشروق شمس الحرية والديمُقراطية ومدنية وبناء "مصر" جديدة. وبدأ الجميع في لملمة شتاته للاستعداد لخوض الانتخابات، ولكن التيارات الدينية كان لها رأي آخر، وهو الوصول للهدف بأقصر الطرق رغم أن موقفهم أثناء الثورة كان موقف المُحايد منها، يترقبون الأحداث بعناية، وإتَّبعوا في ذلك نظرية "البقاء للأقوى"، فإن انتصر النظام على الثوار فهم بعيدون كل البعد عما سيحدث لهم جراء مُساندتهم للثوار، وإن انتصر الثوار "فألف بركة"، فتكون النتيجة هي ما آلت له الأمور الآن، فقد التهموا الغنيمة كاملة، ولم يستبقوا لسواهم شيئًا، ولم يقتنعوا بأن يسيروا على خُطى باقي القوى السياسية، أي خطوة تلو الأخرى، حتى يصل الجميع للطريق المنشود لبناء "مصر"، ولكنهم فضَّلوا السير بمفردهم من أجل تحقيق طموحاتهم الشخصية وليست من أجل طموحات "مصر". ولأن خطوتهم "واسعة شويتين ثلاثة"؛ لذا قطعوا فيه شوطًا لا بأس به، وهذا رغم أن محاولة وصولهم لخطوة واحدة في هذا الطريق قبل الثورة كان مُستحيلاً بل كان بالنسبة لهم بمثابة أضغاث أحلام، لذلك بعد وصولهم للبرلمان قد غلب عليهم الغرور وبدأوا مُبكرًا جدًا بالتكشير عن أنيابهم في إقصاء وإلغاء وتهميش الآخر.

وكما قالت الإعلامية "هالة سرحان": "إحنا جايبين مجلس يرجعنا لورا ولا إيه؟". فالثورة القادمة ستكون ثورة نساء. عمومًا الفرصة مازالت أمامكم إن أردتم إثبات حُسن النوايا، وكفاكم نغمة أنكم أول من ظُلم وقُهر من النظام السابق، وأنكم من قدَّمتم الآلاف من أعضائكم للمُعتقلات. وحتى لو كان هذا صحيحًا، فهذا حدث من أجل مصالحكم وليس لصالح "مصر"، والآن ليس وقت الكلام والجدال بل حان وقت الفعل والعمل، والكتاب المقدس يقول "من ثمارهم تعرفونهم"، ونحن في انتظار الثمار سواء طرحت حنظل "نبات الحنضل" أو ورود مُتفتحة فكلٌ سيُعرَف من ثماره.

وآخيرًا، أقول لكم: إن الطريقة العُثملية التي عفّى عليها الدهر لا تصلح أن تُطبَّق في وقتنا هذا، فليس الزمن هو الزمن، أو المصريين هم الأتراك، فهذا ليس زمن الحرملك يا مجلس السلاملك.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :