الأقباط متحدون | ثقافة اـجزمة هى الحل
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٠:١٥ | الاربعاء ١ فبراير ٢٠١٢ | ٢٣ طوبة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٥٧ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

ثقافة اـجزمة هى الحل

الاربعاء ١ فبراير ٢٠١٢ - ٥٢: ٠٨ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. ماجد عزت إسرائيل
أطلق على الجزمة عـدت مصطلحات منها الحذاء بالفصحى، ويعنى النعل أو الخفاف أو السوقاء أو الموق، والمركوب والبلغة، وبالإنجـــليزية شـــوز(shoes)، وبالعامية البيئية أطــــــــلق عليها صرمة قديمــة، وبالرغــم من تعــددت اللهــجات والمصطلحات والبيئات، ولكن ظل المعنى واحداً عبر العصور.
وقــد مرت ثقافـة صناعة الـجزم عبـــر التاريـخ بمراحـــل لصـنعها، بدأت منذ الحصول على جـلــود الماعز والأغنـام و تحضيرها أو تجــهيزهـا لــدبغـها وصبغها بالعديد من الألــــوان، ومن مصنوعاتهـا الـحذاء ذو اللون الأحـمر واللــونين الأصفر والأسود، وبعد ذلك تعرض للشمس لفترة طـويلة لــتثبيت الألـوان وتجفـيفها.
ومارس العمـل بصناعة الأحذية ( الــجزم )عبر العصور أجناس مختلفة اشتهر من بينهــــم المصريون و السودانيــون والشـوام والأرمــن الـذين اشتـهـروا بصناعة الجزم الطوخى.

وتغلـغلت ثقافة الـــجزم عبر التاريخ، لتـعبر عن سمات بعـض أفراد المــجتمع لدرجـة أنها أصبحت من طباعهـــم، وأصبـحت من المســلمـات لديهم، بل أن بعــض الشعوب أفرط فجعل يوم الجزمة عيــداً وطنياً له.
ودخلت ثقافة الجزم عالم السياسـة من أوسع أبوابهـا، وإذا أردنا إرجاع الفــضل لصاحبه، فـإن رئـيس الــوزراء السوفيـــتي الأسبـق" نيـكـيتا خروتشوف"، هــو رائد استخدام الجزمــة في الـحوار السياسي؛ حــيث خلعــها مـن قدمـه وضــرب بهـا على منصـة الأمـم المتــحدة، في حــضور ملــوك ورؤساء دول العالم لتـــعزيز وتأكـيد ما جاء في خـــطابه أمـام المنظـمة الدولية عـندمـا كانت الحرب الباردة على أشــدها في مطـــلع الستينـــيات من القــرن العشرين.
ثم اختــفـت ثقـافـة الـجزم تقريبًـا من فوق المسرح السياسي خـلال السبعينيات والثمـــــانينيات إلى أن ظـهرت على استحياء خـلال التسعينيات في بعض البرلمانات كبديل للألسنه.


ولأن الجزمة أطول وأقول وأشد لمعاناً من الألسنة فقد حققت نـجاحــاً ملحوًظا شجَّع على التوسع في استخدامها كلـــغٍة للحوار، إلا أنها وصـلت إلى قمــــة النجومية عندما استخدامـــها الصــحفي"منتـــصر الزيـــدى"في نهاية عــام 2008م، كـــــأداة للاعتراض على سياســـة الرئيس الأمــــريكي" جــورج بــــوش الابن" أثناء زيارته لبغداد، وأصبحت بين عشــية وضحاها منذ ذلك اليوم المشهود (أم الثقافات)؛ وعيـــداً وطــنياًّ للجزمة في العالم العربي، وثقافــــة سريعة الانتقال في الحوار السياسي.
كما طالعتنـــا بعــــض الصحف في أوائـل عام 2010م، بأن الرئيس السـوداني الحالي اعتُدي عليه من أحد رجاله بقـذفـه بالـجزمة، في حين نفت بعض الأخبار هـذه الأحــداث؛ التي نتمنى أن تختفي من ثقافتنا الـعربية في مواجهة ثقافات العالم.
وعادت الجزمة إلى الأضواء وتصدرت الصحف ونشرات الأخبـــار في فبراير 2010م، فقــد سًّدد أحد أكراد تركيا المقيـم بمـدينة (سيفيــلا) الإسبانية جزمتـــه نـحو رئـيس الــوزراء الـتركي"رجـــب طــيـب أردوغــان" أثنـاء وجــوده في المـــــدينة، احتجاجاً على السياسة التركيــة نحـو الأكــراد، وبــذلك تؤكــد الــجزمة أنها أصبحت ثقافة ولغة مهمة في لغة السياسة.


ولأن مصر ليست بمـــعزل عن العـــالم، فقـــد اتـــــجه البرلمان في بلادنــا نحو خوض التجربة أسوة ببعض برلمانات شرق آسـيا، وطـارت الأحـذيـة تحت القبة عدة مرات خلال السنوات الأخـيرة في محاولة لاستــخدامهـا في الحوار الصريح الهادىء بين النواب بـدلاً من الـحوار بالألسنة، إلا أن رئيسه السابق الدكتور "فتحي ســـرور" ـــ من نزلاء سجن طرة فى وقتنا الحالى ـــ رفـــع عصـــــاه في وجه نواب الجزمة وأمرهم بالعــودة إلى استخدام اللـسان وحـــده رغم عــدم فصاحته وفــقر بلاغتـــــه مقــارنة بالجزمة!


وفى ذكرى ثورة 25 يناير 2011م، وهى الثورة التى أطاحت بالرئيس السابق "محمد حسنى مبارك" ونجليه و وزير الداخلية"حبيب العـــــادلى" وسته من وزراء الداخلية ــ الجميع بسجن طــــــــرة الآن ما عدا الرئيس نزيل الـــمركز الطبى تحــت المحاكمة ـــ وبالتحديد يوم 28 يناير 2012م،وبعد صلاة العصر على أرواح شهداء الثورة على كــــوبرى قصر النيل الشهير،قــام أحد شيوخ الأزهر الشريف،بالدعــــاء على الأخوان المسلمــون،بل وصلت درجة الحــوار مع الأخوان بالقرب من منصتهم بميدان التحرير أن رفـع أحـد الشيوخ الجزمة للتعبيرعن سياستهـــــم الحاليـــــة، بعد وصلهم للسلطة وسيطرتهم على مجلس الشعب،وفى صباح اليوم 31يناير2012م قام الأخوان المسلمون ومعهــم السلفين باقامة حائط بشرى يحــول وصول الثوار لمجلس الشعب؛ لـــعرض مطالبهم لدرجة وصلت إلى قيام اشتباكات وقــع على اثره أصابات كثيرة من الطرفين.


ولا نسَ ما ورد بالأدب العربي من أرجــوزات ومقامات في الحذاء على ألسنة العامة، ومنها ما جرى على ألسنة المـعاصرين من الزجــالين ومنها قـــول" أبو زيد بيومي":
و دية جزمة تمشي ف خير
و وشها دا مداس للغـير
لكنها ف آخر المشــاوير
بتشوت صاحبها ع الأموات
للجزم في الناس مقامـات
للجزم في الناس مقامــــات
ساعات بتعلى وتوطى سـاعات
وكل جزمة وليها حــــالات
وكل واحد له مقاســـــات
للجزم في الناس مقامــــات
على أية حال، أصبــحت ثقافة الجزم في الوقت الــحالي، لدى البــعض تـعبيراً عن رأيهم عن الاعتراض، فهــل تستـمر هـذه الثقافة خــلال هــــذا القرن أم ستتغير ثقافة المجتمع في التعبير عن رأي ذويه بلغة ثقافية أخرى في الحوار؟ إن ذلك هو ما نتمناه.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :