تحذيرات من حرب أهلية بمصر بعد مصادمات الإخوان وشباب الثورة
ترتفع التحذيرات من اندلاع حرب أهلية في مصر وبخاصة في ظل الصدامات بين شباب الثورة والإخوان المسلمين، حيث أسفرت معركة أم الميدان التي وقعت بين الطرفين عن 71 مصاباً.
مواجهات امام البرلمان
القاهرة: تطور الصراع ما بين "الإخوان المسلمون" والتيار الليبرالي بصورة غير مسبوقة منذ الذكرى الأولى لثورة 25 يناير، حيث تراشق الجانبان بالألفاظ، ورفع الثوار الأحذية في وجوه قيادات وشباب الجماعة في ميدان التحرير.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وقعت أعمال عنف أمام البرلمان، عندما تظاهر الثوار ضد الإخوان، فيما صنع شباب الجماعة دروعاً بشرية للذود عنه، ووقعت أعمال عنف بين الطرفين أسفرت عن إصابة 71 شخصاً، وفقاً لإحصائيات وزارة الصحة. وحذرت خبراء وسياسيون من وقوع حرب أهلية في مصر بعد وصول الخلافات بين الجانبين إلى العنف.
انقسامات الذكرى الأولى للثورة
بدأت الإنقسامات في ميدان التحرير أثناء الإحتفال بالذكرى الأولى لثورة 25 يناير، عندما أصر التيار الإسلامي بزعامة الإخوان المسلمون على أن تكون الأجواء إحتفالية، وأطلقوا أناشيداً عبر منصتهم الإعلامية في الميدان، فيما أصر المتظاهرين من التيارات الليبرالية على أن 25 يناير 2012، ثورة غضب ثانية، لإستكمال مطالب وأهداف الثورة، ووقع تراشق لفظي بين الجانبين، وهتافات مضادة للجماعة منها: "أعمل حفلة وهات رقاصة لسه في جسمي مكان لرصاصة"، "الكذابين أهم"، "برة برة"، " اللي يبيع دم الشهيد حزب وطني من جديد"، "اثنين مالهمش أمان العسكر والإخوان"، " اشهد يا تاريخ اشهد يا زمان الإخوان باعوا الميدان"، "قالوا حرية وقالوا عدالة يالا نصوّت ع الرجالة"، "ولا أحزاب ولا إخوان الشرعية من الميدان"، و"يا مشير قول لسيدك الثوار مش عبيدك".
ورفع الثوار الأحذية في وجوه المتظاهرين من الإخوان. ورد شباب الجماعة بالهتاف والقول إنهم هم من حموا ميدان التحرير أثناء موقعة الجمل، وقال أحدهم عبر المنصة: "يسألوننا لماذا نذيع أغاني الآن ويسألون بماذا نحتفل.. أقول لهم اسألوا فندق سوفيتيل اللي كنتم قاعدين فيه يوم موقعة الجمل واحنا كنا هنا بنواجه حرب لإنهاء الثورة في بدايتها.. لولا شباب الإخوان كان الموضوع خلص".
وأشتعل الصراع بين الجانبين أمس، عندما خرجت مسيرات تضم عدة آلاف من المتظاهرين وشباب الثورة إلي البرلمان، فيما إصطف المئات من شباب الإخوان حوله، وحاولوا منع المتظاهرين من إقتحامه، ووقعت إشتباكات بين الجانبين أسفرت عن إصابة 71 شخصاً.
محاولات للوقيعة
ومن جانبه، وصف الدكتور محمود حسين، أمين عام جماعة الإخوان المسلمون ما يحدث بأنه "محاولات للوقيعة بين الإخوان والثوار"، وأضاف لـ"إيلاف" أن الإخوان المسلمين جزء من الشعب المصري، مشيراً إلى أنهم شاركوا في الثورة بقوة منذ اللحظة الأولى لإنطلاقها، ولم يغيبوا عنها كما يزعم البعض، ولفت إلى أن شباب الإخوان هم من حموا ميدان التحرير أثناء موقعة الجمل، وقدموا مئات الشهداء والمصابين أثناء الثورة، فضلاً على آلاف المعتقلين والشهداء تحت التعذيب في سجون نظام حكم مبارك.
وأوضح أن ما يحدث الآن هي حملة شعواء لتشويه سمعة الإخوان، ووصفهم بأنهم الوريث للحزب الوطني المنحل، منوهاً بأن هذا الكلام لا أساس له من الصحة، وقال إنه رغم أن حزب الحرية والعدالة صاحب الأغلبية البرلمانية إلا أنه جعل جميع المناصب في البرلمان بالتوافق، ولم يفرض رأيه على أي فصيل سياسي.
ويعتبر حسين أن القول بأن الميدان فوق البرلمان كلام يحمل قدراً من الإستعلاء على الشعب الذي أنتخب هذا البرلمان وشارك في التصويت نحو 30 مليون مصري. ودعا حسين الجميع إلى التحلي بروح الديمقراطية وعدم الإنزلاق في معارك جانبية لن يجني أحد منها سوى الشقاق بين الأمة.
حرب أهلية
فيما وصفت جبهة التغيير السلمي إحدى الحركات الثورية حماية شباب الإخوان مقر البرلمان بأنه "محاولة لشغل مكان قوات الأمن المركزي و تواطؤ من مكتب الإرشاد مع المجلس العسكري بصفقة جديدة كي يكونوا ظهير سياسى لآلة القمع العسكرية باستغلال شباب الإخوان أشقاءنا فى موقعة الجمل فى مواجهات دامية مع الشعب وشباب الثورة".
وقال بلال دياب عضو الجبهة ل"إيلاف" أن إصطفاف شباب الإخوان أمام البرلمان يعيد للأذهان صورة المليشيات العسكرية لهم، ومحاولة لجر البلاد لحرب أهلية بين المصريين، مشيراً إلى أن شباب الإخوان إستخدموا صواعق كهربائية ضد المتظاهرين أمام مجلس الشعب، داعياً إلى ضرورة عودة الإخوان إلى صفوف الثورة، وعدم الفرح والزهو بالأغلبية البرلمانية، لأنه ليست نهاية المطاف، لأن الثورة مازالت مستمرة، ولم تحقق أهدافها بعد.
فتنة
وحذر النائب بالبرلمان وأحد شباب الثورة الدكتور مصطفى النجار من أن الأزمة الحالية تهدد وحدة الصف الثورى وتسىء للثورة، وأضاف في صفحته على فايسبوك: "لا يعقل أبدا أن نستبدل خصومتنا مع أعداء الثورة الحقيقيين بعداوة فصيل سياسى شارك فى الثورة، ولا ينكر أحد دوره ومهما اختلفنا مع مواقفه السياسية الآن فلا يمكن أن نسمح بحدوث هذه الفتنة".
العودة للثورة
فيما يرى الدكتور أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة، أن إختيار التيار الإسلامي للإنتخابات والبرلمان أولاً قبل وضع الدستور، له ما يبرره، وأضاف لـ"إيلاف" أن الإخوان لديهم قلق بعد الثورة من تكرار سيناريو ما بعد ثورة 1952 وعودتهم إلى الحظر مرة أخرى، والنزول تحت الأرض من جديد، وبالتالي كانوا يرون أن البرلمان سوف يمنحهم الشرعية. وأوضح نور أن الإخوان الآن أطمأنوا إلى شرعيتهم في الحياة السياسية بتحقيق الأغلبية وأنتقلوا من صفوف المعارضة المضطهدة إلى صفوف السلطة، وبالتالي يجب عليهم أن يعودوا من جديد إلى صفوف الثوار، ويعملوا على تحقيق مطالب الثورة، وعدم الوقوف في وجهها، لاسيما أن الثورة لم تصل إلى بر الأمان، مشيراً إلى أن الثورة أسقطت رأس النظام السابق فقط، ومازال النظام قائماً، خاصة أن المجلس العسكري يعتبر ظل لمبارك وإمتداد له.
الخلافات منذ سقوط مبارك
ويرى المراقبون أن ما يحدث يعد إستمرار لحالة الإنقسام بين التيارين الإسلامي والليبرالي التي نشبت في أعقاب نجاح الثورة في إسقاط نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك، ورغبة كل فصيل في السيطرة على مقاليد الأمور والوصول إلى السلطة، وقال الدكتور جمال عبد الحميد أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة إن حالة الإنقسام بدأت في في شهر مارس الماضي مع معركة ما يسمى ب"الدستور أم الإنتخابات أولاً"، والتي كان الإنتصار فيها للإسلاميين، وتعرض التيار الإسلامي لإتهامات بعقد صفقات مع المجلس العسكري وخيانة الثورة.
وأضاف لـ"إيلاف" أن هذا الاتهامات مازال التيار المنافس للإخوان يرددها حتى الآن، لاسيما بعد سيطرته على البرلمان، الذي يشهد تمثيلاَ هزيلاً للتيارين الليبرالي أو اليساري الذين كان لهما الفضل في الدعوة والحشد لمظاهرات 25 يناير التي تحولت إلي ثورة بعد أن كانت مجرد وقفات إحتجاجية ضد التعذيب. ولفت عبد الحميد إلى أن الأزمة الحالية أزمة ثقة بين الجانبين.
وتنذر بعواقب وخيمة، لاسيما أنها تحولت إلى مواجهات بين الجانبين، وسقط فيها العشرات من المصابين، مما يهدد بحرب أهلية لو أستمرت على هذه الوتيرة. ودعا عبد الحميد كافة الأطراف إلى الكف عن التراشق بأتهامات التخوين والعمل سوياً من أجل عبور المرحلة الإنتقالية وبناء الدولة الحديثة، مؤكداً أنه لا تعارض بين شرعية البرلمان وشرعية ميدان التحرير، وأنه لا تعارض أيضاً ما بين إستمرار المسار الثوري بالتوازي مع المسار السياسي حتى يتم تحقيق كافة مطالب الثورة، وعىل رأسها إقرار مؤسسات الدولة الديمقراطية ومحاكمة قتلة الثوار، وتحقيق العدالة الإجتماعية.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :