حمدي رزق
لو زاد سعر كيلو السكر على بطاقة التموين ربع جنيه لقامت القيامة، وتبارى الفسبوكيون فى الندب على الحوائط الإلكترونية، ولغرد البوم على شجر «تويتر»، ولتحزم راقصو قنوات رابعة التركية من الوسط وتمايلوا على لهيب الأسعار، ولأسهب المعلقون فى حديث البشر والحجر وقائمة الأولويات، وليه تصنع فوسفات آزوتية وانت ممكن تدوب سكر فى ميه!
إعلان الدكتور على المصيلحى، وزير التموين والتجارة الداخلية، تخفيض أسعار (4) سلع على بطاقات التموين اعتبارًا من أول شهر ديسمبر المقبل، هكذا يمر مرور الكرام، لا حس ولا خبر، ولا شاهدنا رقص راقصى السامبا السياسية على الدفوف الإخوانية.
خفض سعر كيلو السكر إلى 8.5 جنيه بدلا من 9.5 جنيه، وخفض سعر عبوة زيت طعام خليط مِن 19 إلى 17 جنيها، وخفض سعر كيلو الأرز من 9 إلى 8 جنيهات، وسعر كيلو الدقيق المعبأ بلاستيك من 6.75 جنيه إلى 6.50 جنيه.. عادى جداً.. عادى فى المعادى.
لسان الحكومة لا نريد منكم جزاء ولا شكورا، ولا شكر على واجب، ولو فى الإمكان خفض أكثر من هذا، ولكن العدل فى رد الفعل، الإنصاف بدلا من الإجحاف، التوقف أمام هذا الخفض وقبله خفض فى أسعار البنزين، وتبين كيف ودعنا مواسم الزيادة، وكيف دخلنا مستوى الاستقرار السعرى، ما يؤذن بخفض أكثر من هذا سيأتى.
تشجيع الحكومة على الخفض مهم، وحفزها على سياسات الرفق بالفقراء ضرورى، والشد على يديها فى السيطرة على غول الأسعار، وترويضه، وإخضاعه لمعادلة العرض والطلب الحقيقية دون سياسات احتكارية، وضرب الكارتلات، وتفكيك الاحتكارات، والقضاء على أباطرة السوق، وانسياب السلع، وتوافر العرض، وتلبية حاجات الطبقات الفقيرة من سلة الغذاء عبر بطاقات التموين بأسعار مخفضة.
سياسات الخفض الطارئة تستوجب أن تحظى باهتمام المحللين، وإنصاف المتعقلين، والعدل فى الحكم على السياسات السوقية لحكومة مدبولى، هل من مزيد، هذا هو الرجاء، مزيد من ضبط الأسواق وتفعيل آليات قانون التسعير المعلن على أكياس السلع، ومنع المضاربات السعرية، واستمرارية ضخ السلع والمواد التموينية على نحو يتوقى النواقص فى المنافذ، وتأمين الاحتياجات الوطنية إنتاجا وطنيا أو بالاستيراد المرشد.
استقرار الأسواق وخفض الأسعار لم يأت من فراغ أو صيام الشعب عن الزاد الضرورى، بل لتوفر العرض وزيادة عن الطلب، وتعدد منافذ العرض الحكومية لتشكل ذراعا إضافية لمنافذ العرض الخاصة، ودخول إنتاج القوات المسلحة وقطاع الأعمال إلى السوق وبأسعار مخفضة وجودة طيبة، ومنافذ قريبة من البسطاء.
دون استغلال الطاقات الوطنية استغلالا رشيدا وتطويعها لصالح المواطن لما تحقق هذا الخفض المعلن، جيدة مثل هذه الأخبار وتستأهل اهتماماً مضاعفاً، بعض الإنصاف لو عدلتم.
نقلا عن المصرى اليوم