سليمان شفيق
هل تساهم كرة القدم في التصالح بين الثلاثة ؟
إنها قصة المواجهة بين ثلاثة أمراء، ثلاثة حكام ارتقوا إلى السلطة في الممالك النفطية الأغنى في العالم:
السعودية وقطر والإمارات، ثلاثة رجال يمعنون في سياسة المزايدة، فمن سيستثمر أكثر في الثقافة والرياضة أو التسلح؟ ومن الأكثر التزاما في جهود التحديث والتحرر من الاعتماد على النفط؟ إنها منافسة تهدد منطقة غير مستقرة نتيجة سنوات من النزاعات،بين حرب الزعامات والرهانات الدبلوماسية.
بين 2013 و2015 ثلاثة أمراء شباب تقلدوا قيادة "الممالك" النفطية الأساسية في منطقة الخليج، هذا الجيل الجديد من الحكام، الذين يعدون من الأكثر ثراء وقوة في العالم، فرضوا أسلوبا جديدا في الحكم، يتميز بالكثير من العنف.
وكان أمير قطر تميم آل ثاني، البالغ من العمر 39 عاما، والمعروف بعشقه للرياضة، هو الأول في الوصول إلى سدة الحكم، وحصول بلاده على شرف تنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022، أثار غيرة جيرانه، الذين يتهمون الدوحة بدعم الجماعات الإسلامية وبقربها من طهران، تمضي الشراكة القطرية التركية نحو أهدافها بنجاح .. ونلاحظ ما قالة تميم بعد لقاء اوردغان :" سعدت بلقاء أخي الرئيس أردوغان في الدوحة حيث ناقشنا قضايا حيوية ثنائية وأخرى إقليمية وعالمية، واتفقنا على توظيف الطاقات الكامنة في هذه الشراكة على النحو الأمثل خدمة لمصالح شعبي البلدين وشعوب المنطقة جمعاء"،و تميم يجمع بين تبعية كاملة لتركيا الاسلامية وايران الشيعية وامريكا الامبريالية ، في ثلاثية من المستحيل ان يجمع بينها احد سواة ؟!!
ومقابل الأمير القطري، نجد الأمير السعودي محمد بن سلمان، البالغ من العمر 34 عاما، الذي يوصف بولي العهد الطموح. ويعتبر محمد بن سلمان من عشاق ألعاب الفيديو. أدخل بلاده في حرب مميتة ومكلفة في اليمن. ولتحقيق رغبته بأن يصبح الرجل القوي في الشرق الأوسط، محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود أصغر ولي عهد في تاريخ السعودية. ونائب رئيس مجلس الوزراء إضافة لكونه وزير الدفاع. كما يرأس مجلس الشؤون السياسية والأمنية وكذلك مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي. هو نجل الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.
وهو من أصغر وزراء الدفاع في العالم، وقت تعيينه، وثاني أصغر وزير دفاع سعودي. كما أنه أول حفيد من أحفاد الملك عبد العزيز يتولى منصب وزير الدفاع، ولقد قدم محمد بن سلمان انجازات متفردة علي طريق الحداثة للمرة الاولي في تاريخ العربية السعودية بما في ذلك حق المرأة في قيادة السيارة وحضور الحفلات ، وعدم فرض الحجاب ، وسمح بأقامة اول قداس في المملكة اقامة نيافة الانبا مرقص .
ثالثهم الأمير محمد بن زايد، البالغ من العمر 58 عاما، وهو ولي عهد أبوظبي ونائب قائد القوات المسلحة للإمارات، الذي يوصف بالمخطط الاستراتيجي العسكري، تمكن من جعل بلاده قوة عسكرية في المنطقة، زار ولي عهد أبوظبي زار ولي عهد أبوظبي البابا فرنسيس في عام 2016، ورحّب بالبابا في فبراير 2019 على أرض الإمارات العربية المتحدة، في أول زيارة بابوية لشبه الجزيرة العربية، وتزامن وصول البابا فرنسيس مع مؤتمر بعنوان "المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية"، والذي عُقد تحت رعاية محمد بن زايد، وتضمن المؤتمر مناقشات وورش عمل حول دور تعزيز التسامح والتفاهم المتبادل في منع الصراع والتطرف، وخلال هذه الزيارة، أقام البابا فرنسيس أول قداس بابوي في شبه الجزيرة العربية في مدينة زايد الرياضية، وقد حضره 180,000 مصلٍ من 100 دولة، كان من بينهم 4,000 مسلم. سافر إلى مختلف بقاع العالم للترويج لشعار دولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2019 ،عام التسامح. كما ساهم في الجهود الإقليمية والعالمية لمكافحة التطرف العنيف، من خلال التحدث مع المسؤولين في الهند، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وغيرهم من القادة حول المشاركة في هذه الجهود. في عام 2019 أطلق صندوق زايد العالمي للتعايش، وهي مبادرة توضح المبادئ والأهداف المفصلة في وثيقة ’الأخوة الإنسانية‘ التي وقعها كل من البابا فرنسيس وشيخ الأزهر أحمد الطيب.
وإن كان آباء وأجداد هؤلاء الأمراء الشباب يحلون مشاكلهم بعيدا عن الأضواء في الخيم البدوية دون أن يثيروا انتباه العالم، الجيل الجديد من الأمراء يتواجهون اليوم عبر هجمات إلكترونية، حصار اقتصادي، وتهديدات بالاجتياح.
تري ماقصة الثلاثة امراء مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والتي بدأت امس الإثنين إلى قطر، في أول رحلة له إلى بلد عربي منذ بدء العملية العسكرية ضد الفصائل المسلحة الكردية في شمال شرق سوريا قبل نحو شهر ونصف، والتي قوبلت بتنديد دولي واسع.
تأتي زيارة أردوغان إلى قطر وسط مؤشرات على إمكانية حدوث انفراج في الأزمة بين قطر وجيرانها الخليجيين والسعودية ، والتي كانت دفعت الدوحة إلى تعزيز علاقاتها بأنقرة سياسيا واقتصاديا، ومن ثم ليس مصادفة ان تزامنت تلك الزيارة مع وصول منتخبات السعودية والبحرين والإمارات لكرة القدم إلى العاصمة القطرية للمشاركة في بطولة كأس الخليج العربي، في خطوة غير مسبوقة منذ قطع العلاقات.
واعتبر مراقبون أن مشاركة الدول الثلاث الاختيارية في البطولة مؤشر على نية لبدء العمل على إنهاء الأزمة الدبلوماسية
وكان أمير قطر أول زعيم اتصل بالرئيس التركي في أعقاب محاولة الانقلاب في يوليو 2016، كما أيدت الدوحة عملية "نبع السلام" ضد الأكراد شمال شرق سوريا في أكتوبر، فيما دانته دول عربية بينها السعودية.
وبحسب الباحثة في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية تشينزيا بيانكو، فإن الرئيس التركي يحاول من خلال زيارته لقطر "ضمان ألا يأتي التقارب المحتم في الخليج على حساب العلاقات التركية القطرية".
هل يتفق الثلاثة امراء ؟ وتلعب كرة القدم ما لعبتة "كرة المضرب" في الانفراج الامريكي الصيني من قبل ؟