حمدي رزق
كان حلمًا من خيال فتحقق، أربعة أنفاق في غرب الإسماعيلية، وشرق بورسعيد، وفى الحلم بقية بنفق في السويس، وخط قطار إلى وسط سيناء، لسه الأحلام ممكنة. ويوم أمس، شهد الشعب العظيم عجبًا في افتتاح أنفاق بورسعيد، شبابه استطاعوا تحقيق المستحيل، هذا الجيل العظيم حقق حلمًا راود الأجيال، وتأخر عقودًا، ورحلت أجيال النصر حالمة تتمنى عبورًا آمنًا وميسورًا إلى أرض البطولات. ما أتاه المصريون في حفر أنفاق قناة السويس يضارع ما أتاه المصريون في حفر قناة السويس، ما حدث هناك على مرمى حجر من بورسعيد معجزة بكل المقاييس العالمية، أنفاق مجهزة بأحدث نظم الحركة والأمان، وكأنك تمشى متمهلاً على كورنيش النيل.
كل الأنفاق التي عبرتها في حياتى لا ترقى إلى أنفاق قناة السويس إلى سيناء، هنا عبقرية المكان والإنجاز والإعجاز، الوصف لا يفى، والحكى لا يغنى، وليس من سمع كمن رأى، وليس من رأى كمن عايش حفر الأنفاق لحظة بلحظة، ويوماً بيوم، وكأنى عامل من عمال حفر الأنفاق، وَلِىَ الشرف.
هؤلاء الجند المجندة من شباب الوطن الذين حفروا الأنفاق يستحقون تحية هذا الشعب الصابر، تحية لمن جعلوا الحلم حقيقة، وإجلالاً لأرواح تاقت فاستحقت، وحلمت فأنجزت، وها هي الأنفاق شاهد على إعجاز جيل يستحق الحفاوة والتكريم.
قصة الأنفاق يرويها شباب نباهى بهم ونفخر، شباب قضى ثلاث سنوات من عمره يحفر في الصخور من الضفة إلى الضفة بأظافره، شباب غير الذين نراهم على الشاشات وفى الطرقات، وعلى المقاهى في أنصاص الليالى، شباب ذاق حلاوة الانتصار على الطبيعة، وعاش في الأنفاق شهورًا طويلة.
من بحرى والصعيد، مصريون أقحاح، حققوا الحلم الذي ظنه البعض مستحيلا، فصار الحلم واقعًا، وهم ينظرون بفخر إلى ما صنعت أياديهم، ويتحاكون عن الحلم، وأيام البرد والحر، وليالى الدم والدمع والدموع، شباب قهروا المستحيل، وحفروا لمصر مجدًا ستعيشه الأجيال.
قبل النزول إلى النفق تخيّل، وقبل الخروج احلم، الضوء في ضفة القناة هناك يبزغ فجرًا، وما الفجر كان منهم ببعيد، يتذكرون هنا يوم جاءت كتائب التعمير في الهيئة الهندسية تخطط وتعبّد الطريق إلى الأنفاق، كيف استقدمت شباب أربع شركات وطنية مخلصة؟، كيف وقف القادة وسط الجنود، جيشاً ومدنيين، وقصّوا عليهم الحلم، حلم شعب اشتاق لسيناء الحبيبة يضمها إلى أحضان الوطن؟.
سيناء التي في خاطرى، عادت من اختطاف دام طويلاً، سيناء رجعت تانى لينا، أنفاق الخير تشق الطريق سالكة إلى حلم مصر الكبير في سيناء، إذا نمت سيناء وربت أشجارها عم الخير ربوع مصر الكبيرة.
أرواح الشهداء كانت تظلل افتتاح أنفاق بورسعيد، لولا دماء الشهداء لما كانت قافلة الخير والنماء مرت من بورسعيد إلى ربوع سيناء، ما هو مدخر لسيناء كثير، ولا شىء يكتر على سيناء، تستحق وأهلها الصامدون كل الخير.
نقلا عن المصرى اليوم