جارينيه نظريان
في ظل ما تعيشه البلاد من ثورات حضارية و تكنولوجية وفكرية قد تكون أثرت الفكر الإنساني أو من جهة أخرى أثّرت سلباً على القيم و المبادئ الإنسانية أو حتى العقائدية المُسلتمة من آباء الكنيسة ، ويقول المثل "العلم في الصغر كالنقش على الحجر" تعليم الأطفال منذ نعومة أظفارهم في مدارس الأحد أو ما تسمى بمدارس التربية الكنسية يخلق جيلاً أسس على مبادئ السلوك المسيحى لكن في القرن الواحد و العشرون هل أصبحت مهمة مدارس الأحد أصعب من خلال هجمات الأفكار الإلحادية عبر الإنترنت هذا ما بينه قدس الأب القس أفرام وزير ( كاهن كاتدرائية مار أفرام السرياني وكنيسة سيدة السريان بحلب - سورية) ، في حوار خاص ل "الأقباط متحدون" .
نشأة مدارس الأحد
تعود العلاقة بين المسيحية والتعليم إلى العصور المبكرة في المسيحية حيث بيّن الأب "وزير" أن : "آباء الكنيسة دعوا الى ضرورة التعلم لكل عضو في الكنيسة ، إن كان طفلا أو معتنقاً للمسيحية وذلك استناداً إلى تعاليم الكتاب المقدس".
موضحاً أنه " على مر العصور واجهت الجماعة المسيحية تحديات خارجية وداخلية ، مما دعا إلى تطوير واستخدام الموارد الفكرية والتربوية من أجل الدفاع عن الإيمان وترسيخه في عقول ابنائها منذ الصغر".
مدارس الأحد تهتم بالروح و تنمية الفكر
أكد الأب "وزير" ل "الأقباط متحدون أنه : " كان و لازال هدف الكنيسة من مدارس الأحد خلق جيل محب للكتاب المقدس و للحياة الكنسية من خلال سلوك ندعوه بالسلوك المسيحي ، طبعاً لا يقتصرعمل مدارس الأحد على التنمية الفكرية لا بل يضاف إليها الرحلات الدينية والخلوات الروحية" .
"فالذي يُعطى في المدارس العامة والخاصة لا يكفي لخلق جيل واعٍ يفهم الكتاب المقدس بعهديه القديم و الجديد ، وبالرغم من كل التحديات و الاضطهادات التي واجهت مدارس الأحد إلا أنها بقيت صامدة ، و بقيت مدارسنا إلى يومنا هذا راسخة و متمسكة بتعاليمها المسيحية ، لا بل تزداد اصراراً يوماً بعد يوم ، ويزداد فيها عدد الاطفال المستفيدين من سماع وتطبيق كلمة الانجيل في حياتهم ، ليس فقط في حياتهم الشخصية وبين عائلتهم ، لا بل على مستوى أقربائهم وأصدقائهم وبين المجتمع الذي يعيشون فيه كفرد من الوطن ، مساهمين بإيصال كلمة الرب والعمل بها إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص المتعطشين لسماعها والبعيدين عنها.
مدارس الأحد بين تعزيز الهوية المسيحية أو الطائفية
«مدارس التربية الكنسية» محطة أولى يلتحق بها الطفل المسيحي مع بداية إدراكه ، لتكوين رؤيته عن عقيدته ومعرفته للتعاليم وتعلم السلوكيات يقول الأب "أفرام" ل لأقباط متحدون" أنه : " مع الأسف هناك بعض الكنائس من خلال مدارس الأحد تعزز في قلوب روادها الهوية الطائفية وليس المسيحية ، بعكس ما تهدف له مدارس الاحد ألا و هو تعزز الهوية المسيحية وليس الطائفية وهذا ما يحدث الآن" .
مضيفاً أن : "السيد المسيح عندما جاء و بشر و علّم ، فكان لجميع الناس دون تمييز بين جنس وعرق وطائفة ، تجسد لكي يُوصل رسالته التي جاء من أجلها وهي خلاص النفوس ، فالذي سمعه ترك كل شيء وتبع الرب يسوع وطبق رسالته ، وفي النهاية بالتأكيد نال الخلاص بغض النظر عن الخطايا التي كان يقع فيها ، أما الذي اغلق آذناه عن سماع كلمة الرب ضلّ الطريق وتاه عن الاتجاه الصحيح وطبعاً بالتأكيد مثل أولئك الأشخاص بقيوا بعيدين عن الله وكلامه ".
وأكد الأب "أفرام" أنه :" ضد أي مدرسة تعزز الهوية الطائفية لا المسيحية بفكر أولادها داخل مدارس الأحد ، و أن هذه الدروس والتعاليم تهدف لتعزز الهوية المسيحية في قلوب وفكر أعضائها الذين يأتون للالتزام ولسماع كلمة الرب".
مدارس الأحد بين التكنولوجيا الإيجابية و السلبية
أشاد الأب "أفرام" ل لأقباط متحدون" بدور التكنولوجيا الإيجابي قائلا : "بداية سأتكلم عن هذا الموضوع برؤية الأخوة المسؤولين الذين استفادوا من النهضة التكنولوجية في البحث عن بعض الأفكار والوسائل وتقديم الفكر المناسبة واللائقة والمحفزة للأطفالنا مما يساعد في ترسيخ المعلومات بعقولهم أكثر بكثير".
مشيراً أنه "سابقاً قبل موضوع اكتشاف أمور التكنولوجيا الحديثة كان يتم تطبيق هذه الأمور من خلال التعاون مع مدارس أحد أخرى وتبادل الآراء والأفكار فيما بينهم ولكن بات اليوم عصر المعلوماتية والأتمتة طاغياً على هذه الأمور ، ولا بد من التنويه إلى أمر مهم فهناك بعض المعلومات ممكن أن تكون خاطئة أو عكس ما يقوله تعليم الإنجيل المقدس ولابد من لفت انتباه المسؤول أو الخادم إلى هذه الأمور ومعالجتها بأسرع وقت" .
"أما بالنسبة لأطفال مدارس الأحد فهذا الأمر بات صعب نوعاً ما وسهل بنفس الوقت ،فهو صعب على الأطفال الغير متابعين من قبل أسرهم ولا توجد عليهم مراقبة من قبل شخص واع ، فهؤلاء الأطفال يشكلون خطراً على أنفسهم و على محيطهم من أطفال مدارس الأحد"
لذا شدد الأب "أفرام"على دور الخادم بقوله " هنا يبدأ دور المسؤول أو الأخ المربي (الخادم) بالتعاون مع الوالدين وذلك بمعالجة الأمر في بدايته كي لا تصعب المهمة ، ولكن إذا تأخر الوقت تصبح المهمة أصعب بالتعاون بين الوالدين مع المسؤول ، و نتبع المعالجة مع المسؤول المحبب من قبل الطفل بشكل خاص ، لأنه يبقى قريباً من قلب الطفل ويكون كلامه مسموع"
اختتم قدس الأب "أفرام" حواره ل "الأقباط متحدون" أن : مدارس الأحد ضرورية لأطفالنا لتعزيز التعليم المسيحي وتعاليم الأنجيل المقدس في قلوب أولادنا وأطفالنا الأعزاء.
فليبارك الرب كل عمل تقوم به الكنيسة وأبناء الكنيسة من أجل تمجيد ربنا و إلهنا يسوع المسيح وكلمته المباركة ".
مدارس الأحد لا تقتصر على عمر معين ، لذا نظراً لكثرة الجواذب الخارجية ، والضعفات البشرية ، وشر الإنسان ، يكون من الضروري دعوة معظم الناس مراراً وتكرار للمجيء إلى مدارس التربية الكنسية .