الأقباط متحدون | القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (33) حياة الكمال المسيحى
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٧:٥٤ | الاثنين ٦ فبراير ٢٠١٢ | ٢٨ طوبة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٦٢ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (33) حياة الكمال المسيحى

الاثنين ٦ فبراير ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

 للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى


{كونوا أنتم كاملين، كما أن أباكم السماوي كامل } (متى 5: 48).

مفهوم الكمال المسيحى وأهميته ودرجاته...

الله يدعونا إلى حياة الكمال...
إن الله يدعونا الى الكمال ويريد منا ان نتشبه به في كماله {كونوا أنتم كاملين ، كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل} (مت5: 48). فالله كامل لا عيب فيه وجميع سبله عدل وامانه ولا يوجد فيه ظلم أو ظلمة البته {هو الصخر الكامل صنيعه ان جميع سبله عدل اله امانة لا جور فيه صديق وعادل هو} (تث 32 : 4) وبالتاكيد فان الله الرحوم لن يطلب منا شئ مستحيل علينا ان نقوم به. فماذا يقصد رب المجد من هذه الدعوة الروحية العالية المستوى عن الجنس البشري الضعيف بطبيعته بعد السقوط. وما هو هذا الكمال؟ وكيف يصل الإنسان إليه؟

لقد كلم الله قديما ابو الاباء ابراهيم ودعاه لحياة الكمال {ظهر الرب لابرام وقال له انا الله القدير سر امامي وكن كاملا} (تك 17 : 1). كما شهد الكتاب قديما لنوح البار بانه كان كاملا فى جيله { كان نوح رجلا بارا كاملا في اجياله وسار نوح مع الله} (تك 6 : 9). لقد راينا فى حياة ابينا ابراهيم كيف اطاع الله وذهب من بين ارضه وعشيرته واهله وهو لا يعلم الى اين يذهب، وعاش متغرباً على الارض بين الخيمة ومذبح الصلاة ، بل وقدم ابنه وحيده على مذبح الحب الإلهى والطاعة لله فى إيمان بان الله قادر ان يقيمه من بين الاموات ، وفى تجرد من الماديات رفض ان ياخذ شئ من الممتلكات التى استردها من سالبيها وردها لاصحابها بعد معركة كسرة كدر لعومر{ وقال ملك سدوم لابرام اعطني النفوس واما الاملاك فخذها لنفسك. فقال ابرام لملك سدوم رفعت يدي الى الرب الاله العلي مالك السماء والارض. لا اخذن لا خيطا ولا شراك نعل ولا من كل ما هو لك فلا تقول انا اغنيت ابرام} تك 21:14-23. من أجل هذا استحق ان يكون بركة { فاجعلك امة عظيمة واباركك واعظم اسمك وتكون بركة} (تك 12 : 2). وان يكون الله ترس وحمايةً له { بعد هذه الامور صار كلام الرب الى ابرام في الرؤيا قائلا لا تخف يا ابرام انا ترس لك اجرك كثير جدا} تك 15:1. هكذا عاش نوح حياة الايمان عندما امره الله ببناء فلك وسط اليابسة وانتظر الكثير من السنين لياتى الله بالطوفان ويغرق الذين استهزأو به ونجا هو واهل بيته من اجل طاعته وإيمانه بصدق مواعيد الله .

الكمال المطلق والنسبي ... الكمال المطلق هو لله وحده، ولا يمكن أن يصل إليه إنسان، لأننا كلنا في الموازين إلي فوق اى ناقصين أما الكمال الذى نصل اليه فهو الكمال الممكن والنسبى على قدر طاقتنا وعمل نعمة الله فينا وسعينا فى الجهاد الروحى وقدراتنا البشرية وامكانيتنا . ولقد ذكر لنا الكتاب أناس وصفهم بالكمال رغم اننا نعلم ان لهم ضعفات فى حياتهم ، لكن الله كان ينظر ايضا الى توبتهم ونموهم والى ما وصلوا اليه فى نهاية رحلة غربتهم على الارض ولا شك ايضا اننا سننمو فى الابدية وباتحادنا بالله الحى الكامل لنصل الى الكمال المطلوب منا. لقد شهد الله عن أيوب البار بانه كامل { كان رجل في ارض عوص اسمه ايوب وكان هذا الرجل كاملا ومستقيما يتقي الله ويحيد عن الشر} (اي 1 : 1). واستحق ان يدافع الرب عنه أمام حروب الشيطان{ فقال الرب للشيطان هل جعلت قلبك على عبدي ايوب لانه ليس مثله في الارض رجل كامل ومستقيم يتقي الله ويحيد عن الشر} (اي 1 : 8). ومع أنه كانت له بعض الضعفات ولكن الله يحكم علي كل إنسان بالنسبة إلي إمكانياته وإلي عصره ومستواه وإلي عمل الروح القدس معه. وقد يكون الكمال صفة نصل اليها بالوصول الى تنفيذ وصية معينة، كما فى مثال الشاب الغنى فان كمال الترك وتنفيذ الوصايا ان نعطى ما لنا للفقراء ونتبع السيد المسيح {إن أردت أن تكون كاملاً، اذهب بع كل مالك وأعطه للفقراء} (مت 21:19). وواجبنا أن نسعى إلي الكمال، وليس لنا أن نقول إننا وصلنا إليه، فالكمال درجات كلما يصل الإنسان إلي واحدة منها، يجد كمالاً آخر أعلي وأبعد في انتظاره ويكون كمن يطارد الأفق أو السراب . ان القديس بولس الرسول كمثال وهو الذي صعد إلي السماء الثالثة، والذي تعب أكثر من جميع الرسل، نجده يقول {لست أحسب إني قد أدركت أو قد صرت كاملاً، ولكن أسعى لعلي أدرك. افعل شيئاً واحداً، أنسى ما هو وراء، وأمتد إلي ما هو قدام} (في 15,12:3). فإن كان القديس بولس العظيم لا يحسب أنه قد صار كاملاً، إنما يسعى لعله يدرك، فماذا نقول نحن؟ ومع ذلك فإن بولس يقول بعد ذلك مباشرة {فليفتكر هذا جميع الكاملين منا} أي جميع من يحسبون أنهم قد صاروا كاملين، أو جميع الذين يحسبهم الناس أنهم كاملين. إن طالباً في الابتدائي قد يأخذ الدرجة النهائية في الرياضيات فيقولون أنه كامل بالنسبة إلي هذا المستوي، وقد لا يفقه شيئاً في المستوي الأعلى. وهكذا قد يرتقي من مستوي الكمال في الابتدائية إلي مستوي الكمال في الإعدادية، ثم في الثانوية ثم في الجامعة. وكله كمال نسبي، ومع ذلك لا يحسب أنه قد صار كاملاً في الرياضيات فهناك مستويات ما تزال أعلي منه. إن الله يدعونا للنمو الروحي المستمر، باستخدام كل وسائط النعمة لكي يصل المؤمن إلى {قياس (مستوى) قامة ملء المسيح} (أف4: 13). وليس هذا الوضع الروحي المرتفع إلاَ بعمل النعمة في النفس المجاهدة، كمال وصلت إليه قامات روحية رفيعة، مثل القديس الأنبا أنطونيوس والأنبا مكاريوس الكبير والأنبا باخوميوس والقديس أثناسيوس الرسولى وليس هؤلاء فقط بل فى كل جيل راينا أناس متزوجين وبتوليين وصلوا الى قامات روحيه عاليه بأمانتهم واستجابتهم لعمل الروح القدس . ان الله لا يريد لنا ان نحيا فى الخطية بل ان نتوب ونقلع عنها ولا نعود اليها ثم ننمو فى معرفته لنصل الى المحبة الكاملة وننمو الى ان نصل الى القداسة والكمال وقال لنا {عيناي على امناء الارض لكي اجلسهم معي، السالك طريقا كاملا هو يخدمني} (مز 101 : 6) {طوبى للكاملين طريقا السالكين في شريعة الرب}(مز 119 : 1). ان الله يدعونا ويحثنا الى السير فى طريق الكمال فى خدمته ونسلك فى وصاياه مشجعا ايانا على النمو المستمر. وكمثال للسعى الى الكمال فقد أشتهر احد المهندسين المعماريين فى أمريكا ببراعته ونظرياته الرائعة فى التصميم وعندما ساله احد المعجبين بعلمه : أية بناية تعتبرها رائعتك الفنية؟ أجاب اود ان تكون البناية القادمة انشالله ! فرد عليه أحد مساعديه ، ولكنك تقول دائما "البناية القادمة" فمتى فرغنا منها لا تعود تهتم وتعكف على التخطيط لغيرها! قال له لانى عندما اراها فانى اكتشف ان هناك ما هو أفضل وأحسن وأكمل فى فكرى فلا يعود الحسن يعجبنى !. فان كان ذلك يحدث فى مجال الهندسة المعمارية فان النفوس الفاضلة تسعى الى الوصول الى الكمال وتنظر دائما الى الأفضل وتحتفظ بثباتها وتواضعها فى تقدمها .

المحبة رباط الكمال ... يمكن أن يصل المؤمن إلى الكمال النسبي بالنمو في الفضائل وعمل الخير والخدمة، مبتدئاً بالنمو في المحبة الباذلة { وعلى جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال }(كو 3 : 14). الله محبة ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه. ان بنائنا الروحى يجب ان يقوم على المحبة التى شبهها الاباء القديسين مع التواضع بانهاء المادة الاساسية التى تربط البناء الروحى كله متماسك معا كالمؤنه بالنسبة للحائط تجعله متماسك وحدة واحده ولقد اكد السيد المسيح على أهمية المحبة لانها لب وجوهر كلام الناموس والانبياء { وساله واحد منهم وهو ناموسي ليجربه قائلا. يا معلم اية وصية هي العظمى في الناموس. فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هي الوصية الاولى والعظمى. والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء} مت 35:22-40. اننا بالتقدّم في الفضيلة نتشبّه بالله، حيث يمنحنا الرب نعمة المحبة كثمرة من ثمار الروح القدس لنحب اعدائنا ككمال لوصية المحبة {سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. واما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم وصلوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم. لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ويمطر على الابرار والظالمين. لانه ان احببتم الذين يحبونكم فاي اجر لكم اليس العشارون ايضا يفعلون ذلك. وان سلمتم على اخوتكم فقط فاي فضل تصنعون اليس العشارون ايضا يفعلون هكذا. فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السماوات هو كامل} مت 43:5-48. لم تأمر الشريعة ببغض العدوّ كوصيّة يلتزم بها المؤمن، في كسرها كسر للناموس وإنما كان ذلك سماحًا أُعطى لهم من أجل قسوة قلوبهم. لقد ألزمت بحب القريب وسمحت بمقابلة العداوة بعداوة مساوية، لكي تمهد لطريقٍ أكمل، أن يحب الإنسان قريبه على مستوى عام، أي كل بشر. يظهر ذلك بوضوح من الشريعة نفسها التي قدّمت نصيبًا من محبّة الأعداء ولو بنصيب قليل، فقيل {إذا رأيت حمار مبغضك واقعًا تحت حمله وعدلت عن حلّه فلابد أن تحلّ معه} (خر 23: 5). وقيل أيضًا {لا تكره أدوميًا لأنه أخوك، ولا تكره مصريًا لأنك كنت نزيلاً في أرضه} (تث 23: 7). مع ان الادوميين والمصريين كانوا بمثابة أعداء لهم . لقد طالب السيّد المسيح المؤمنين أن يصعدوا بروحه القدّوس على سلّم الحب فيحبّون حتى الأعداء، ويحسنون إلى المبغضين لهم، ويصلّون لأجل المسيئين إليهم. وبهذا يحملون مثال أبيهم السماوي وشبهه. ويرى القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن السيّد المسيح قد جاء ليرفعنا إلى كمال الحب، الذي في نظره يبلغ الدرجة التاسعة، مقدّمًا لنا هذه الدرجات هكذا .

الدرجة الأولى: ألا يبدأ الإنسان بظلم أخيه.

الدرجة الثانية: إذا أصيب الإنسان بظلم فلا يثأر لنفسه بظلم أشد، وإنما يكتفي بمقابلة العين بالعين والسن بالسن (المستوى الناموسي الموسوي).

الدرجة الثالثة: ألا يقابل الإنسان من يسيء إليه بشر يماثله، إنّما يقابله بروح هادئ.

الدرجة الرابعة: يتخلّى الإنسان عن ذاته، فيكون مستعدًا لاحتمال الألم الذي أصابه ظلمًا وعدوانًا.

الدرجة الخامسة: في هذه المرحلة ليس فقط يحتمل الألم، وإنما يكون مستعدًا في الداخل أن يقبل الآلام أكثر مما يودّ الظالم أن يفعل به، فإن اغتصب ثوبه
يترك له الرداء، وإن سخّره ميلاً يسير معه ميلين.

الدرجة السادسة: أنه يحتمل الظلم الأكثر ممّا يودّه الظالم دون أن يحمل في داخله كراهيّة نحو العالم.

الدرجة السابعة: لا يقف الأمر عند عدم الكراهيّة وإنما يمتد إلى الحب. "أحبّوا أعداءكم".

الدرجة الثامنة: يتحوّل الحب للأعداء إلى عمل، وذلك بصنع الخير "أحسنوا إلى مبغضيكم"، فنقابل الشرّ بعمل خير.

الدرجة التاسعة والأخيرة: يصلّي المؤمن من أجل المسيئين إليه وطارديه.

هكذا إذ يبلغ الإنسان إلى هذه الدرجة، يقدّم عن الكراهية والعداوة عوضها حبًا عمليًا ويقف كأب مترفّق بكل البشريّة، يصلّي عن الجميع طالبًا الصفح عن أعدائه والمسيئين إليه وطارديه، يكون متشبِّهًا بالله نفسه أب البشريّة كلها. وقد أخبرنا القديس بطرس المختبر، أن الله قادر {أن يكملكم ويثبتكم ويقويكم ويمكنكم (1بط5: 10). فهل نثق في وعد الله في أنه يسندنا في سيرنا في طريق الكمال الروحي؟ . اننا اذ نسير على خطى يسوع المسيح المحب فاننا نختبر قول الرب {إن قوتي في الضعف تكمل} (2كو12: 9). ان هذه المحبة العملية للاعداء ظهرت على الصليب عندما طلب الحبيب من الآب السماوى الغفران لصالبيه قائلاً { يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون} (لو 23 : 34). ومن المعلم الصالح تعلم القديس استفانوس ان يغفر حتى لراجميه وهم يرجمونه بالحجارة { ثم جثا على ركبتيه وصرخ بصوت عظيم يا رب لا تقم لهم هذه الخطية واذ قال هذا رقد} (اع 7 : 60).

الكمال نمو روحى فى عدم أكتفاء ... والمعنى المقصود بالكمال أيضا قد يكون عدم الإكتفاء بالوضع الروحي الذي يكون فيه المؤمن المجاهد الآن، لأن الطموح الروحي بلا حدود، فمع أن الرسول بولس قد نال بركات روحية عظيمة، لكنه لم يشبع من المسيح أبداً، بل أعلن أنه ظل يسعى للمزيد باستمرار، حتى نال اكليله. وعلَمنا أن نقول دائماً {أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني}(في 4: 13). والجهاد الروحي يكون في كل المجالات الروحية، وضد كل الخطايا، فقد يترك انسان خطية ما، فيظن أنه بذلك قد ارتفع مستواه الروحي كثيراً، ولعل الشيطان قد توقف عن محاربته في تلك الخطية بالذات، ليعطيه احساساً بالغرور، والميل للإفتخار بالإنتصار على خطية واحدة. وكذلك يجب عدم التهاون مع الخطايا التي يظنها البعض صغيرة أو تافهة لأن من حفظ كل الناموس (وصايا الله)، وانما أُعثر في واحدة فقط، فقد صار متعديا و{مجرماً في الكل} (يع2: 10). { ولكن شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان }(2كو 2 : 14). اننا لكى نصل إلى الكمال الروحى المطلوب منا ينبغي ان نشعر بوجود الله الدائم معنا ومعرفته لافكارنا وتصرفاتنا ومحاسبتنا لانفسنا على كل فكر وقول وسلوك ، وذلك للنمو في النعمة والحكمة. كما يقول صاحب المزمور { جعلت الرب امامي في كل حين.لانه عن يميني فلا اتزعزع} (مز 16 : 8). تخيل مثلاً أن يجلس بجوارك في سيارتك أحد القديسين . فهل تتفوه بكلمة صعبة لمن يضايقك في طريقك؟! عدم تفوهك بذلك يرجع إلى أنك تشعر أن أب مبارك يجلس بجوارك وعلى هذا المنوال ينبغي أن تشعر دائماً أن الله يجوارك ويراقبك في كلامك وكل تصرفاتك، وبذلك تستطيع أن تبتعد عن العثرة الضارة للنفس وللناس.

الاهتمام بتقديس القلب وحياة الكمال.. ان القلب فى هو مركز الحياة الروحية ويقصد به الانسان الداخلى بما فيه من عواطف ومشاعر وانفعالات ودوافع وارادة وهو الموجهه للانسان نحو الخير ومحبة الله او الشر والبعد عنه لهذا يوصينا الانجيل بان يكون قلبنا كاملاً فى محبته لله { فليكن قلبكم كاملا لدى الرب الهنا اذ تسيرون في فرائضه وتحفظون وصاياه كهذا اليوم} (1مل 8 : 61). ولهذا اوصى داود النى ابنه سليمان ان يحب الله بقلب كامل { وانت يا سليمان ابني اعرف اله ابيك واعبده بقلب كامل ونفس راغبة لان الرب يفحص جميع القلوب و يفهم كل تصورات الافكار فاذا طلبته يوجد منك واذا تركته يرفضك الى الابد} (1اخ 28 : 9). ولقد بدأ سليمان بداية حسنه لكنه تغير قلبه بسبب محبة للنساء { وكان في زمان شيخوخة سليمان ان نساءه املن قلبه وراء الهة اخرى ولم يكن قلبه كاملا مع الرب الهه كقلب داود ابيه} (1مل 11 : 4). ان الله يريد ان نعطيه قلوبنا ونسير فى طريقه وهو فى امانته يقوى هؤلاء السائرين فى طريق الكمال معطيا لهم سعادة وبركة { لان عيني الرب تجولان في كل الارض ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه} (2اخ 16 : 9). فعلينا ان نعطى قلوبنا ومحبتنا لله ونحب الغير حبا فى الله محبة روحية طاهره تبنيهم ولا تذيد محبتنا لهم عن محبتنا لله أو تنحرف فتتحول الى شهوة خاطئه تبعدنا عن دائرة محبة الله .

تشجيع الله لنا للسير فى طريق الكمال .. أن الكمال والقداسة صفة ينسبها الله لأولاده، حتى ولو لم يكونوا كذلك لأنه يحبهم جداً، فلنحاول أن نجاهد لنصل للكمال الذي يريده الله لنا. وتمسك بوسائط الخلاص كلها التي هي طريق للكمال المنشود. فان قالت النفس {أنا سوداء كخيام قيدار} يقول الرب المحب {كلك جميلة يا حبيبتي وليس فيك عيب} (نش1: 5، 4: 7).ان الله يريد ويسعى الى خلاصنا وقداستنا ولهذا يجب علينا ان ننمو ونسعى فى طريق الخلاص والقداسة كما دعانا الكتاب { فاطلب اليكم ايها الاخوة برافة الله ان تقدموا اجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية . ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة. فاني اقول بالنعمة المعطاة لي لكل من هو بينكم ان لا يرتئي فوق ما ينبغي ان يرتئي بل يرتئي الى التعقل كما قسم الله لكل واحد مقدارا من الايمان. فانه كما في جسد واحد لنا اعضاء كثيرة ولكن ليس جميع الاعضاء لها عمل واحد. هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح واعضاء بعضا لبعض كل واحد للاخر. ولكن لنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا} رو 1:12-6. نحن نشكر الله على قبوله وتشجيعه لنا لنسير معه فى طريق الكمال كاطفال نحبو يمسك بايدينا لئلا نسقط وعندما نتعثر نجده يسرع الينا كما بطرس الرسول منتشلاً ايانا من الغرق ، ومقويا لنا فى الضعف واهبا لنا كل امكانيات النمو فى حياة القداسة والكمال المسيحى فهو رئيس إيماننا ومكمله وهو الطريق والحق والحياة لكل السائرين فى طريق الكمال .


الكمال فى حياة وتعاليم السيد المسيح

كمال الله وقداسته ... الله وحده له الكمال المطلق فى ذاته وفى كل شريعته وأعماله وطرقه { هو الصخر الكامل صنيعه ان جميع سبله عدل اله امانة لا جور فيه صديق وعادل هو} (تث 32 : 4). { الله طريقه كامل وقول الرب نقي ترس هو لجميع المحتمين به} (2صم 22 : 31). {ناموس الرب كامل يرد النفس. شهادات الرب صادفة تصير الجاهل حكيما} (مز 19 : 7).وعندما يختار الله الكامل العادل والقدوس له شعباً، يجب ان يصبح هذا الشعب بدوره قدوساً، أي مفروزاً عمَا هو دنيوي، ومكرساً لله، فيفرض عليه بذالك حتماً مطلب الكمال. فما هو مكرّس لله ينبغي أن يكون سليماً صحيحاً لا عيب فيه. فهذه السلامة مطلوبة حتى بالنسبة إلى الحيوانات التي تقرب للذبيحة {لا تقربوا للرب حيواناً أعمى أو مكسوراً أو مجروحاً } (لا 22: 22). وتسري هذه الشريعة ذاتها بالنسبة إلى الكهنة خدام الله فيجب ان لا يكون لديهم عيوب جسدية اوأدبية أو روحية تعيق خدمتهم (لا 21: 17-23).ثم تصل لتكون مطلب من كل مؤمن ومؤمنة فى المسيح يسوع، وتوصَي القواعد الخاصة بالطاهر والنجس الشروط المقررة في هذا الصدد (لا 11 إلى 15). وعندما يتعلّق الأمر بالأشخاص، ينبغي أن يضاف إلى السلامة الطبيعية السلامة الأدبية، فيجب خدمة الله " بقلب كامل " وبكل إخلاص وأمانة (1 ملوك 8: 61، تث 6: 5، 10: 12)، وأن هذه الخدمة تشمل الطاعة للوصايا والكفاح ضد الشر. ولذا فإن الانحرافات في المفهوم الديني كانت موضع محاربة شديدة من جانب الأنبياء فى العهد القديم فاى قداسة وبر يجب ان نسير عليه نحن الذين أخذنا نعمة الروح القدس؟ . أن ما ينبغي البحث عنه هو البر الحقيقي، مع تجنَب العنف والأنانية، ومع العيش في الإيمان بالله، وعمل الحق والإحسان والرحمة وهذا هو مفهوم الصوم الروحى حتى فى العهد القديم { اليس هذا صوما اختاره حل قيود الشر فك عقد النير واطلاق المسحوقين احرارا وقطع كل نير. اليس ان تكسر للجائع خبزك وان تدخل المساكين التائهين الى بيتك اذا رايت عريانا ان تكسوه وان لا تتغاضى عن لحمك. حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك وتنبت صحتك سريعا ويسير برك امامك ومجد الرب يجمع ساقتك. حينئذ تدعو فيجيب الرب تستغيث فيقول هانذا ان نزعت من وسطك النير والايماء بالاصبع وكلام الاثم. وانفقت نفسك للجائع واشبعت النفس الذليلة يشرق في الظلمة نورك ويكون ظلامك الدامس مثل الظهر. ويقودك الرب على الدوام ويشبع في الجدوب نفسك وينشط عظامك فتصير كجنة ريا وكنبع مياه لا تنقطع مياهه. ومنك تبنى الخرب القديمة تقيم اساسات دور فدور فيسمونك مرمم الثغرة مرجع المسالك للسكنى} اش 6:58-12. ان الكمال فى السعى لحفظ وصايا الله يجب ان يمتد الى الأمام بحسب عمل النعمة فينا مع الشعور بالضعف وعدم الوصول بعد الى الكمال بل وهذا ما يدعونا اليه الرب { كذلك انتم ايضا متى فعلتم كل ما امرتم به فقولوا اننا عبيد بطالون لاننا انما عملنا ما كان يجب علينا} (لو17 : 10).

السيد المسيح ودعوته للكمال ..

ان السيد المسيح فى تجسده على الارض وخدمته تحلى بكل خصال الصلاح والعدل والرحمة وان كان هو الابن الكلمة المتجسد والواحد مع الآب فى الجوهر فانه القدوس والكامل وهو الذى دعانا الى الكمال كما ان الله قدوس وكامل { فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السماوات هو كامل} (مت 5 : 48) . وهو يريد لنا ان نتحد بكماله سائلاً الآب من أجلنا { لست اسال ان تاخذهم من العالم بل ان تحفظهم من الشرير. ليسوا من العالم كما اني انا لست من العالم. قدسهم في حقك كلامك هو حق. كما ارسلتني الى العالم ارسلتهم انا الى العالم. ولاجلهم اقدس انا ذاتي ليكونوا هم ايضا مقدسين في الحق. ولست اسال من اجل هؤلاء فقط بل ايضا من اجل الذين يؤمنون بي بكلامهم. ليكون الجميع واحدا كما انك انت ايها الاب في وانا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا ليؤمن العالم انك ارسلتني. وانا قد اعطيتهم المجد الذي اعطيتني ليكونوا واحدا كما اننا نحن واحد.انا فيهم وانت في ليكونوا مكملين الى واحد وليعلم العالم انك ارسلتني واحببتهم كما احببتني} يو 15:17-23.

أعلن لنا السيد المسيح بأن الإله القدوس هو إله المحبة، يضفي على مطلب الكمال الناشئ عن العلاقة بالله، توجهاً جديدا فى علاقتنا بالله وهى ان الله محبة ويريد ان يهبنا محبته ويضفى علينا كماله { وخرج لك اسم في الامم لجمالك لانه كان كاملا ببهائي الذي جعلته عليك يقول السيد الرب} حز 14:16. لقد جاء من أجل خلاص الخاطئين (متى 9: 12- 13). أجل، إنه {الحمل الذي بلا عيب}(1 بط 1: 19)، الذي أشار عليه سفر اللاويين ليقدم محرقة عن خطايانا، وفي سبيل غفرانها يسفك دمه على عود الصليب وهذا ما قاله القديس يوحنا المعمدان عندما نظر السيد المسيح مقبلاً اليه (هوذا حمل الله ، الذى يرفع خطية العالم )، فهكذا يصير كاهننا " الكامل " (عبرانيين 5: 9- 10)، القادر أن يجعلنا بدورنا كاملين (عبر 10: 14). { وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي ان يرفع ابن الانسان. لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم} يو14:3-17.

السيد المسيح وكمال الوصايا... إن كان السيد المسيح يطالبنا أن نعلن النور الإلهي الساكن فينا خلال حياتنا العمليّة، فتصبح حياتنا كسراجٍ على منارة يضيء لكل من في البيت، ويتمجّد أبونا السماوي أمام الجميع، فما هي الوصايا التي نلتزم بها في حيات




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :