كتب – ايهاب رشدى
فى رده على البعض ممن يرددون بأنه لم يحدث بناء للكنائس فى مصر إلا بعد دخول العرب قال القمص أنجيلوس جرجس راعى كنيسة المغارة - ابى سرجة بمصر القديمة ، أن هذا الخطأ قد حدث بسبب ما كتبه بعض المؤرخين العرب الذين لم يفرقوا فى كتاباتهم بين بناء كنائس جديدة وبين ترميم كنائس كانت قد تعرضت للهدم ثم تم ترميمها ، وهو ما حدث فى أيام الملك عبد العزيز بن مروان سنة
685 م ، والذى كان له كاتب مسيحى يدعى " اثناسيوس " طلب من الملك بناء كنائس جديدة بدل التى تهدمت فى منطقة قصر الشمع ، فسمح له الملك ببناء كنيستين هما مارجرجس مصر القديمة وكنيسة أباكير التى سميت فيما بعد باسم القديسة بربارة فى القرن الثامن ، وقد ذكر هذا الكاتب أن الملك سمح له ببناء الكنيستين المذكورتين وأضاف قائلا " وأيضا بنيت كنيسة أبو سرجة " ، رغم أن كنيسة أبى سرجة كانت موجودة منذ القرن الرابع الميلادى حيث أنشاتها الملكة هيلانة ولكنها تهدمت ثم تم ترميمها فى عهد الملك بن مروان .
وتابع القمص انجيلوس ، أنه من الناحية التاريخية ، هناك العديد من الأدلة التى تثبت وجود الكنائس والأديرة بمصر منذ القرون الاولى و قبل دخول العرب لمصر ومنها :
- ما جاء فى المخطوطات حول حادثة استشهاد القديس مارمرقس – فى القرن
الاول الميلادى - بأن الوثنيين أخذوا مارمرقس وهو يصلى على المذبح فى قداس عيد القيامة ، وهو ما يؤكد أنه كانت هناك كنيسة موجودة بالإسكندرية وهى بيت انيانوس الذى تحول لكنيسة وكان يصلى معه اباء وشمامسة وشعب .
-يذكر تاريخ البطاركة أنه فى عهد البابا ابريموس البطريرك الـ 106 ، قد
بنيت كنائس كثيرة ، ولما ملك هدريان أواخر القرن الثانى أمر بهدم كل كنائس مصر .
- وفى عهد البابا ديمتروس البطريرك الـ 119 عام 191 م يذكر تاريخ
البطاركة أنه نتيجة لزيادة عدد الكنائس احتاجت الكرازة ان يضع اليد على اساقفة وكهنة كثيرين ، وأن الكنائس كانت تبنى فى كل القرى والنجوع .
-كما يذكر التاريخ أنه الملك دقلديانوس قد أصدر قرار بهدم جميع كنائس
مصر فى عصر الاضطهاد .
وأوضح القمص أنجيلوس أن قصص الشهداء فى مصر هى دليل آخر على وجود كنائس فى مصر خلال هذا العصر والذى سبق دخول العرب لمصر :
- ففى قصة الشهيد مارمينا وقفت الدته أمام ايقونة القديسة العذراء مريم
وطلبت ان يهبها الله ابنا ، وقد سمعت أم القديس العذراء وهى تقول لها "
آمين " وهو ما يؤكد أن ما حدث كان داخل كنيسة .
- تذكر قصة الانبا أنطونيوس - اوائل القرن الثالث الميلادى - أنه قد دخل
الكنيسة ليصلى وسمع الشماس يقرأ على المنجلية " أن اردت ان تكون كاملا اذهب وبع كل املاكك .
- يذكر التاريخ ان اريانوس الوالى دخل صعيد مصر فى اسنا واخميم وقبض على
الاسقف من داخل الكنيسة .
وتابع راعى كنيسة المغارة بأن هناك قائمة تاريخية قد رصدت ابروشيات مصر فى القرن الثالث الميلادى ، ويقول المقريزى وابن صالح الأرمنى فى مخطوطاتهما ان وقت دخول العرب كانت هناك كنائس عديدة ثم هدمت عند دخول العرب مصر .
وقد ذكر المؤرخ " اتومانرادج " أنه كانت هناك العديد من الكنائس القبطية فى القرن الثالث والرابع فى منطقة بابليون وعلى مسافة 60 فدان شمالا ( ناحية الازبكية حاليا ) بلغ عددها 42 كنيسة ، وما يؤكد ذلك أنه لما جاء أركاديوس الامبراطور عام 395 م بنى سور حول كنائس حصن بابليون .
وفى عام 1671 م أرسل لويس الرابع عشر ملك فرنسا راهبا يدعى " فان سيلب " إلى مصر ليدرس كنائسها ، ويذكر هذا الراهب أنه رأى بعينيه على جدران كنيسة المعلقة بمصر القديمة جملة بخط عمرو بن العاص تقول " نوصى أنا عمرو بن العاص بعدم التعرض لهذه الكنيسة " وهو ما يثبت أن المعلقة كاننت مبنية وقائمة قبل دخول العرب لمصر .
وتابع القمص انجيلوس فى ذكر الأدلة التى تؤكد على وجود كنائس فى مصر قبل دخول العرب أن الملكة هيلانة عندما جاءت لمصر بنت كنائس فى كل الاماكن التى زارتها العائلة المقدسة وكان ذلك فى القرن الرابع اى قبل دخول العرب بـ 250 سنة .
وأنه فى عام 373 م جاء إلى مصر ( روفينوس وميلانية من آسيا الصغرى ) وتجولا فى أديرة وادى النطرون ، وفى منطقة ناتريا ( حوش عيسى حاليا فى البحيرة ) وأكدا على وجود أديرة وقلالى ورهبان على مسافة 100 كم فى هذه المنطقة، وأن المسافة الواقعة بين دير البراموس ودير انبا مقار كانت كلها اديرة ، وأن عدد الأديرة فى وادى النطرون بلغت فى ذلك الوقت 700 دير .
هذا بالاضافة لكتابات المؤرخين فى القرن الرابع والخامس والتى وصفت كم الأديرة من اسكندرية لأسوان مما يؤكد ان مصر كانت عامرة بالأديرة والكنائس فى كل مكان .