بقلم: سحر غريب
عندما سمعت أن فيلم أحمد حلمي الجديد نزل في دور العرض لم أستطع النوم بدون أن أراه، وعندما وصلت السينما وجدت أمم على بوابتها ينتظرون معي الفيلم على أحر من الجمر، فحلمي من الفنانين المُحترمين والذي حفر بصمة واضحة في تاريخ الفن بأفكاره الجديدة، وأفلامه الجذابة، ولكن يبدو أن جميع الفنانون اتفقوا هذا الموسم على جعله موسمًا جديدًا تغلب عليه الدموية والأفكار المظلمة.
قبل عرض الفيلم وعلى التتر كُتب أن فكرة الفيلم مُقتبسة من أسطورة يونانية معروفة، وهنا احترمت القائمين على الفيلم، فالاقتباس في أفلامنا موجود بكثرة ولكنك نادرًا ما تجد من يعترف بذلك، ثم توقعت بعدها أن أرى قصة ممسوخة ليس لها معنى لأن المصريين غير بارعين في الاقتباس ولكن ما حدث هو أن أحمد حلمي برع في تمصير الأسطورة وجعلها مناسبة للمجتمع المصري.
عنوان الفيلم يعطيك إيحاء بأنك ستشاهد فيلمًا كله فرح وضحك، ولكن المفاجأة أن الضحك في الفيلم عُملة شحيحة وليس هو الأساس وهو ما جعل الأطفال يملون من خط سير الأحداث ويطالبون بحقهم في الضحك المُنتظر من أحمد حلمي رغم أن حلمي أثبت مؤخرًا أنه ليس فنانًا كوميديًا فقط بل فنانًا شاملاً منذ فيلمه الأخير "آسف على الإزعاج" والذي عرض من خلاله مرض الفصام بصورة مُبدعة، ولكنه مع ذلك أحمد حلمي حبيب الأطفال، والعنوان أفضل من العنوان الأول والذي كان مقترحًا قبل عرض الفيلم وهو "عقبال عندكم" حتى لا يقول الجمهور أحمد بيفوّل علينا، فيكفينا الحالة التي يدخلنا فيها الفيلم وهي مزيج من الخوف والشعور بعدم أهمية الحياة.
أخذت الأحداث تتابع وتتكرر وأنا كلى قلق ماذا أراد حلمي أن يقول من خلال هذا الفيلم، أو ما هي الرسالة التي سأخرج بها من هذا الفيلم الغريب؟؟، فالفيلم عبارة عن طرق مختلفة للموت ولكنه في الآخر موت، حتى تغيّرت الأحداث لتتغير طباع البطل وتتبدل ليشعر بمن حوله بعد أن كان شابًا أنانيًا متمركزًا حول ذاته، كنت أتمنى نهاية مختلفة للفيلم ولكنها للأسف النهاية التي لا مفر منها والتي لا يمكن أن تتغير، ولكني اكتشفت أن أفلام أحمد حلمي يجب ألا تعطي فيها رأيًا حتى تشاهد الفيلم للنهاية.
أما الفيلم الأمريكي الذي تناول نفس الأسطورة من قبل فقد كان بعنوان groundhog day والذي تم إنتاجه عام 1993 وقام ببطولته "أندرى ماكدويل" و"بيل ميري" وإخراج "هارولد راميس" وتدور أحداثه في إطار كوميدي فانتازي حول استيقاظ شخص صباح كل يوم ليمر بعدة مواقف مختلفة، ثم عندما يخلد إلى النوم ليلاً ويستيقظ صبيحة اليوم التالي يجد فجأة أنه يعيش نفس اليوم الذي قضاه أمس، حيث يعيد اليوم تكرار نفسه بأحداث مختلفة، فهنا يجد البطل نفسه محاصرًا في يوم واحد فقط من حياته لا يستطيع الفرار منه.
ومع تدفق الجمهور خارج صالة العرض بعد نهاية الفيلم وجدت تعليقًا من أحد المشاهدين المنتظر لدوره ليدخل دار السينما في الحفلة التي تلي حفلتنا ورغم جهله بما ينتظره في الداخل قال: ما تخرجوا يا جماعة مالكم كده! أنتم ماشيين في جنازة وللا إيه؟
وفعلاً رغم جهل هذا المشاهد بما ينتظره داخل صالة العرض إلا أنه جاب التايهة، فبالفعل كنّا خارجين مندهشين من تلك النهاية المؤلمة التي كنّا نتمنى أن تتغير للأفضل فالفيلم كله نهاية، وكان أملنا كبيرًا في أن تختلف النهاية في الختام، ولكنها الصدمة التي يصمم عليها أحمد حلمي والتي لاحظت أنه أصبح مدمنًا لها.
لم يستعين حلمي بفنانين كبار لمشاركته في البطولة ففي هذا الفيلم كانت الفكرة ها الأساس، والفيلم لم يكن في حاجة لأبطال أكثر شهرة من الذين تم الاستعانة بهم فكل ممثل منهم قام بدوره كما يجب.
أكثر ممثل شدني أداءه وأتوقع له مستقبل أفضل الممثل الشاب الذي قام بدور كريم صديق البطل، شعرت معه أنه شاب مصري واقعي.
الفيلم من إخراج المخرج أحمد نادر جلال، قام بالتأليف محمد دياب والذي أعترف أن الفكرة مقتبسة ولكن التناول مختلف.
أما رسالة الفيلم والتي لم تظهر معالمها حتى دق ناقوس النهاية فهي خيرًا لك أن تكون غائبًا حاضرًا عن أن تكون حاضرًا غائبًا.