بقلم: مصطفى عبيد
«فظيعٌ جهل ما يجرى.. وأفظع منه أن تدرى» كما يقول الشاعر اليمنى عبدالله البردونى. وبين جهل التآمر، وتآمر الجهل يتمدد الوطن الأخضر مثخناً بجراح غائرة لا يعلم فاعلها.
لا قصائد رثاء، ولا ملابس حداد، ولا صيحات غضب تساوى خطفة الموت لشباب مسالم فى عمر البراعم. لا مقالات كبار الكتاب، ولا بيانات الأحزاب والحركات المسيسة يمكن أن تعيد البسمة إلى وطن مصلوب على جدار المنتفعين والظلمة.

لا شىء يخفف لهب النار، أو يبرد حرارة القلب لكن ليس لدينا بديل. علينا أن نرد بقوة ووحدة وتعقل. مصر لن تتلبنن ولن تتأفغن ولن تتعرقن كما يتمنى المباركيون وذيولهم. يقول كاثرين هيبرن «إن اعداءنا هم اكثر من يحفزنا» لذا فينبغى علينا أن نجابه الدم بالصمود، والفزع بالشجاعة، والرصاص بالتماسك والوحدة.

لو عرف القتلة السريون أن مسيرتنا نحو الحرية مستمرة، وأن صعودنا على درج المستقبل لن يقبل تعطيلاً أو إلهاء. لو علم «اللهو الخفى» سواء كان من أتباع النظام السابق، أو من «هتيفة» النظام الانتقالى أن المصريين لن يفرطوا فى الفرصة التاريخية لإقامة دولة حرة مدنية.. لو أيقن لاعقو الأحذية ومدمنو التقوس أن الوطن سيكمل عزفه مهما علا الصياح والصخب. لو قرأونا رجالا ما واصلوا رصاصهم الغادر.

إننى أطالبكم جميعاً برفع قبضة التحدى فى وجه القبح. أحترم الحزن لكننى أدعوكم أن نتجاوزه بإرادة صلبة، ونعيد مباريات الدورى مرة أخرى. ألتزم بالحداد لكن ينبغى استعادة الثبات والتحدى والمسارعة خلال اسبوعين على الاكثر للدعوة لمباراة بين الاهلى والزمالك فى حب مصر. أقدر الفزع لكن لن نخلعه الا بتحديه.
الفرصة سانحة للرد على مذبحة بورسعيد بقوة. على نواب الشعب المنتخبين، وعلى حكومتها التى تدعى الإنقاذ أن تعلن عن مباراة أخرى نبرهن بها للعالم أننا أقوى وأجمل وأنبل مما حدث. على الإخوة الكرويين لاعبين وفنيين أن يردوا الصاع صاعين لسفاحى الوطن. هذه مسئوليتهم وهذا دورهم.
تصوروا معى لو نجحنا شعبا وحكومة وثوارا فى حفظ الامن فى مباراة أخرى كبيرة لقطبى الكرة المصرية فى استاد القاهرة!! تخيلوا كيف سنغير الصورة القاتمة لو قلنا للقتلة إننا لا نخافكم ولا نقبل أن نخيّر بين الامن والحرية!!

إن فرانكلين روزفلت يقول لشعبه «إن اخوف ما اخاف عليكم هو الخوف نفسه» ونحن لدينا الفرصة أن نبرهن للقناصين الخونة أننا لا نخافهم. «ماتش كورة» قد يكون أهم من عشر مظاهرات. والله أعلم.