عيد اسطفانوس
عالقة بين السماء والأرض ، حائرة بين الماضى والمستقبل، مترددة بين البداوة والحضارة وبين الموت والحياه وبين الغيبوبة والواقع ،بين الاندماج مع بقية الكوكب وبين الانعزال فى جيتوهات دينية مغلقة بين الدولة الوطنية وبين امارات فرز وتمييز وعنصرية، وبين وبين وبين كثير من المقاربات والمقارنات ، ولم يعد مكان لحديث آخر لهؤلاء سوى هذا المستنقع الآسن من البكائيات على الماضى واللطم على الأمجاد الهلامية لحقب من انهار الدماء ، وأى نقد أو تلميح بنقد لهؤلاء الذين صنعوا هذه المأساة أو تابعيهم أو تابعى تابعيهم يورد أصحابه موارد التهلكة ، فقد تم تقديس الزمن وشخوصه وأزيائه وتراثه واسمائه واعتبار كل ذلك هو النسخة (الاوريجينال ) التى تجب ما قبلها وما استحدث بعدها من بدع وضلالات ،وتظل هذه الأمم سائرة بظهورها عيونها شاخصة الى الماضى أما الحاضر والمستقبل فهى غيبيات قدرية لادخل لبشر فيها .
والأمم العالقة أمم خائفة مرتابة مرتعدة يسود عليها ثقافة المؤامرة الكونية من الجميع وعلى الجميع ، لذا يصبح التجييش هو الحل ، ميليشيات مؤدلجة فى الداخل للدفاع عن عصابات حاكمة وتحالفات وأحلاف دينية فى الخارج لمواجهة أعداء وهميين وهو مثال للتجييش الدينى السياسى الفج الذى يشطر الانسانية .
وانفجرت شعوب كثيرة وتشظت وتحولت الى كيان هلامى لايرتقى حتى الى شبه دولة ،وسوف تنفجر البقية الباقية على اختلاف عرقياتها وجغرافيتها وحتى مكانتها الاقتصادية،سوف تنفجر ايران وباكستان وماليزيا واندونيسيا وتركيا وغيرهم كثرممن يتموضعون فى هذه الحالة طال الوقت أم قصر، وبالمناسبة الدول الأربع الأخيرة هى أحدث مشاريع الأحلاف الدينية ،وبالمناسبة ايضا الدول الاربع كانت ولازالت الملاذ الأول والآمن لغسل الاموال وحضانة الكوادر التى أسست ورعت ومولت هذا المشروع الذى زرع الكراهية فى كل جنبات الكوكب.
واتقاء للشر المتطاير حاولت وتحاول شعوب الهبوط الآمن لأرض الواقع بعد عقود من المعاناه،لكن الأمر يتطلب جهودا مضنية وارادة صلبة وثقافة مستنيرة وحريات أساسية، حريات بقوانين واضحة حرية المعتقد الدينى والسياسى ، حرية تشكيل الاحزاب والجمعيات وحرية الاعلام والصحافة ،حرية الفنون بكل فروعها السينما والمسرح والموسيقى والتشكيل ،حرية البحث والتجريب والابتكار، فصل الدين عن السياسة والادارة فصلا تاما بلا مواربة ولاتدليس ،حقوق متساوية للمرأة والاقليات الدينية والعرقية .
ويأتى قبل كل هذاوذاك الدفع بالشباب الى صفوف القيادة ليملكوا ناصية مستقبلهم ويرسموه بفكرهم ويتحرروا من ربقة استعباد فكرى لطغمة من تجار الدين والفاسدين والمرتشين دمروا عقولهم ودفعوا كثيرين منهم دفعا للمخدرات والالحاد والعنف والارهاب ، وهؤلاء الشباب هم الأمل الوحيد المتبقى لهذه الامة المنكوبة ،فهم ولا أحد غيرهم يستطيع التغيير لأنهم تفاعلوا واندمجوا مع وفى تقنيات العصر التى لايفهمها ولا يستوعبها هؤلاء الجاثمين على صدورهم ،وهؤلاء الشباب هم من حاولوا فى مصر وتونس والسودان ويحاولون فى العراق ولبنان والجزائر لأنهم مؤهلين لدخول العصر، أما هؤلاء الذين تجمدوا عند القرن السادس ووقفوا فى وجه عجلة الزمن فمصيرهم المحتوم قادم لامحالة .