امينة النقاش
من قال إن تجديد الخطاب الدينى رهن بموافقة الأزهر، أو هو مقصور عليه، إن شاء فعل، وإن لم يشأ عرقل وتهرب وزمجر وتنمر ولاحق دعاة التجديد بالهجوم والتشهير الذى ينطوى على التهديد والوعيد وبلاغات الحسبة والمحاكم والحبس والمنع من العمل والنفى الإدارى، كما جرى مع إبراهيم عيسى وإسلام بحيرى وسيد القمنى ومن قبلهم نصر حامد أبوزيد، والآن مع خالد منتصر؟
من قال بذلك هم هؤلاء الذين هاجموا الدكتورة «آمنة نصير» النائبة وأستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية فى الأزهر، حين استجابت لدعوة تجديد الخطاب الدينى، فقدمت مشروع قانون لمجلس النواب لحذف فقرة من مادة فى قانون العقوبات، أُدخلت عليه، مع تصاعد عمليات الإرهاب الطائفى، خاصة بازدراء الأديان، فلم تسلم من ألسنة من اتهمها بالعداء للإسلام، وبأن زواجها شيعى، وغير ذلك من الترهات التى برغم تفاهتها وضعفها تمكنت من النجاح فى وأد المشروع ومنعه من الظهور!
من قال بذلك هو أعلى مؤسسات الأزهر، وهى هيئة كبار العلماء التى يرأسها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، التى سبق أن تقدمت ببلاغ للنيابة العامة ضد الباحث الشاب فى الشأن الإسلامى «إسلام بحيرى» تتهمه بالكفر وتقوده إلى المحاكمة ليقضى عاماً فى السجن، بتهمة ازدراء الأديان، بعد أن كانت قد تقدمت لهيئة الاستثمار بطلب لوقف برنامجه التليفزيونى، وكان يقدم فيه اجتهادات فى تأويل النصوص الدينية، ويرد على خرافات أُقحمت على التراث الإسلامى لأسباب سياسية، كان يمكن الرد عليها باجتهادات بديلة، بدلا من السعى لإخراس صوته، ليخرج من السجن، فينقل برنامجه إلى فضائية أجنبية، وهو الأمر نفسه الذى فعله «إبراهيم عيسى» بعد أن ظلت تلاحقه من قناة إلى أخرى حملات التضييق والمنع والمصادرة !
من قال ويقول بذلك، هؤلاء الذين أضفوا على أنفسهم قداسة ومنحوا لها أدواراً لا يجيزها لهم قانون أو دستور، فدعوا لمصادرة الكتب والأفلام والأغانى، وقادوا الحملة للهجوم على رئيس جامعة تصدى لدعوات التطرف والطائفية فى العمل الجامعى، وخلعوا وزيرا من منصبه لاعتراضه على دور يرسمونه لأنفسهم يتعارض مع مدنية الدولة المصرية، فى الوقت الذين يرفضون فيه التصدى لاختراق جماعة الإخوان الإرهابية مؤسسات الأزهر !
من قال ويقول ذلك، هم هؤلاء الذين يصمتون عن الرد على فقهاء الإرهاب الذين يقتلون ويذبحون ويخربون ويدمرون وويسبون النساء، ويجبرون قاصرات على الزواج، ويهدمون التراث الإنسانى وينهبون ثروات الشعوب من القاعدة إلى داعش، ومن أجناد مصر إلى أكناف بيت المقدس وغيرهم من المنظمات الإرهابية التى تناسلت فى أنحاء الأمة من رحم جماعة الإخوان، وهم يزعمون الدفاع عن دين الله!
من قال إنك سيدى، هم هؤلاء الذين يقاومون بعنف أى مسعى لإصلاح نظم ومناهج التعليم فى مؤسسة الأزهر، بعد أن تبين لعلماء متخصصين فى الأديان عامة، والإسلاميات على وجه الخصوص، فى الشرق والغرب مسئوليتها عن شيوع ظواهر التطرف الدينى والإرهاب، ونشر الفتن الطائفية، ويعتبرون ذلك المسعى مساساً بشيوخ وعلماء الأزهر وبالدين الإسلامى نفسه!
إن تجديد الخطاب الدينى، هو مهمة كل الهيئات ومراكز البحوث المعنية بدراسة علوم الدين والبحث فى شئونه وشئون المنظمات الإرهابية التى تتخذ من النص الدينى مبرراً لإرهابها، وهى مهمة كل الأحزاب والوزارات ذات الشأن من التعليم إلى الثقافة، ومن الإعلام إلى كل وسائل الترفيه. فإذا شارك الأزهر بصفته الدستورية كمؤسسة دعوية وتعليمية، فى تلك المهمة التى باتت عاجلة دفاعاً عن الإسلام والمسلمين، فإن ذلك سوف يشكل لا جدال دفعاً لتلك المهمة، بما يملكه من مكانة فى وجدان وعقول الناس، فإذا تخلف عن ذلك فهذا شأنه، ولا يتعين التوقف عن تلك المهمة التى أضحت تحظى بخطوات متسارعة فى السعودية، فيما تتعرقل خطواتها فى مصر!
نقلا عن الوفد