كمال زاخر
[1]
من نحن؟
"نحن" هنا تشير إلى الوطن مصر ومكوناته، الطبيعية والبشرية، الحجر والبشر، التاريخ والقادم، وسطورى هى محاولة لفهم الحالة المصرية الآنية، بعيون قبطية، باقتراب من وضعيتهم على الأرض، اقتراب لا يتحول إلى بكائية، ولا ينتهى إلى اعادة تدوير مفاهيم صارت مستقرة عند كافة الأطراف، أطرح فى نهايته ما أراه مخارج ممكنة من تشابكات متراكمة إلى براح وطن يتسع للجميع يعود فيه الأقباط إلى موقع "المواطن"، كتفاً بكتف مع شركائهم فى الوطن.
:::::::::::::::::::::::::::::::::::
ـ أمن الوطن والدستور
لم يكن من قبيل مغازلة القوى الوطنية التى انفجر غضبها مع صبيحة 25 يناير 2011، تغيير اسم جهاز أمن الدولة إلى جهاز الأمن الوطنى، فأمن الوطن أشمل وأعمق، ويتضمن داخله أمن الدولة، ويتكامل دوره مع بقية أجهزة المعلومات، وفى مقدمتها جهاز المخابرات العامة، فمصر التاريخ والجغرافيا وطن ودولة محورية لها ثقلها ودورها الإقليمى والدولى عبر الزمن، الأمر الذى يجعلها محل استهداف واستقطاب من القوى الدولية، سواء فى التاريخ القديم أو الوسيط وحتى لحظتنا هذه.
وتعد مصر أول دولة فى اقليمها العربى والأفريقى بل والشرق أوسطى التى وضعت دستوراً مدنياً متقدماً فى تعريف الدولة والسلطات وأقرار الحقوق والحريات العامة للمواطن، والموازنة بينها وبين الواجبات، وقد وصل دستورها إلى إحدى ذراه فى اصداره 1923 ومازلنا نعتبره ايقونة الدساتير المصرية.
ولم يخرج دستور 2014 عن هذا السياق، إذ تؤكد ديباجته على "أن لكل مواطن الحق بالعيش على أرض هذا الوطن فى أمن وأمان، وأن لكل مواطن حقاً فى يومه وفى غده."
وتواصل الديباجة "نحن نؤمن بالديمقراطية طريقاً ومستقبلاً وأسلوب حياة، وبالتعددية السياسية، وبالتداول السلمى للسلطة، ونؤكد على حق الشعب فى صنع مستقبله، هو وحده مصدر السلطات، الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية حق لكل مواطن، ولنا ولأجيالنا القادمة السيادة فى وطن سيد."
وتؤكد الديباجة أننا "نبنى عالماً إنسانياً جديداً تسوده الحقيقة والعدل، وتصان فيه الحريات وحقوق الإنسان، ونحن المصريين نرى فى ثورتنا عودة لإسهامنا فى كتابة تاريخ جديد للإنسانية."
ويفرد دستور 14 بابه الثالث للحقوق والحريات والواجبات العامة؛ تتصدره نصوص غاية فى الأهمية :
مادة (51) : الكرامة حق لكل إنسان ، ولايجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها.
مادة (52) : التعذيب بجميع صوره وأشكاله، جريمة لا تسقط بالتقادم.
مادة (53) : المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الإجتماعى، أو الإنتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأى سبب آخر.
التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون.
تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء علي كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض.
مادة (54) : الحرية الشخصية حق طبيعى، وهى مصونة لا تُمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأى قيد إلا بأمر قضائى مسبب يستلزمه التحقيق.
ويجب أن يُبلغ فوراً كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، ويحاط بحقوقه كتابة، ويُمكٌن من الإتصال
بذويه وبمحاميه فورا، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته.
ولا يبدأ التحقيق معه إلا فى حضور محاميه، فإن لم يكن له محام، نُدب له محام، مع توفير المساعدة اللازمة لذوى الإعاقة، وفقاً للإجراءات المقررة فى القانون.
ولكل من تقيد حريته، ولغيره، حق التظلم أمام القضاء من ذلك الإجراء، والفصل فيه خلال أسبوع من ذلك الإجراء، وإلا وجب الإفراج عنه فوراً.
وينظم القانون أحكام الحبس الاحتياطى، ومدته، وأسبابه، وحالات استحقاق التعويض الذى تلتزم الدولة بأدائه عن الحبس الاحتياطى، أو عن تنفيذ عقوبة صدر حكم بات بإلغاء الحكم المنفذة بموجبه.
وفى جميع الأحوال لايجوز محاكمة المتهم فى الجرائم التى يجوز الحبس فيها إلا بحضور محام موكل أو مٌنتدب.
مادة (55) : كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا فى أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًا وصحياً، وتلتزم الدولة بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة. ومخالفة شىء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقا للقانون.
وللمتهم حق الصمت. وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شيء مما تقدم، أو التهديد بشيء منه، يهدر ولا يعول عليه.
ويحتشد الدستور بنصوص ترسم حدود حقوق المواطن ووجباته، بما يكفل قيام مجتمع سوى آمن.
والنصوص الدستورية هى نصوص حاكمة، لا يملك المشرع مخالفتها أو القفز عليها، وهى ضمانة أقرها الفقه الدستورى حتى لا يتغول أحد على الدستور، وتنضبط العلاقات داخل المجتمع.
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
التالى :
[2] أزمة تديين الفضاء العام