بقلم: ممدوح عزمي
عزيزي الغائب ...الحاضر (شهيد ثورة الخامس والعشرين من يناير)
مر عاماً سريعاً منذ أن أخذت على عاتقك إعلان حالة الاشمئزاز من النظام البائد الفاسد الذي ظل يحكم البلد قرابة ثلاثون عاماً أفضلهم مراً. حقاً أيها الشهيد لقد فعلت ما عجز الكثيرين عن فعله. لقد انطلق صوتك مندداً بمجريات الأمور في هذا البلد بكل جراه وكل شجاعة وإقدام رغم حداثتك.
كان جل طلباتك تنحصر في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. لقد شعرت بمن هم تحت خط الفقر الذين يشتهون رغيف العيش ولا يجدونه نتيجة تردى الأحوال الاقتصادية وعدم اللجوء لمبادئ العدالة في التوزيع.
لقد مر بخلدك عزيزي الشهيد تساؤلات عده قبل نزولك إلى الميدان عن معنى الحرية،وهل هذه الحرية نعيشها أم أنها كانت سراباً بل وهما نعيش فيه دون أن نحياه. لقد رأيت بعيني راسك كم من الحقوق والحريات تنتهك ، لقد رأيت دماء خالد سعيد تروى ارض الإسكندرية ومن بعده شهداء كنيسة القديسين هذا الحادث المفتعل لدق إسفين للإيقاع بين عنصري ألامه حتى يتسنى للنظام البائد مد العمل بقانون الطوارئ.ٍ. إلى غير ذلك من العديد والعديد من الأحداث التي تنتهك الحريات و تهدر الحقوق .
نعم لقد آخذت من هذه الحوادث قوة دافعة لتخرج صارخاً في وجه الظلم والاستبداد .وارتفعت صرخاتك مطالبا بإسقاط النظام . أقلام كثيرة وكبيرة المقام قصفها النظام البائد لم تستطع طلب ما أنت طالبت به ، بل سالت دمائك من اجل أن تحققه هذا الذي كلفك حياتك.
حقيقة قد ضحيت بنفسك و قدمت حياتك ثمناً زهيدا لإسقاط النظام وقد أسقطته لكن ما قدمته ليس ثمنً زهيدا بل ثمناً غالى قد حملت به كاهل كل مصري حر أن يحافظ على ما قد أنجزته من إسقاط للنظام.
وبإسقاط النظام أسقطت جميع آلياته ونعنى بآلياته الحكومة المتمثلة في مجلس الوزراء والمحافظين و يستتبع ذلك سقوط وزير الدفاع فكيف يترأس المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد وهو محسوباًَ على النظام البائد. ولكن ليس هذا بيت القصيد عزيزي الشهيد.
إن ما يدور بخلدي عزيزي الشهيد تساؤلاً هاماً بعد أن واريناك الثرى بعام كامل. هل سرنا على دربك؟ هل أكملنا رسالتك ؟ هل استعادت مصر مهابتها و مكانتها بين الأمم والشعوب؟ هل حقا توصلنا إلى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية؟
كان يتحتم علينا بعد مرور عام على رحيلك أن نحتفي بك مهنئين روحك الطاهرة على إتمام الانجازات التي طالما طالبت بها حتى قدمت روحك فداء لها ولكن يعجز اللسان عن الاحتفال بك بعد أن غطت أراضى مصر دماء كثيرة تابعت خطواتك في المسير . شهداء ماسبيرو و محمد محمود و مجلس الوزراء إلى أن وصلنا إلى الطامة الكبرى بضع و سبعون شهيدا في ساعة واحده بمباراة كرة قدم.عجباً عزيزي الشهيد منذ أن فارقتنا وفارقنا الأمان وأصبحنا عرضه للانفلات الأمني المتعمد.
أخيراً اخشي ما أخشاه أن تكون نادماً الآن على اهراق دمك الذكي. أخشى أن تكون مشاعرك الآن ولسان حالك يقول لقد ضحيت بحياتي فداكم وأعطيتكم عهدا بدمى ولكنكم لم تصونا هذا العهد ولم تكملوا مسيرتي.