الأقباط متحدون | الحقيقة ضائعة بين البشر
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٢:٤٩ | السبت ١١ فبراير ٢٠١٢ | ٣ أمشير ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٦٧ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الحقيقة ضائعة بين البشر

السبت ١١ فبراير ٢٠١٢ - ٢١: ٠٦ م +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: فايز فرح

 منذ وجد الإنسان على الأرض مع أول الزمان وهو يبحث عن الحقيقة حقيقة الحياة وحقيقة كل شىء.

ويعيش الإنسان ويموت وهو مازال يبحث عن الحقيقة دون ان يصل إليها وقد كان الفيلسوف اليونانى (أرسطو) على حق عندما قال :
(من الصعب على الإنسان أن يمتلك الحقيقة الكاملة ..) .
 
هذه حكمة الخالق العظيم ألايمتلك الإنسان الحقيقة كاملة لكن بجهده وفكره وإعمال عقله يمكن له أن يمتلك جزءًا من الحقيقة
من هنا تستطيع الجماعة الوصول إلى جزء كبير من الحقيقة الكاملة بالتفكير المستمر الموضوعى الجماعى هذه حقيقة تفرض نفسها علينا فى حياتنا.
المشكلة الحقيقية أن غرور الإنسان يصور له دائماً انه إقترب من الحقيقة وأن رأيه هو الحقيقة وأن رأى غيره بعيداً عن الحقيقة وأقرب إلى الخطأ.
والإنسان السوى العاقل يعرف أن رأيه يحتمل أن يقترب من الحقيقة وأن رأى الآخر يمكن أن يقترب أيضاً من الحقيقة ومن هنا قال الإمام الشافعى : 
رأيٌى صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب.
 
هناك قصة طريفة فى هذا المجال بين الفيلسوفين الفرنسيين : فولتير ..وجان جاك روسو اللذين عاشا فى القرن الثامن عشر معاً ألف روسو كتابه : (العقد الإجتماعى) وأهداه إلى زميله : فولتير وبعد أن قرأه الأخير قابل روسو وقال له : 
 
أنا أختلف معك فى كل كلمة كتبتها فى كتابك ومع ذلك فأنا أدافع عن حريتك حتى الموت لكى تقول رأيك بصراحة وحرية..
هذه هى الحرية الحقيقية وإحترام الرأى والرأى الأخر مهما إختلف مع رأيك وتناقض معه وهكذا يتصرف العظماء.
فى البرلمان الفرنسى شعر أحد الأعضاء برغبة فى الكسل والتثاؤب وفعلاً أفرد ذراعيه حتى يجدد نشاطه ويتخلص من حالة الكسل هذه
وحدث مصادفة أن لمست ذراعه أنف العضو الذى يجلس بجانبه فنظر له شذراً وقال : قف عن الإساءة لى فرد المتثائب....
إننى حر فيما أفعل وأتحرك فقال له جاره : أنت حر فعلاً وذراعك حر ولكن حرية ذراعك تنتهى عندما تبدأ حرية أنفى.
هكذا أنت حر مالم تضر وحريتك تنتهى عندما تبدأ حرية الآخرين لأننا كلنا أحرار ولابد ان نحافظ على حرية بعضنا.
أما الفيلسوف الإنجليزى (جون ستيوارت مل) فله قول فى الحرية عرضه فى كتابه الجميل المهم تحت عنوان : عن الحرية صدر 1859
فى الفصل الثانى يتحدث عن حرية الفكر والرأى والمناقشة فيقول :
 
لايجب على أى حكومة أن تخرس فرداً واحداً عن إبداء رأيه فلو إجتمع الناس كلها على رأى معين وخالفهم فيه واحد ماجاز إخراسه 
فليس الإجماع دليلاً على الصواب وليست القلة دليلاً على الخطأ وحرمان الفرد من إبداء رأيه مضرة للناس وحرمان للإنسانية من دواعى الرقى والتقدم فإذا كان الرأى صواباً فقد حرم المجتمع من فرصة التغيير وإذا كان خطأ فقد حرم من فرصة المقارنة التى تؤكد ماهو عليه
من حق وكلما تعدى الإنسان بفكره عالمه الضيق الى عالم ارحب كان هذا دليلاً على رحابة أفقه وتحرر تفكيره وبعد نظره.. فالحق يوجب أن نستمع إلى كل رأى مخالف مهما بلغ إجماع الناس على مخالفته .
 
ويضرب لنا الفيلسوف (جون ستيوارت مل) مثلاً على إجماع الراى الخاطىء فيروى كيف خطَأ المجتمع فى أثينا عاصمة الفكراليونانى القديم /: أبا الفلسفة (سقراط) وإتهمه بإفساد عقول الشباب ودفع الحكومة على محاكمته وإعدامه بإحتساء كأس السم وهو أجدر أهل جيله بالتقدير والإكبار ومثل آخر يذكره (مل) وهو : 
كيف واجه شهداء المسيحية من الإنكار والتعذيب ما يحملنا على السخط على معذبيهم وإتهامهم بكل نقيصة بل إن القديس بولس نفسه كان أحد أولئك الراجمين والمعذبين. فكم قهر الباطل الحق وقضى عليه فان لم يقضى عليه تماماً فقد عاق ظهوره وعطل إنتشاره .
 
ويذكر لنا التاريخ أن الدول التى آمنت بالحرية وبخاصة حرية التعبير عن الرأى والرأى الآخر هى الدول التى تقدمت ووصلت الى اعلى درجات الحضارة والتكنولوجيا والتى تتمتع شعوبها بكل انواع الحاجات الإنسانية بل والرفاهية الزائدة لذلك فما أحوجنا فى مصر والدول النامية إلى الإهتمام بتحقيق حرية كل إنسان والإستماع ألى رأيه مهما كان متواضعاً ومقارنة الآراء ببعضها وتطبيق الأفضل والأفيدللشعوب حتى تتم الفائدة وهذه المهمة ليست سهلة بالنسبة لنا فقد تعودنا على كبت ارائنا وعدم القدرة على التعبير عنها أو الخجل أو الخوف وهذه مشاكل بل مصائب لابد ان نتخلص منها وإذا كنا جادين فى بناء مجتمعنا المصرى بعد الثورة المجيدة على الحرية والعدالة الإجتماعية فإن الخطوة الأولى المهمة والضرورية تشجيع الشباب والأطفال على التعبير عن أرائهم وتقبل رأى الآخرين مهما كان الرأى متواضعاً وبسيطاً لأن هذا يقدم للمجتمع أطفالاً وشباباً بل وشيوخاً فى المستقبل قادرين على التعبير بحرية ولديهم الشجاعة على التغيير للأفضل أصحاء نفسياً لأنهم يعبرون عما تختلج بها نفوسهم  وهذا هو المجتمع المتقدم الحر الذى نريده.
 
وكاتب هذه السطور يتمنى أيضاً ان يتعلم تلاميذ المدارس الإبتدائية شيئاً بسيطاً عن الفلسفة لأنها تحقق إحترام الرأى والرأى الآخر وتفثق الذهن وتعرف الجميع ان الحقيقة لايمتلكها انسان واحد فقط وأن رأيين أفضل من رأى واحد وثلاثة آراء أفضل من رأيين.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :