ماهر عزيز بدروس
    لا يدرك الكثيرون – بل ربما الأغلبية الغالبة – مدى الامتياز البيئى الذى بلغته التكنولوجيا النظيفة لمحطات الفحم الكهربائية فى العالم اليوم بصفة عامة، والامتياز الذى تتفوق به التكنولوجيا النظيفة لأول محطتين لتوليد الكهرباء بالفحم، التى تعتزم مصر احتيازها وتشييدها فى الموقعين المرشحين للمحطتين بكل من عيون موسى والحمراوين على وجه الخصوص.

    بدأ استخدام الفحم فى الصناعة فى العالم عام 1850 دون حماية بيئية، ولكن حماية البيئة تقدمت فى استخدامات الفحم على مدى أكثر من 165 عاماً تقدماً مذهلاً، حتى ليطلق عليه اليوم "الفحم النظيف"، والذين يهاجمون الفحم توقفوا عند 165 عاماً مضت فى إدراكهم للفحم، وأقوى دليل على ذلك أن اليابان وألمانيا اللتان تعتبران أكثر الدول حفاظاً على البيئة، يزدهر فيهما استخدام الفحم وتشيدان حالياً عدة محطات كهرباء تستخدم الفحم كوقود، وتستخدمانه فى الصناعة بكثافة دون أى خطر على الصحة والبيئة نظراً لتطبيقهما معايير بيئية متشددة تماماً كالوضع فى مصر الآن .

    إن أكبر أمل لجميع المهتمين بالفحم الآن هو التكنولوجيا النظيفة التى تسود العالم اليوم، واستخدامها بنظافة بيئية مذهلة.. كما تعتزم مصر حالياً.

    والحق إنه يتعين النظر لوقود الفحم واستخدامه فى مزيج التوليد الكهربى المصرى فى الاستراتيجية الموضوعة للفترة المقبلة حتى عام 2035 بوصفه أعلى تقدم تكنولوجى فى التوليد الكهربى بالطاقة الأحفورية فى عالم اليوم، الذى بلغ درجة مذهلة من التحسينات البيئية المرتبطة بما ينتشر حالياً من تكنولوجيا الاستخدام النظيف للفحم فى أكثر من 70 دولة، بإعلان حاسم للانتصار على مخاطر تراجعت نهائياً فى غياهب التاريخ.

    الامتياز البيئى لمحطات الكهرباء بوقود الفحم
    ينتج عن توليد الكهرباء بوقود الفحم (وأى وقود أحفورى آخر كالنفط والغاز) ثلاثة أنواع رئيسية من الابتعاثات التى يجب التحكم فيها، وهى: المواد الجزيئية، وأكاسيد الكبريت، وأكاسيد النيتروجين. ولقد استقطبت المواد الجزيئية الاهتمام فى البداية بسبب سهولة رؤيتها، والأثر المباشر السيئ لها على المواطنين، أما الاهتمام بأكاسيد الكبريت فلقد نشأ عن تأثيراتها المحتملة على الصحة، والآثار الضارة الكامنة فيها على الحياة النباتية. كذلك تصاعد الاهتمام بأكاسيد النيتروجين بسبب مساهمتها فى التفاعلات الكيميائية المركبة، التى تؤدى إلى تكون الضباب الدخانى (ضبخان) الكيميائى- الضوئى فى الجو. وهذه الابتعاثات الضارة بالبيئة والصحة الإنسانية نالت اهتماماً كبيراً من صناع التكنولوجيا حتى صارت أجهزة التحكم البيئى فيها متقدمة لدرجة كبيرة تفوق التصور.

    ففيما يتعلق بالابتعاثات الجزيئية (الجزيئات الكلية العالقة) يرتبط التحكم فيها بطرق إزالة الجزيئات (الجسيمات) التى تنتشر فى الجو مع تدفقات الغازات العادمة من محطات القوى الكهربية.

    و تشمل أهم هذه الطرق المجمع الميكانيكى السيكلونى (أو الفاصل السيكلونى) والمرسبات الالكتروستاتيكية ومجمعات التراب النسيجية (أو الفلتر النسيجى)، التى بلغت كفاءة استخلاص الأتربة والجزيئات بواسطتها من الغازات العادمة الخارجة من مداخن محطات الكهرباء إلى ما يزيد على 99.6%.

    ويمكن التحكم فى أكاسيد الكبريت (SOx) المبتعثة مع الغازات العادمة خلال واحدة أو تجمع معين من الوسائل التالية:
    - استخدام وقود ذى محتوى منخفض من الكبريت.
    - استخدام طرق نزع الكبريت من الوقود.
    - استخدام منظومات نزع الكبريت من الغازات العادمة.

    وقد بدأ استخدام منظومات نزع الكبريت من الغازات العادمة فى إنجلترا عام 1935، وظلت تكنولوجيتها على ما هى عليه حتى الستينيات من القرن الماضى حين تطورت تطوراً كبيراً على أيدى كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، حيث صارت توجد أكثر من 50 عملية لنزع الكبريت من الغازات العادمة تختلف فيما بينها فى المُفَاعِل الكيمائى chemical reagent والمنتج النهائى الناتج، وتصل كفاءتها فى نزع أكاسيد الكبريت من الغاز العادم إلى أكثر من 90%.

    وجدير بالذكر أنه لمقابلة أكثر معايير حماية البيئة من التلوث تشدداً بدرجة عالية من الكفاءة، تتاح حالياً مرادفات متعددة لتركيبات متكاملة من مرسبات الجزيئات العالقة وغاسلات الغازات، بحيث يمكن الاختيار من بينها لتحقيق جودة عالية للهواء المحيط.

    أما بالنسبة للتخلص من مخلفات منظومة الغاسل فعديد من نواتج التفاعل يجد له رواجاً فى السوق التجارية، بينما بعضها الآخر عبارة عن نواتج ليست لها قيمة إلا فى مجال ردم الأرض، ولذا فعند اختيار عملية إزالة الكبريت يكون من الضرورى أن يؤخذ فى الاعتبار أسواق المبيعات المحلية، والتنظيمات المطبقة الخاصة بالتخلص من المخلفات والنفايات (المعايير البيئية)، والأرض المتاحة لصرف المخلفات (وهى يمكن أن يستفاد بها فى تحصين الشواطئ المتآكلة من طغيان مياه البحر المتوسط على الشواطئ الشمالية لمصر).

    وفيما يتعلق بأكاسيد النيتروجين تتسم المعايير الموضوعة لحماية الهواء من التلوث بأكاسيد النيتروجين (NOx) بالتشدد والصرامة، ربما أكثر من بقية الملوثات الأخرى، ولذا فلقد أُدْخِلَت -ولاتزال- التعديلات على تصميمات المراجل للتقليل من تكون أكاسيد النيتروجين من خلال:
     التحكم فى درجة حرارة اللهب،
     والنسبة المخفضة للهواء الزائد،
     والاحتراق على مراحل،
     واستخدام هواء الحرق الزائد،
     والحرق المُماسى (الجانبى)،
     وإعادة تدوير الغاز العادم على مراحل الحريق.

    ورغم أن هذه المنظومات لها فعاليتها فى التقليل من أكاسيد النيتروجين المتكونة، وتعتبر كافية
    بحد ذاتها وملائمة فى عديد من البلدان، فقد بذلت جهود أخرى للتقليل أكثر من ابتعاثات أكاسيد النيتروجين داخل الحدود المسموح بها، وهى إجراءات تحتاج عادة أحد أشكال المعالجة للغازات الخارجة من المرجل، ويوجد العديد من منظوماتها بصفة خاصة فى اليابان، حيث تُسْتَخدم كل من النظم الجافة والرطبة على التدفقات الغازية من كل من الوحدات المدارة بالبترول والغاز الطبيعى، التى طبقت بعد ذلك على الوحدات التى تدار بالفحم.

    وبصفة عامة فإنه يمكن التنويه بأن الطرق الرئيسية للتقليل الجاف من أكاسيد النيتروجين
    تتضمن ما يلى:

    - التحلل بالحفز
    - التقليل الانتقائى بالحفز
    - التقليل الانتقائى بغير الحفز
    - الامتصاص

    كذلك فهنالك عمليات عديدة للتخلص من أكاسيد النيتروجين نهائياً تم تطويرها واختبارها فى محطات ريادية، أو بمراحل التطبيق التجارى، لعل من أهمها حالياً ما يسمى بعملية إكسون الحرارية لنزع أكاسيد النيتروجين، وعملية هيتاشى، وعملية ميتسوبيشى للتقليل الانتقائى بالحفز الجاف للصناعات الثقيلة.

    والواقع أن التحكم فى تلوث الهواء بجملته مسألة لا ترتبط فقط بكمية الملوثات، ولكنها ترتبط أيضاً بقدرة الجو على استيعاب الملوثات دون أية تأثيرات معاكسة. وتوفر دراسات النمذجة مساعدات قيمة للتنبؤ بمسارات التشتت لسحابة نواتج الاحتراق الخارجة من المدخنة، وبالتالى الاحتفاظ بتركيزات الجزيئات الكلية العالقة والنواتج الغازية عند مستويات أقل كثيراً من المستويات المحددة بواسطة معايير جودة الهواء.

    ولأجل تشتيت الابتعاثات الخارجة من مداخن المراجل، بنيت المداخن بارتفاعات تتراوح بين 800 و1200 قدم، ويمكن تعزيز هذا الطول وزيادته فى الواقع بسرعة تدفق عالية للغازات تتراوح بين 75 و100 قدم/ ثانية، إذ ينتج عن هذه العوامل، بالتضافر مع طفوية الغاز العادم الساخن، طول فعال للمدخنة حوالى مرتان ونصف الطول الفيزيقى للمدخنة.

    ولمعرفة كفاءة التخلص من هذه الملوثات الرئيسية الثلاثة يكفى أن نقول إن محطة الكهرباء قدرة
    600 ميجاوات (أى تشتمل على وحدتين فقط من الوحدات الأربع لمحطة كهرباء شبرا الخيمة)، التى تحرق الفحم كوقود ينتج عنها حوالى 21.5 ألف كيلوجرام فى الساعة من الجزيئات المتطايرة فى العادم بدون أجهزة التحكم فى التلوث، ولكن عند استخدام هذه الأجهزة تقتنص أكثر من 21.4 ألف كيلوجرام منها وتمنعها من الخروج إلى الهواء، وينتج عنها حوالى 2.5 ألف كيلوجرام فى الساعة من أكاسيد الكبريت تقل إلى حوالى 200 كيلوجرام/ساعة بعد استخدام أجهزة التحكم فى هذه الأكاسيد، كما ينتج عنها كذلك حوالى 2.2 ألف كيلوجرام فى الساعة من أكاسيد النيتروجين التى تنخفض إلى أقل من 150 كيلوجرام/ساعة بعد استخدام تكنولوجيا التخلص من هذه الأكاسيد.

    وفى محطة الكهرباء التى تحرق الفحم كوقود فى توريفا بإيطالية (قدرة 600 ميجاوات) بلغت انبعاثات أكاسيد الكبريت 100 ملليجرام للمتر المكعب، بينما القانون المصرى -والبنك الدولى كذلك-يؤكدان أن حدود حماية الصحة والبيئة تصل إلى 1300 ملليجرام للمتر المكعب، وبلغت ابتعاثات أكاسيد النيتروجين أيضاً 100 ملليجرام للمتر المكعب، بينما القانون المصرى والبنك الدولى يضعان الحد الأعلى لحماية الصحة والبيئة بحوالى 500 ملليجرام للمتر المكعب، وذلك مثال من ومحطة كهرباء تستخدم الفحم كوقود شغالة الآن وتنافس فى ابتعاثاتها أنظف محطة كهرباء مناظرة تستخدم الغاز الطبيعى.

    أما فيما يتعلق بابتعاثات غازات الاحتباس الحرارى (غازات الدفيئة)، فإن محطة الكهرباء العادية بوقود الفحم ذات كفاءة 30% تنتج حوالى 1000 جرام ثانى أكسيد كربون لكل كيلووات ساعة مولدة، ولكنها تنخفض إلى حوالى 800 جرام لكل كيلووات ساعة مولدة إذا ارتفعت الكفاءة إلى 38%، وتنخفض إلى حوالى 600 جرام لكل كيلووات ساعة مولدة (أى ما يقارب الغاز الطبيعى) عند رفع الكفاءة إلى 48 - 50%، وهى تكنولوجيا متوافرة حالياً فى السوق العالمية.

    المعالم الرئيسية للتحسينات البيئية بكهرباء الفحم فى عالم اليوم

    أحرز الجيل الأخير من المحطات الكهربية المدارة بوقود الفحم تحسينات جَمَّة على النحو التالى:

    • ارتفاع الكفاءة الكلية للمحطة من حدود لا تتجاوز 38% إلى حدود 48 - 50%، مما أحدث نقصاً دراماتيكياً فى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى (بصفة رئيسية CO2) لتقترب جداً إلى مستوياتها المنبعثة من التربينات الغازية المدارة بالغاز الطبيعى.

    • ارتفاع كفاءة تشغيل معدات اقتناص الغازات الملوثة للهواء والملوثات الدقيقة الصلبة إلى مستويات غير مسبوقة عالمياً، بحيث اقتربت الملوثات الغازية إلى حدود أقل من 100 ملليجرام/ متر3، أى إلى أفضل من مثيلتها فى الكثير من أنواع التربينات الغازية، وتضاءلت انبعاثات الجسيمات الدقيقة إلى أقل من 15 ملليجرام/ متر3.

    وقد بلغت التكنولوجيا الحالية الأحدث بالصين فى مجال محطات توليد القوى الكهربية المدارة بوقود الفحم، التى من المرجح أن تحتازها مصر، أعلى درجة من التقدم والحفاظ على البيئة بين كل تكنولوجيات محطات القوى الكهربية فى العالم، عبر العصور التكنولوجية المتتابعة، منذ الثورة الصناعية الأولى – ثورة البخار، وحتى الثورة الصناعية الرابعة – ثورة المعلوماتية.

    ويبدو هذا الامتياز البيئى فى الخصائص التشغيلية التى تمت معاينتها فى الواقع بأحدث محطات قوى كهربية تدار بالفحم فى الصين الآن. وتتركز أهم خصائص هذا الامتياز البيئى فى المعالم التالية:

    1. مناولة الفحم من البواخر الناقلة بالبحر إلى مستودع الفحم بمنصة الاستقبال بالمحطة مغطاة تماماً من خلال أنبوب مغلق ينقل الفحم من مستودع الباخرة إلى مستودع منصة الاستقبال.

    2. مناولة الفحم من منصة الاستقبال إلى هناجر التخزين المؤقت بالمحطة تتم بسيور ناقلة داخل أنابيب مغلقة تماماً لا تخرج منها ذرة فحم واحدة.
    3. هناجر التخزين المؤقت للاستخدام اليومى للمحطة مغطاة تماماً من كل جانب، ونقل الفحم إلى الطواحين والغلايات داخل المحطة بسيور مغطاة تماماً داخل أنابيب مغلقة.

    4. عمليات التخلص من المخلفات الصلبة، كالرماد المقتنص فى أجهزة اقتناص التراب، إلى مواقع التخزين المؤقت، ثم التخلص النهائى تتم بطرق النقل النظيف المغطاة بكاملها أو داخل أنابيب مغلقة تماماً.

    5. المحطة مزودة بأجهزة استخلاص الملوثات واقتناصها من الغازات العادمة قبل خروجها للهواء:
    • المرسبات الإلكتروستاتيكية، أو المرشحات النسيجية، لاستخلاص التراب بكفاءة 99.9999%.
    • كواشط أو غاسلات الكبريت لاستخلاص ثانى أكسيد الكبريت بكفاءة 99.00%.
    • نازعات أكاسيد النيتروجين بكفاءة 99.00%.

    التفوق البيئى للتكنولوجيا الكهربية بالفحم التى تحتازها مصر
    تخضع محطتا الكهرباء بالفحم المعتزم تشييدهما فى كل من عيون موسى والحمراوين للمعايير البيئية خضوعاً مدهشاً.. وليس المعايير البيئية الوطنية فقط، بل المعايير البيئية الدولية المتشددة كمعايير مؤسسة التمويل الدولية / البنك الدولى على نحو فائق من الالتزام التكنولوجى.

    فحيث يعتبر ثانى أكسيد الكبريت (SO2) من أخطر الملوثات التى تنطلق إلى الهواء المحيط من محطات التوليد الكهربى، لا ينبعث من أى من المحطتين ما يزيد على 96 ملليجرام للمتر المكعب فى عادم المداخن، أى بما لا يتجاوز 11.2% من معيار البنك الدولى ومصر لثانى أكسيد الكبريت.

    والملوث الثانى الخطر الذى ينبعث تقليدياً من محطات التوليد الكهربى هو ثانى أكسيد النيتروجين (NO2)، وهو ينبعث من أى من المحطتين بتركيز لا يزيد على 58% من معيار البنك الدولى ومصر لثانى أكسيد النيتروجين.

    أما الملوث الثالث الأشهر إطلاقاً الذى ينبعث تقليدياً مصاحباً لتوليد القوى الكهربية فهو الجسيمات الصلبة الدقيقة العالقة فى الجو (PM10) التى تؤثر تأثيرات سلبية على جودة الهواء والجهاز التنفسى لدى الإنسان، فلا يزيد تركيزه فى غازات عادم المداخن لكل من المحطتين على 44% مما يسمح به معيار البنك الدولى ومصر لانبعاثات الجسيمات الدقيقة.

    ومعروف أن معايير البنك الدولى – التى حذت مصر حذوها – من أشد المعايير تحفظاً لحماية البيئة فى العالم اليوم.

    وتتفوق هذه التكنولوجيا لمحطات الكهرباء الموقدة بالفحم التى تعتزم مصر احتيازها فى كل من موقعى عيون موسى والحمراوين على العديد من محطات تكنولوجيا الدورة المركبة العاملة حالياً بمصر، التى تدار بالوقود الغازى المعروف عالمياً بأنه أنظف وقود أحفورى متاح، كما تتفوق كذلك على تكنولوجيا محطات التوليد البخارية التى تدار سواء بالغاز الطبيعى أو المازوت، بمشارطات نسب الملوثات الثلاثة الصادرة عن مداخن العادم، حيث تزيد فى معظمها على النسب المذكورة أعلاه لانبعاثات هذه الملوثات.

    وينعكس انخفاض الانبعاثات الصادرة من المداخن على تركيزات هذه الانبعاثات فى الجو بعد تشتتها من المداخن إلى الوسط المحيط، حيث تتبدد رويداً رويداً فى الفضاء العريض ولا يصل منها للبيئة المحيطة بالمحطة سوى تركيزات منخفضة جداً إلى أقل كثيراً مما تسمح به معايير البنك الدولى والمعايير الوطنية.

    وعلى سبيل المثال، أثبتت دراسات نمذجة تلوث الهواء لتكنولوجيا محطة توليد الكهرباء بالفحم المزمع أن تحتازها مصر لموقع عيون موسى أن تركيزات ثانى أكسيد الكبريت فى الوسط المحيط لن تتجاوز 73.6% مما تسمح به المعايير البيئية المتشددة لمتوسط زمنى ساعة واحدة، ولن تتجاوز 39.3% لمتوسط زمنى 24 ساعة، ولن تتجاوز 24.1% لمتوسط زمنى على مدار السنة.

    كذلك لن تتجاوز تركيزات ثانى أكسيد النيتروجين فى الوسط المحيط لمتوسط زمنى ساعة واحدة 47.2%، ولن تتجاوز لمتوسط زمنى 24 ساعة 41.8%، ولن تتجاوز لمتوسط زمنى على مدارالسنة 44.9% مما تسمح به المعايير البيئية المتشددة للبنك الدولى ومصر.

    أما تركيزات الجسيمات الدقيقة العالقة فلن تتجاوز تركيزاتها للمتوسطات الزمنية اليومية والسنوية نسبة 8.53% و5.14% على الترتيب.

    ويتكرر ذلك التفوق البيئى عينه بالنسبة لتكنولوجيا القوى الكهربية بالفحم التى تعتزم مصر احتيازها بموقع الحمراوين.

    وفى هذه التأثيرات جميعها على الوسط المحيط تتفوق تكنولوجيا محطات الفحم تفوقاً ظاهراً على مثيلاتها من المحطات العاملة الآن فى نظم القوى الكهربية ذات التكنولوجيا القائمة على استخدام النفط والغاز.

    وتأتى الأرقام معبرة عن الامتياز البيئى لتكنولوجيا محطات الكهرباء بالفحم التى تعتزم مصر احتيازها حائط صد منيع أمام كل الترهات التى ما فتئت تفتئت على الفحم فى تكنولوجيا التوليد الكهربى.

    إن موضوع الفحم واستخدامه فى مصر الآن هو فى جوهره موضوع التقدم التكنولوجى والبيئى الهائل الذى بلغه الاستخدام النظيف للفحم فى أكثر من 70 دولة تستخدمه حالياً فى العالم دون تهويل لمخاطر صارت الآن فى غياهب التاريخ، ولايجوز الحديث عن التكنولوجيا وارتباطها بتقدم الاقتصاد الوطنى كمن يتحدث عن ممارسات انتهى عصرها منذ أكثر من 165 سنة خلت.

    فأسطورة الفحم الملوث قد انتهت اليوم من العالم بعدما تقدمت نظم التحكم فى التلوث منذ الثورة الصناعية الأولى قبل أكثر من 165 سنة مضت تقدماً مذهلاً على مر السنين جعل التكنولوجيا النظيفة المستخدمة للفحم الآن تسمى " بالتكنولوجيا ذات الانبعاثات الصفرية أو التى تقترب من الصفر " ، وتستخدمها حالياً 75 دولة فى العالم من بينها جميع الدول الكبرى المتقدمة . وها هما ألمانيا واليابان – على سبيل المثال –تستخدمان الفحم بكثافة منذ عشرات السنين الماضية بينما هما معاً أكبر دولتين من حيث حماية البيئة ونظافتها فى العالم.

    وبينما يقبع معارضو الفحم فى كهف الثورة الصناعية الأولى ظانين أنه الفحم الذى تستخدمه البشرية الآن بعد مضى أكثر من 165 عاما .. تهاوت هذه الأسطورة تماماً وتجاوزتها البشرية إلى غير رجعة. والآثار الكارثية التى يتشدقون بها فى معارضتهم قد قضت عليها تكنولوجيا الفحم النظيف، وجميع تحذيرات واعترضات الزاعمين تخصصهم فى قضايا الطاقة والبيئة أو السياحة تنصب على فحم الثورة الصناعية الاولى، كأنهم لم يخرجوا بعد من كهف التاريخ، بينما الكارثة الحقيقية تكمن فى عدم استخدام الفحم للخروج من مأزق نضوب الطاقة البترولية والغاز.