مريم عادل تكتب.. المصريون القدماء عرفوا الأحذية المفتوحة والمغلقة أيضاً. قبل العالم كله ✋
يظل واقع الحياة اليومية للفراعنة غير مفهوم تماماً، بسبب التركيز على المعابد والمقابر، كما أن الكثير من متعلقات الحياة اليومية تعرض في المتاحف من دون أي مصادر، وهذا ما يجعلها أقل عرضة للتحليل. لكن معرفة كيف تعامل المصريون مثلاً مع الأحذية كجزء من حياتهم وكجزء للتعبير عن هويتهم هو أمر لافت. فمدى جودة صناعة الأحذية عند الفراعنة يدل على اختلاف الطبقة الاجتماعية، حتى أن الصنادل كانت تعد من أعطيات الفرعون لرجال المعبد في عصر الدولة الحديثة، وحتى الآن ليس معروفاً تماماً ما الذي يجعل للصندل هذه القيمة الرمزية!
الصندل هو الأقدم والأكثر شيوعاً في تاريخ الأحذية، إلا أن العثور على صنادل فى المقابر من عصور ما قبل الأسرات (5500-2687 ق.م.) نادر جداً. ويعتقد فيلدميير في كتابه "الأحذية في مصر القديمة"، الذي يرصد فيه عملية فحص 32 قطعة حذاء أثرية، ليقيس مدى تطور شكل وصناعة الأحذية، أن انتعال هذه الصنادل كان مقتصراً على الطبقة العليا من المجتمع، ويمكن الاستدلال على ذلك من لوحة نارمر من 3000 عام ق.م، يظهر فيها الملك الفرعون نارمر أو كما نعرفه (مينا موحد القطرين) حافياً ممسكاً برأس أسير، وفي الخلفية أحد الخدم يحمل للفرعون الصندل الخاص به. كانت الألياف النباتية مثل سعف النخيل والحلفا وأوراق البردى، هي مواد الإنتاج الأساسية للصنادل في تلك الفترة.
الفرعون نارمر حافياً ممسكاً برأس أسير، وفي الخلفية خادم يحمل للفرعون الصندل الخاص به
وعلى الرغم من القيمة الخاصة للصندل عند الفراعنة، فإن الأحذية في مصر القديمة تنوعت بين بسيطة غير مزينة ومفتوحة وبين أحذية أنيقة ومغلقة، ولم يكن هناك اختلاف بين الأحذية عند النساء والرجال سوى المقاسات، حتى أن الأطفال كانوا ينتعلون صنادل مصغرة عن الصورة الأصلية، فلم يعرف التاريخ الأحذية المصنوعة خصيصاً للأطفال إلا في القرن العشرين.
بدأت ثقافة الأحذية تتغير في مصر في مطلع عصور الدولة الوسطى، فمع زيادة التواصل الخارجي واحتلال مصر من الهكسوس، درج استخدام العربات الحربية، وظهرت الأحذية التي تغطي جانبي القدم، وتنوعت طرق تزيينها من الخرز والرسوم النباتية إلى استخدام الذهب والأحجار الكريمة.
يقول فيلدميير إن معظم قاعدة البيانات الموجودة لمشروع الأحذية في مصر القديمة تعود إلى وقت الدولة الحديثة (1564-656 ق.م)، وذلك لازدياد أعداد الناس التي تنتعل أحذية، حتى أن توت عنخ آمون دفن معه 80 حذاءً وصندلاً. وتعتبر الأحذية الملكية المفتوحة للملك الصغير خاصة جداً، فبغض النظر عن الذهب، إن الأقفال التي كانت فيها، لم تكن في أي أحذية مصرية قديمة أخرى، وقد اقترح البعض أن يكون لها علاقة باحتمال أن قدم الملك كانت مشوهة، غير أنه لا يمكن إثبات هذا بسبب نقص وجود أي مواد مقارنة.
الأحذية لسحق الأعداء
تعطينا مقبرة توت عنخ آمون نظرة فريدة على الأحذية الملكية، فهناك زوج من الصنادل لا يترك أي شك حول القيمة الرمزية التي كانت تتمتع بها الأحذية، وهو مصنوع من الخشب، وتم تزيينه بالزخارف المصنوعة من اللحاء والجلد، وأوراق الذهب.
صندل توت عنخ آمون
ويمكن مشاهدة أسير نوبي وأسير آسيوي إلى جانب الأقواس التسع، التي تمثل أعداء مصر التقليديين في ذلك الوقت، وهذا ما يظهر رمزية مبكرة لسحق المصريين أعداءهم بالأحذية.