بقلم: ماجد سمير
منذ ما يزيد عن نصف قرن بقليل وصالون الصيفي للحلاقة بمثابة مركز تجمع سكان شارع "الأخشيد" بمنيل الروضة، يتحدثون في شيء، يدير الحديث دائمًا "عدلي الصيفي" صاحب الصالون وحظت قمة عدم الانحياز الأخيرة باهتمام رواد الصالون الذي يعتبره البعض صالون ثقافي ولكن على "الزيرو" نظرًا للآراء التي قد تبدو بعيدة جدًا عن الحقيقة.
وأفتتح الحديث "فتحي مقص" وهو يحلق لجودة تاجر الفاكهة بسوق المماليك -السوق الرئيسية لمنطقة المنيل- فقال جودة سائلاً عم عدلي: إيه قمة عدم الانحياز دي؟ فأجاب الصيفي: والله ما أنا عارف إيه اللي الفكر العالم دي ببعض بعد السنين دي كلها، فتدخل جودة: دي حكاية قديمة بقى يا عم عدلي؟ رد عدلي بعد أن وقف خلف الكرسي الجالس عليه جودة: أيوة دي من أيام عبد الناصر كان هو وتيتو، قاطعه "مقص" وهو يقتلع كمية كبيرة من شعر جودة بالماكينة: أيوة تيتو الفيلم اللي مثله أحمد السقا، ضحك "الصيفي" قائلاً أحمد السقا مين دة تلقاه ماكنش أتولد ساعتها دة الكلام دة تقريبًا سنة 1955وتيتو دة كان رئيس يوجوعلافيا ومعاهم نهرو بتاع الهند.
في نفس اللحظة صرخ جودة في "مقص" قائلاً: بالراحة وأنت بتظبط بالموس بيقولك نهرو بتاع الهند مش "نهرو قفايا" ونظر "للصيفي" وقال: وبعدين في الأسطى مقص دة ما تغيره يا عم عدلي وهات بداله "قصافة"، ضحكوا جميعًا بصوت عالي وأكمل "الصيفي" حديثه قائلاً: الناس دي كانت بتحاول يكون لها دور على المستوى العالمي وكانوا بيستغلوا إن فيه حرب بادرة، ضحك "جودة" وقال: باردة .... هاهاها أكيد الموضوع كان فيه حلاقين.
وصمت وقال للصيفي: لا مواخدة يا عم عدلي الأفية حكمت، خبط "مقص" جودة على رأسه من الخلف بظهر فرشة الشعر وفي نفس الوقت زغر "الصيفي" له وأكمل حديثه متجاهلاً ما قاله: يا بني كان فيه لحد أول التسعينيات صراع بين أمريكا والإتحاد السوفيتي والصراع دة كان اسمه صراع القطبين أو الحرب الباردة وكان كل بلد منهم بتحاول تضم ليها دول، والدول اللي عملت حركة عدم الانحياز كان من سياستها أنها تقول للعالم إننا مش تبع حد، فقال "مقص" وهو يسن موس الحلاقة في الجلدة بعد أن ربط طرفها في رقبة "جودة" وأمسك طرفها الثاني بيده اليسرى أه يعني دول حزب مالناش دعوة بحد أو دول ماحدش له دعوة بالتاني، فرد عليه الصيفي أيوة يا فالح، بس ياريت تركز مع الراجل أحسن أنا حاسس أنك هاتشرحه النهاردة.
رد جودة أيوة يا عم "عدلي" الله يخليك خلى بالك أحسن يكون " مقص" فاهم إن حكاية الانحياز دي غلط ويجيب رقبتي.
أكمل "الصيفي" حديثه قائلاً: الغريب إن الهدف من موضوع عدم الانحياز انتهى خلاص ومش فاهم إيه الجدوى من تكراره تاني دلوقتي، فرد عليه "مقص" بلغة الفاهم والعالم: أيوة إحنا دلوقتي في زمن "العولوا" ، قال له "جودة" أنت هاتعمل فيها فاهم ركز في اللي أنت فيه وخلصني بقى دة أنت رخم فعلاً، وأضاف ثانيًا في فيه حاجة في الدنيا اسمها "عولوة"؟!
ضحك "الصيفي" وقال: اسمها العولمة، وقبل ما حد فيكو يفتي مالهاش دعوة بالعوالم وشارع محمد على دي باختصار بتقول إن العالم هايكون له نظام سياسي واقتصادي واحد ودة لأن العالم دلوقتي مافوش غير قطب واحد.
رد عليه "جودة" قائلاً: أكيد مش قطب الخضري اللي أول سوق المماليك وضحك ومد يده مسلمًا على "الصيفي" بطريقة أحدثت فرقعة عالية، وقال الصيفي يا بني مرة أثناء ما حركة عدم الانحياز دي كانت في مجدها وسافر الإتحاد السوفيتي زعمائها وأستقبلهم "خرشوف" فقاطعة "جودة" قائلاً: يا عم عدلي " الكانتالوب "أحلى سأله "الصيفي": كانتالوب إيه وأحلى من مين؟
رد "جودة" أيوة الكانتالوب أحلى ميت مرة من الخرشوف، قاله يا بني حرام عليك "خرشوف" دة اسم رئيس الإتحاد السوفيتي، وأستقبل عبد الناصر وتيتو ونهرو في الميدان الأحمر....... وسكت عن الكلام ونظر لهما معًا فوجدها محملقين فيه ببله، فأكمل كلامه قائلاً: أيوة بالضبط زي ما فهمتوا الميدان الأحمر دة اللي قدام النادي الأهلي وسمه الأحمر علشان الأهلاوية بيتجمعه فيه رافعين أعلام الأهلي الحمراء بعد ما الأهلي بيكسب الزمالك، فصرخ "مقص" المعروف بتشجعيه للأهلي في جودة زعيم الزمالكاوية في السوق قائلاً: مش قلت لك "الأهلي حديد". |