George Zoega
( 1755 – 1809 )
إعداد/ ماجد كامل
يمثل العالم الدانماركي جورج زويجا (1755- 1809) اهمية وقيمة كبيبرة في تاريخ الدراسات المصرية بصفة عامة ؛ والدراسات القبطية بصفة خاصة ؛ حيث مازال الفهرس الذي قام بفهرسته للمخطوطات القبطية يمثل اهمية تاريخية كبيرة رغم مرور أكثر من 208 عام علي صدوره( 2018 – 1810 ) . أما عن زويجا نفسه ؛ فلقد ولد في 20 ديسمبر 1755 من اسرة ترجع جذورها إلي جنوب إيطاليا . وكان والده يعمل راعيا بروتستانيا Protestant Pastor ؛ووالدته تدعي " هنريت كلاسون " ولقد تعلم في طفولته في منزله ؛ ثم ألتحق بعدها بجامعة جونتجن Gottingen ثم لبيزج Leipzig بعدها ؛ ولقد درس الفلسفة Philosophy والدراسات اليونانية الرومانية Classic . وخلال أحدي رحلاته إلي إيطاليا ؛أبدي اهتماما خاصا بدرسة الآثار Archeology وبعدها تفرغ تماما لدراستها خلال عام 1783 ؛ حيث قام بفهرسة وتصنيف العملات الموجودة بالمتحف القومي بكوبناهجن . ثم تم إرساله إلي بعثة في مدينة روما ؛ وهناك وجد ترحيبا حارا من الكاردينال بورجيا ( 1731- 1804 ) . كما دعمه بابا روما في ذلك الوقت ؛ وقام بإنشاء كتالوج بورجيا للعملات المصرية Catalog of the Borgia Egyptian coins . وأهتم بعدها بفك شفرة Decipherment اللغة الهيروغليفية؛وتعلم في ذلك اللغة القبطية .
وفي عام 1790 عين عضو شرف في أكاديمية الفنون في كوبنهاجن Honorary member of the Academy of Art in Copenhagen . واعتبارا من عام 1798 ؛ أصبح زويجا عضوا في أكاديمية العلوم في كوبنهاجن ؛حيث صار استاذا للدراسات المصرية والقبطية Egypt logical and Coptic studies . ولقد أستمر زويجا في العمل والانتاج حتي توفي في 10 فبراير 1809 عن عمر يناهز 54 عاما أثري فيها مكتبة المصريات والقبطيات بالعديد والعديد من الكتابات القيمة . ولعل العمل الاعظم الذي خلد ذكري زويجا كواحد من كبار علماء اللغةالقبطية علي مر التاريخ ؛ هو الكتالوج الشهير الذي وضعه في روما خلال عام 1810م باسم "فهرس المخطوطات القبطية المجلدةالمحفوظة في متحف جورجيا Catalogus codicum copticorum manuscriptorum . Rome . . ولقد اعيد طبعه ونشره في لايبزج بالمانيا عام 1903 ؛ وتوجد منه نسخة مصورة محفوظة في مكتبة دير القديس العظيم ابو مقار .ويذكر لنا الدكتور إبراهيم ساويرس مدرس الادب القبطي بجامعة سوهاج عن اهمية هذا الكتالوج فيقول عنه " لا يمكن لمنصف ان يتجاهل كتالوج زويجا للمخطوطات القبطية التي كانت بحوزة الكاردينال ستيفانوا بورجيا كحجر أساس في الدراسات القبطية؛ وكذلك في دراسات المخطوطات والباليوجرافي بصفة عامة . في بداية الأمر كان زويجا يعتبر القبطية لغة صعبة جدا ؛ ولم يكن يرغب في استكمال العمل فيها . لكن الظروف المحيطة ؛وتنامي عدد المخطوطات القبطية في مكتبة الفاتيكان جعله يغير رأيه . ولقد بدأ العمل بجدية وجمع كل ما توصل إليه من منشورات عن مصر المسيحية؛ وأنتج هذا الكتالوج الرائع ؛ بل وفكر في إعداد قاموس للغة القبطية . وكان أحد أغراض زويجا هو تحقيق ونشر وترجمة كل ما وصلت إليه يديه ؛ لكن الظروف لم تمكنه من ذلك . ولقد قسم زويجا كتالوجه إلي ثلاثة لهجات هي البحيرية وارد دير أبو مقار؛ والفيومية وارد الفيوم ؛ والصعيدية وارد الدير الأبيض بسوهاج . ولقد أدرك زويجا منذ البداية الأهمية المطلقة للهجة الصعيدية ولكتابات القديس الأنبا شنودة ونجح في التعرف علي عدد من النصوص الكتابية والسير وغيرها .كما نجح في إبداء تعليقات وآراء مهمة عن عدد وأحجام المخطوطات ؛وطرق ترقيمها ؛ وكولوفوناتها كانت محل احترام كل الجيل التالي له علي مدي قرن من الزمان . وأخيرا فقد كان هذا الكتالوج أحد أدوات جان فرانسوا شامبليون في أبحاثه لاحقا ".
. ولقد أستكمل عمل زويجا العالمان هيبلنك Hebbelynck وفان لانشوت Van Lantschoot خلال الأعوام (1937- 1947 ) بأن أضافا إليه بقية المخطوطات القبطية المحفوظة في الفاتيكان ؛ وفي مجموعات بربريني Barberini وبورجيا Borgia وروسي Rossi .( الراهب اثناسيوس المقاري :- اللغة القبطية ومخطوطاتها وفهارسها وقواميسها ؛ موقع علي جوجل ).
ولقد قام زويجا من خلال عمله في فك رموز حجر رشيد Rosette Stone ؛ قام بالتعاون مع العالم الفرنسي سلفستر دي ساسي ( 1758- 1838 ) بمساعدته في ضبط نطق بعض حروف الخط الديموطيقي المكتوب بها حجر رشيد ( حجر رشيد مكتوب بثلاث لغات :- الهيروغليفية ؛ الديموطيقية ؛ اليونانية) . مما كان عاملا مساعدا كبيرا في فك رموز حجر رشيد علي يد العالم الفرنسي شامبيلون ؛ وكان ذلك في 14 سبتمبر 1822 .
ولقد كتب زويجا أيضا بعض المقالات القصيرة في الآثار الكلاسيكية Classical Archaeology . تمت ترجمتها إلي اللغة الإلمانية لاحقا خلال عام 1817 ؛ كما قام بعمل طوبغرافية ( علم تضاريس وملامح مساحة الارض the study of the shape and features of land surface) لمدينة روما .
أيضا من ضمن قائمة مؤلفاته المذكرة "النقود في الامبراطورية المصرية :- روما 1787 " وبعض الكتب الأخري مكتوبة باللغة اللاتينية لم أتمكن من ترجمتها .
ويذكر لنا الدكتور صابر جبرة في كتابه "تاريخ العقاقير والعلاج" تحت عنوان "ورقة زويجة الطبية" انها مجموعة من الأوراق الطبية المحفوظة في الفاتيكان وتتكون من ورقتين من البارشيما( اللفافة المصنوعة من جلد الماعز ؛والكلمة منسوبة لبلدة برجاموم التي اشتهرت بهذه الصناعة كما أفادنا بذلك الدكتور جمال هرمينا صاحب موسوعة الفن القبطي ) يتكونان من أربع صفحات ؛وتحتوي علي 45 تذكرة لأمراض الجلد ؛ وهي جزء من كتاب يحتوي علي 2800 ورقة ؛مكتوبة باللغة القبطية الصعيدية ؛ويقول في أحد تذاكره انه مترجم عن الورقة الطبية التي كانت محفوظة في مكتبة إيمحتب بمنف ؛ ويمتاز هذا الكتاب بظهور تأثير المسيحية فيه تأثيرا واضحا ؛إذ قد تغيرت أسماء الآلهة المصرية في التمائم والتعاويذ بأسماء الملائكة المسيحية " ( المرجع السابق ذكره ؛ دار هنداوي للتعليم والثقافة ؛2014 ؛ صفحة 39 ) .
كما كتب عنها الاستاذ الدكتور إسحق إبراهيم عجبان في كتابه " اللغة القبطية :- أهميتها ... نشاتها ... تاريخها " فقال عنها " ومن اشهر المخطوطات القبطية في الطب : بردية زويجا علي رق غزال وترجع للقرنين السابع والثامن ؛وتحتوي علي 45 وصفة طبية أغلبها للأمراض الجلدية ". ( الكتاب السابق ذكره ؛ صفحة 50 ) .
والجدير بالذكر أن رائعة الروائية الكبيرة الاستاذة سلوي بكر "شوق المستهام" كلها مستوحاة من وحي هذا القرطاس ؛وهي تروي قصة راهب ذهب إلي معبد منف بحثا عن هذه البردية ؛ حتي أنها كتبت في مقدمة الرواية " إلي ذلك المجهول الذي ذهب إلي معبد أمحوتب في منف وزويجا ... رغم كل شيء ". ( الرواية المذكورة ؛ مركز الأهرام للنشر ؛ 2015 ).
بعض مراجع وأسانيد المقالة :-
1- Aziz . S .Atia :- The Coptic Encyclopedia volume 7 . Page 2371 .
2- صابر جبرة :- تاريخ العقاقير والعلاج ؛ مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة ؛2014 .
3- إسحق إبراهيم عجبان :- اللغة القبطية أهميتها ؛ نشاتها ؛ تطورها ؛المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي ؛ سبتمبر 2010 .
3- سلوي بكر :- شوق المستهام (رواية ) ؛ مركز الأهرام للنشر ؛ 2015 .
4- بعض المواقع المتناثرة علي شبكة الانترنت .
5- شكر خاص للأخ الحبيب الدكتور إبراهيم ساويريس مدرس الأدب القبطي بجامعة سوهاج لتفضله بإمدادي ببعض المعلومات المكتوبة القيمة عن العالم الكبير وأهمية الكتالوج الخاص به
؛ كما أشكر المهندسة إيريني ناشد أمينة مكتبة معهد الدراسات القبطية بالقاهرة لتفضلها بإمدادي ببعض المراجع العلمية القيمة ؛ وأشكر أيضا الأخ الحبيب الدكتور نادر ألفي مدرس الإرشاد السياحي بجامعة السادات وأستاذ الآثار القبطية بمعهد الدراسات القبطية لتفضله بمساعدتي في ترجمة بعض الفقرات الصعبة عن اللغة الإنجليزية . شكر خاص للدكتور جمال هرمينا صاحب موسوعة الفن القبطي علي صبره الكبير علي كثرة أسئلتي واستفساراتي . وشكر أخير للدكتورة نجلاء حمدي الباحثة بالمعهد الفرنسي للآثار الشرقية لمساعدتها في الترجمة لبعض المصطلحات اللاتينية .