طارق الشناوي
يحتفل أغلبية العالم المسيحى من (الكاثوليك) و(البروتستانت) وعدد آخر من الطوائف بعيد الميلاد المجيد، الأربعاء المقبل، بينما (الأرثوذكس)، وهم يشكلون الأغلبية فى مصر، فيقيمون احتفالهم 7 يناير.
كل العالم يحتفل - بعيدا عن الديانة والطائفة - برأس السنة ليلة 31 ديسمبر، لماذا لا نجعل هذا اليوم مختلفًا فى البيت المصرى، ويتاح فيلم (حياة وآلام يسوع المسيح) للجميع؟.. (التترات) تشير صراحة إلى أنه مصرى، الفيلم عُرض تجاريًا قبل أكثر من 65 عامًا، فى وقتٍ كانت فيه الرقابة لا تُقيّدها تلك اللائحة الملزمة، التى تم إقرارها من الأزهر الشريف فى نهاية العشرينيات من القرن الماضى، وتقف حائلًا دون تجسيد الأنبياء.
(المسيح) أُنتج عام 1938، وتمت (دبلجته) إلى العربية غالبًا منتصف الخمسينيات، تعتقد وأنت تدير القرص أن السينما المصرية تقدم فيلمًا روائيًا عن حياة السيد المسيح- عليه السلام- وتقرأ أسماء: أحمد علام فى دور «المسيح»، وعزيزة حلمى السيدة «مريم»، وسميحة أيوب «مريم المجدلية»، وتعددت أسماء النجوم: توفيق الدقن، وصلاح سرحان، وسعد أردش وغيرهم.. وفى النهاية يأتى وعلى استحياء ذِكر أن النسخة العربية إخراج محمد عبدالجواد، والحقيقة أن تعبير (النسخة) أيضا مخادع، الفيلم ليس له سوى نسخة واحدة إيطالية، (الدوبلاج) لا يمنح للفيلم جنسية أخرى، ولكن دعونا نعتبره مصرى الصوت.
سارعت بالاتصال بالفنانة الكبيرة «سميحة أيوب»، التى أكدت أن الفيلم عُرض فى سينما «ميامى» أو «ريفولى» فى الخمسينيات- لا تتذكر على وجه الدقة- الدولة وافقت على عرضه جماهيريًّا، وكما ترى فإن كل من شارك فى تنفيذه مسلمون، ولم تكن خانة الديانة وقتها تستوقف أحدًا.. فقط أذكّركم، عندما شرع المخرج منير راضى فى تنفيذ فيلم (فيلم هندى) الذى يقدم علاقة صداقة بين مسلم ومسيحى، 10 من شباب نجوم السينما اعتذروا عن عدم لعب دور مسيحى لمجرد أنه مسيحى، ما اضطره لإسناد الدورين لأحمد آدم وصلاح عبدالله، وفكر وقتها المخرج فى فضح هؤلاء الخائفين على (التترات).
على مستوى الأداء الصوتى، الشريط مقدم بحرفية عالية، تلمح جهد مخرج يضبط أداء الممثلين الصوتى (السينكرون) مع حركة الشفاه، وبمقياس الزمن أعتبره طفرة، كما أنه يقدم الممثل «أحمد علام» بصوت ملىء بالنقاء والطهر للسيد المسيح، وقالت لى عنه سميحة أيوب إنه أروع من اعتلوا خشبة المسرح.
سميحة أيوب تؤدى بروعة دور «مريم المجدلية»، وعبارة المسيح الشهيرة تسكن وجدانى عندما عاتبه اليهود قائلين فى شريعة «موسى» إن الزانية تُرجَم، فقال لهم: «ولكن أنا أقول لكم من كان منكم بلا خطيئة فليُلقِ الحجر الأول».. ولم يجرؤ أحد!!.
الدولة منذ الستينيات وهى تمنع عرض أفلام عن السيد المسيح، لأن الأزهر يرفض تجسيد صورة الأنبياء، وفيلم «آلام المسيح» لميل جيبسون عُرض قبل 15 عاما بقرار من «د. جابر عصفور»، أمين عام المجلس الأعلى للثقافة وقتها، ولم يعترض الأزهر، وهذا يعنى أن القرار غير مُلزم.. بالطبع الأحكام الرقابية الحالية لا تبيح العرض، علينا أن نُسقط أى قرار يتعارض مع منطق الزمن!!.
القرآن الكريم رحب بممارسة كل العقائد والطقوس، فلماذا تضيق عقول البعض؟.. وهو أيضًا ما نص عليه الدستور صراحة، فلماذا لا يفعلها التليفزيون، ويهدى (يسوع المسيح) للمصريين جميعًا فى 2020؟!.
نقلا عن المصرى اليوم