أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن القيادة السياسية الحكيمة تؤمن بأن المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة هي السبيل الأمثل لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية خلال المرحلة المقبلة؛ لما تسهم به في الناتج القومي، وما تتيحه من فرص واسعة للتشغيل والنمو، إذا ما أزيلت من أمامها المعوقات، وأتيحت لها فرص التمويل والتطوير، وتهيأت لها سياسات التحفيز بمختلف أشكالها، لذلك فإن مصر تفتح ذراعيها للتعاون فى هذا المجال الواعد مع كل شركاء التنمية بمختلف أنحاء العالم؛ لتحقيق غدٍ أفضل للمصريين.
وقال معيط - خلال كلمته في المؤتمر العلمي الثالث للجمعية العلمية للتشريع الضريبي، بعنوان «المشروعات الصغيرة والتنمية المستدامة» بحضور الدكتور رابح رتيب رئيس المؤتمر، والمحاسب حسن عبدالمجيد المنياوي الرئيس الشرفي للمؤتمر، والدكتور عرفان فوزي أمين عام المؤتمر، إن برنامج الإصلاح الاقتصادي نجح فى تمهيد الطريق لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وارتكز على التوسع في مشروعات البنية الأساسية، والمشروعات التنموية الكبرى في المجالات الزراعية والصناعية واللوجستية والتجارية والملاحية وغيرها؛ بما يُسهم فى خلق مزيد من فرص العمل وتنشيط الحياة الاقتصادية وتحسين الخدمات العامة.
وأشار إلى أهمية قطاع المشروعات الصغيرة باعتباره ركيزة أساسية للاقتصاد المصرى؛ إذ يوفر سبل العيش للشريحة الأكبر من السكان، حيث يقوم بتشغيل ٧٥٪ من إجمالي القوى العاملة بمصر بواسطة أكثر من ٢،٥ مليون منشأة متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة، موضحًا أن المشروعات متناهية الصغر التي توظف أقل من ٥٠ عاملًا فى المنشأة الواحدة، تمثل نحو ٩٩٪ من إجمالى مشروعات القطاع الخاص بمصر، ولكن أكثر من ٨٠٪ من هذه المشروعات - وفق بعض التقديرات - تعمل خارج إطار الاقتصاد الرسمي لما تواجهه من تحديات بدأت الحكومة بالفعل فى تذليلها لجذب هذه المشروعات للاقتصاد الرسمي.
وأضاف: أن وزارة المالية بالتنسيق مع مؤسسات الدولة تبنت استراتيجية متكاملة لتنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وزيادة حجم أعمالها وجذب الشباب للعمل فى هذا القطاع الحيوي، موضحًا أن أرقام الموازنة العامة للدولة تعكس تزايد الإنفاق العام الداعم للمشروعات الصغيرة، ففى الفترة من «٢٠٠٦ -٢٠٠٧» إلى « ٢٠١٧ -٢٠١٨» تم إنفاق ٦.٥ مليار جنيه لدعم ترفيق المناطق الصناعية، كما تم تخصيص ٤ مليارات جنيه بميزانية العام المالى الماضي، و٥ مليارات جنيه بموازنة العام الحالي لأغراض ترفيق المناطق الصناعية.
أوضح أنه في إطار التوسع في إنشاء المدن الصناعية المتخصصة القائمة على الصناعات المغذية الصغيرة ومتناهية الصغر، تم تدبير اعتمادات مالية لمشروع إنشاء وتجهيز مدينة الروبيكي للجلود تبلغ ٩٥٢ مليون جنيه خلال العامين الماليين ٢٠١٦ - ٢٠١٧، و٢٠١٧ - ٢٠١٨، و١١٦ مليون جنيه لمدينة دمياط للأثاث خلال العام المالى الماضي، لافتًا إلى أن مجلس النواب يناقش حاليًا مشروع قانون يستهدف تشجيع المشروعات الصغيرة من خلال منحها حزمة من الحوافز الضريبية ووضع نظام مبسط للإجراءات الضريبية يعفي هذه المشروعات من أى أعباء فنية أو محاسبية، ويُسهم فى تحفيز الاقتصاد غير الرسمي على الانضمام للمنظومة الرسمية، بما ينعكس إيجابيًا على النمو الحقيقي للاقتصاد القومي وزيادة الإيرادات العامة للدولة.
وأشار إلى أن مجلس النواب يناقش أيضًا مشروع قانون الإجراءات الضريبية الموحدة الذي يهدف إلى تبسيط الإجراءات وتيسيرها خاصة على صغار الممولين؛ لجذبهم للاقتصاد الرسمي، موضحًا أن قانون تنظيم التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة الصادر برقم ۱۸۲ لسنة ۲۰۱۸ تضمن بعض الأحكام الداعمة للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر مثل: قصر التعاقد بواسطة المناقصة المحلية فيما لا تتجاوز قيمته ۲ مليون جنيه، على المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بالمحافظة التي تقع بها ويتم فيها تنفيذ برنامج التعاقد، وإلزام الجهة الإدارية بتخصيص نسبة لا تقل عن ٢٠٪ من قيمة احتياجاتها السنوية للتعاقد مع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، واعتبار العطاء المقدم عن الخدمات أو الأعمال الفنية التي تقوم بها جهات مصرية أقل سعرًا إذا لم تتجاوز نسبة الزيادة فيه ١٥٪ من قيمة أقل عطاء أجنبي، واعتبار المنتج المقدم عن توريدات مستوفاة لنسبة المكون الصناعي المصرى أقل سعرًا إذا لم تتجاوز نسبة الزيادة فيه ١٥٪ من قيمة أقل عطاء غير مستوفٍ.
وقال إن وزارة المالية شاركت من خلال عضويتها بالمجموعة الاقتصادية ومجلس الوزراء، في دراسة عدد من التشريعات التي أخذت طريقها إلى النور مفسحة مجالات أرحب لتنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، من أهمها: قانون التمويل متناهي الصغر رقم ١٤١ لسنة ٢٠١٤، وقانون تفضيل المنتجات المصرية في العقود الحكومية رقم ٥ لسنة ۲۰۱۰، وقانون تيسير إجراءات تراخيص المنشآت الصناعية رقم ١٥ لسنة ۲۰۱۷، وقانون الاستثمار رقم ۷۲ لسنة ۲۰۱۷، لافتًا إلى أن من بين الأهداف الرئيسية للحكومة خلق مزيد من فرص عمل للشباب الذي يمثل أكثر من نصف السكان، وذلك في مختلف القطاعات الاقتصادية، خاصة من خلال ريادة الأعمال والعمل الحر في مجال المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.
وأشار إلى أن التنمية المستدامة بمصر الآن باتت تكتسب أهمية كبرى لدى الدولة بمختلف مؤسساتها، باعتبارها محورًا أساسيًا تركز عليه الدولة، وتنتهجه الحكومة لتحقيق الأهداف المنشودة وفق ما بينه الدستور المصرى الذى نص على أن النظام الاقتصادي يهدف إلى تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، ورفع مستوى المعيشة، وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، والقضاء على الفقر.